التأمل المتيقظ ليس وهماً بل يخفف الآلام بصورة فعلية
إذا كنت تشعر بألم شديد، فقد لا تتقبّل بجدّية النصيحة بأخذ نفس عميق وتلقّي الأحاسيس في جسدك. في المقابل، أشار بحث جديد حلّل أنماط الألم في صور الرنين المغناطيسي، إلى أن #التأمل الذهني المُتيقِّظ Mindful Meditation كوسيلة لتخفيف الألم ليس مجرد علاج وهمي، بل يسهم بالفعل في تخفيف الألم.
يتمثل التأمل المُتيقِّظ في تركيز الذهن على مجريات الأحاسيس في الجسد بطريقة حيادية. نشأ ذلك النوع من التأمل في التقاليد الهندوسية والبوذية، ولكنه انتشر في الغرب في العقود الأخيرة، واهتم به علماء متخصصون.
العقل متاهة كبرى
يرى الاختصاصي في التخدير من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو فاضل زيدان، أن “العقل قوي للغاية، وما زلنا نعمل على فهم كيفية استخدامه في التحكم بالألم”، وفق ما نشرت مجلة “ساينس أليرت” Science alert.
من خلال فصل الألم عن الذات والتعامل معه بحيادية،يستطيع التأمل المُتيقِّظ تعديل تجربتنا مع الألم بشكل مباشر. ومن المستطاع ممارسة ذلك التأمل في أي مكان.
وكذلك سعى عالِم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، غابرييل ريغنر، بالتعاون مع فاضل زيدان وزملائهما، إلى التعرف على شيفرة الأنماط المميزة للألم في الدماغ، وبالتالي، تحديد إن كان تخفيف الألم بواسطة التأمل المُتيقِّظ هو أمر فعلي، أو مجرد تأثير وهمي.
وبالتالي، عمد العلماء إلى تقسيم 115 مشاركاً سليماً على تجربتين سريريتين منفصلتين. في كلتا التجربتين، قام الباحثون بلمس الجزء الخلفي من الساق اليمنى لكل مشارك بمسبار ساخن، ما أدّى إلى موجات من درجات الحرارة المؤلمة ولكن غير الضارة.
وخضعت أدمغة المشاركين إلى الفحص باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي قبل وبعد التجارب، بهدف تقييم شدّة الألم وعدم ارتياحه على مقياس للألم من 0 إلى 10.
قبل هذه الدراسات، تلقّى بعض المشاركين تدريباً على التأمل المُتيقِّظ من قبل مدربين عبر 4 جلسات منفصلة، مدة كل منها 20 دقيقة. تعلموا خلالها كيفية التركيز على تغيرات إيقاع تنفسهم، والاعتراف بالأفكار والمشاعر والعواطف التي قد تظهر من دون تفاعل أو حكم.
في المقابل، دُرِّبَت مجموعة أخرى على تأمل وهمي يقتصر على التنفس العميق، بينما لم تُعطَ مجموعة ثالثة سوى كريم وهمي من الفازلين، مع إدعاء بأنه سيقلّل الألم.
واستُخدمت فحوصات الرنين المغناطيسي لجمع بيانات حول مجموعة متنوعة من أنماط الألم، بهدف التعرف على الفارق بين الآلام الفعلية والمتوهة.
نتايج إيجابية
والنتيجة؟ أدّى التأمل المُتيقِّظ إلى تقليل كبير في الآلام بالمقارنة مع التنفس العميق غير المُتيقِّظ، والدواء الوهمي.
وعبر التحليل والتدقيق في الصور والبيانات، اتضح للعلماء أن التأثيرات الإيجابية للتأمل المُتيقِّظ تستند إلى آليات خاصة به، وأظهرت فائدة فعلية في تخفيف الألم.
ويأمل الفريق أن تساعد هذه النتائج في علاج ملايين الأشخاص، خصوصاً من آلام مزمنة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم.