ماذا بعد نصرالله؟
إثنان وثلاثون عامًا على رأس “الحزب”، أمضى أكثر من نصفها متواريًا، منذ صيف العام ٢٠٠٦، إثر حرب تموز حتى يوم اغتياله. ثمانية عشر عامًا، لم يخرج إلى العلن إلا نادرًا لأنه كان الرقم واحد على لائحة الاغتيالات الاسرائيلية، وعلى رغم التواري، نجحت إسرائيل في اغتياله بعدما كانت اغتالت أذرعه من قياديي الصف الأول
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
في اعتقادي أن لا أحد يدّعي أنه قادر على الإجابة عن السؤال – اللغز، ماذا بعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله؟ بديهية السؤال أنّ نصرالله هو محور الحزب منذ أصبح على رأسه في العام ١٩٩٢ حين خلف الأمين العام السابق السيد عباس الموسوي الذي اغتالته إسرائيل بصاروخ استهدف سيارته، ومنذ ذلك التاريخ والسيد نصرالله على رأس الحزب، وقد عُدِّل النظام الداخلي للحزب ليكون أمينًا عامًا للحزب مدى الحياة.
إثنان وثلاثون عامًا على رأس حزب الله، أمضى أكثر من نصفها متواريًا، منذ صيف العام ٢٠٠٦، إثر حرب تموز، حتى يوم اغتياله، ثمانية عشر عامًا، لم يخرج إلى العلن إلا نادرًا، لأنه كان الرقم واحد على لائحة الاغتيالات الإسرائيلية، وعلى رغم التواري، نجحت إسرائيل في اغتياله، بعدما كانت اغتالت أذرعه من قياديي الصف الأول.
السيد نصرالله كان ممسكًا بكل الملفات: من الملف الفلسطيني إلى الملف السوري إلى الملف اليمني، كما كان ممسكًا بالملف الداخلي اللبناني، رئاسيًا وحكوميًا ونيابيًا وإداريًا، وحتى عسكريًا وأمنيًا، حتى بملف التفاوض والترسيم، هذا الإمساك بكل هذه الملفات مجتمعةً، جعل منه الرقم واحد في البلد، وكان لا “يمشي” شيء في البلد من دون ان يمر في حارة حريك، فملف الترسيم البحري مرّ في حارة حريك، وكذلك ملف رئاسة الجمهورية، وقبله ملف الانتخابات النيابية حين كان له الكلمة الفصل في إجراء التسويات والمصالحات في تركيب اللوائح.
ليس في ما سبق مغالاة، كان هذا هو الواقع، ويروى أنه بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان عام ٢٠٠٥، وحين كان حلفاء سوريا يزورن دمشق للوقوف على رأيها في ملفات معينة، كانت القيادة السورية تختصر لهم الموقف كالتالي: “الملفات اللبنانية عند السيد نصرالله، راجعوه”.
اليوم مَن سيخلف السيد نصرالله في تولي كل هذه الملفات؟ التركيبة الفولاذية لهرمية حزب الله، لا تتيح الكثير من الاجتهادات، ولكن وبصرف النظر عمن سيكون الأمين العام الرابع لحزب الله، بعد الشيخ صبحي الطفيلي والسيد عباس الموسوي والسيد حسن نصرالله، فإنّ طريقه لن تكون منبسطة على الإطلاق، بل ستكون محفوفة بالمخاطر والألغام، لأنه يأتي في خضمّ تطورات لم يشهد حزب الله مثيلًا لها منذ تأسيسه إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام ١٩٨٢:
فهناك الخسائر في الأرواح التي مني بها الحزب، وليست مبالغة القول أنّ الحزب فقد القسم الكبير من قيادات الصف الأول من مسؤولين عسكريين وأمنيين، ومعظم هؤلاء كان لهم باع طويل في الحروب وفي المعارك من بيروت إلى اليمن مرورًا بسوريا، وليس من السهل أن تكون هناك نخبٌ كافية للحلول محلهم، فأيّ “مهمة مستحيلة” سيتولى مَن سيحلّ محلّ السيد نصرالله؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |