“الطريق ما زال طويلاً”… إلى متى سيصمد “الحزب” في القتال؟


خاص 9 تشرين الأول, 2024

بعدما أعلنت إسرائيل عن بدء هجوم بري محدود على لبنان، يسأل المراقبون عن مدى قدرة “الحزب” على الاستمرار في القتال، بعد الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل لعدد من قادة الصف الأول في الحزب، من العسكريين والسياسيين ومن بينهم أمينه العام

كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

يمر لبنان بأزمات متعددة، فهو لم ينهض من الكبوة الاقتصادية، حتى دخل في فراغ رئاسي، بات يُعطّل عمل مؤسسات الدولة منذ سنتين تقريباً، ويعمّق الخلافات، والآن تشنّ إسرائيل عليه حرباً مدمّرة، بحجة إبعاد حزب الله عن الحدود إلى شمال نهر الليطاني، ونزع سلاحه، وإعادة المهجّرين إلى مستوطنات الشمال.

ويسأل اللبنانيون عن اليوم التالي للحرب في ظل غياب المبادرات السياسية الجدية للحل، وضعف الإجراءات الحكومية اللبنانية، وتعطل العام الدراسي، وتهجير أكثر من مليون نازح من قراهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.

وفيما أعلنت إسرائيل عن بدء هجوم بري محدود على لبنان، يسأل المراقبون عن مدى قدرة حزب الله على الاستمرار في القتال، بعد الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل لعدد من قادة الصف الأول في الحزب، من العسكريين والسياسيين، ومن بينهم طبعاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

إعلان حالة الطوارئ

وفي هذا الإطار يقول الخبير في الشؤون العسكرية والقانون الدولي أكرم كمال سريوي لـ “هنا لبنان”: إن حالة الطوارئ في القانون اللبناني هي نظام مدني، يمكن وضعه موضع التنفيذ لمواجهة الأخطار الداهمة، الناشئة عن خلل خطير في السلامة العامة، أو عن حوادث تأخذ طابع الكارثة العامة”.

وفي لبنان يستند إعلان حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية إلى نص المرسوم الاشتراعي رقم 52 تاريخ 1967/8/5. وقد أعلن لبنان حالة الطوارئ عدة مرات، آخرها عام 2020 لمواجهة أزمة جائحة كورونا.

وتدور الحرب في جنوب لبنان منذ سنة تقريباً، وتوسّعت في الآونة الآخيرة لتشمل غيرها من المناطق، وتهدد باجتياح منطقة جنوب الليطاني. وهناك بعض الأصوات في إسرائيل، التي تدعو إلى ضم هذه المنطقة، وتهجير أهلها، وإقامة مستوطنات إسرائيلية فيها، إضافة إلى دعوات لنقض اتفاق الحدود البحرية مع لبنان.

وقد تسببّت الحرب بنزوح مئات الآلاف من الجنوب والضاحية الجنوبية، وبات قسم كبير منهم يفترش الطرقات في العاصمة بيروت وغيرها من المدن والقرى، إذ لا يجدون مأوى لهم حتى ولو خيمة صغيرة.

إزاء كل هذه التطورات، يعتبر سريوي أنّ “الحكومة اللبنانية تتعاطى مع الوضع الحالي وكأنه مرحلة عادية، وكل الإجراءات المتخذة لا ترقى إلى مستوى المعالجة، ولا تنمّ عن شعور حقيقي بالمسؤولية، وتتذرع الحكومة بنقص الإمكانات والتمويل اللازم، لكن هذه التبريرات غير مقنعة من دولة اقترضت وأنفقت عشرات مليارات الدولارات في مشاريع غير منتجة، وذهبت غالبية هذه المبالغ إلى جيوب السماسرة والتجار والسياسيين، ثم ترفض الآن أن تفعل ما يلزم لإيواء النازحين”!

ويسأل سريوي: “لماذا لا تطلب الحكومة من المجلس النيابي منحها صلاحيات استثنائية، لمعالجة الأزمات المتعددة، ولماذا لم تجتمع بعد ولم تُعلن حالة طوارئ في البلاد؟ فهل من ظرف أصعب من هذا الظرف وُضعت لأجله نصوص إعلان حالة الطوارئ ؟”

وبرأيه “أنّ بعض الأحزاب السياسية ما زال ينتظر نتائج الحرب، ليقرر كيف سيبني موقفه من انتخاب رئيس للجمهورية، وربما ينتظر البعض أن تقضي إسرائيل على حزب الله، حتى يتسنى له فرض شروطه في المعادلة الجديدة”.

مصير الحرب

وعند سؤاله حول كيف ستنتهي هذه الحرب وقدرة حزب الله على الاستمرار بالقتال؟ يقول سريوي: “لا شك أنّ إسرائيل تملك تفوقاً في الأسلحة، وهي مدعومة بشكل كامل من الغرب، ولولا هذا الدعم لما استطاعت أن تصمد لا عسكرياً ولا من ناحية اقتصادية، فالحرب كلّفت إسرائيل حتى الآن ما يزيد عن 70 مليار دولار، إضافة إلى الخسائر البشرية والعسكرية”.

ويتابع: “منذ عام تقريباً تقول إسرائيل أنها تضرب أهدافاً عسكرية لحزب الله، وأنها دمرت معظم قدراته العسكرية، لكن سرعان ما اتضح عند أول احتكاك بري، أنّ الحزب ما زال بكامل جهوزيته العسكرية على الحدود مباشرة، وليس فقط في العمق، وأوقع خسائر كبيرة بقوات النخبة الإسرائيلية، التي حاولت التسلل إلى الأراضي اللبنانية”.

وبحسب سريوي إن إسرائيل وضعت سيناريو مشابهاً لغزة في لبنان، يهدف لقتل قيادات حزب الله السياسية والعسكرية، ثم التفاوض مع لبنان من موقع القوة، وفرض اتفاق جديد، يضمن فرض الشروط الإسرائيلية على لبنان . وهي لا تريد تطبيق القرار 1701 لأنه لا يناسبها، وترغب بالإبقاء على احتلالها للتلال الاستراتيجة الثلاثة عشر على الحدود، وترفض الانسحاب منها، كما تريد الاحتفاظ لنفسها بحق انتهاك السيادة اللبنانية، وتحليق طائراتها بشكل دائم في الأجواء اللبنانية، بحجة مراقبة خطوط امداد حزب الله، ومنع وصول الأسلحة إليه”.

كما يشير سريوي إلى “عائق كبير ظهر أمام إسرائيل في مسألة الاجتياح البري للبنان، حيث تعثرت وحدات الاستطلاع ومجموعات النخبة التي توغّلت لمسافة قصيرة على الحدود، وتكبّدت خسائر كبيرة في الأرواح، وتبيّن للإسرائيليين أن معركة لبنان ستكون صعبة ومختلفة عن معركة غزة”.

فهنا يوجد أسلحة متطورة لدى حزب الله، خاصة الصواريخ المضادة للدروع، التي يصل مداها إلى 10 كلم ودقة إصابة تفوق 99% ، في حين أن مدى الرمي الفعال الأقصى للدبابات هو 4 كلم، وهذا يوضح أن الدبابات باتت في كل ميادين القتال، تخسر المعركة في أي مواجهة مع سلاح الصواريخ المضادة للدروع، خاصة عندما تكون المدرعات تقاتل في مناطق جبلية، ومُجبرة على سلوك ممرات إلزامية، تحدُّ من حركتها وقدرتها على المناورة”.

ويضيف “هذا طبعاً إضافة إلى سلاح المسيرات والصواريخ، التي تطال عمق إسرائيل، وستشكّل خطراً كبيراً على القوات الاسرائيلية، عندما تخرج هذه الوحدات من مخابئها، ومراكزها المحصنة، لتنتشر في مناطق مكشوفة”.

وبحسب سريوي إن “النقطة الأهم في المواجهات البرية المتقاربة، هي ضعف دور سلاح الجو وسلاح المدفعية، فعندما تدور الاشتباكات على مسافة متقاربة تصل إلى حد الالتحام تعجز الطائرات عن التدخّل، مما يسمح عندها بتفوّق مقاتلي حزب الله المدربين جيداً، والذين لديهم خبرات قتالية كبيرة، ويعرفون الأرض بشكل أفضل من الجنود الإسرائيليين”.

ويضيف سريوي أنه من ناحية ثانية فإن “دخول إسرائيل إلى الأراضي اللبنانية يجعلها قوة احتلال، ويُعطي شرعية أكبر لعمليات حزب الله وسلاحه. كما أن الجيش اللبناني سيدخل المعركة وسيتصدى لأي دخول بري إسرائيلي، ولا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي، وهذا سيُحرج الولايات المتحدة الأميركية الداعم الرئيسي للجيش اللبناني”.

ويعتبر سريوي أن حزب الله يعتمد مبدأ الاقتصاد بالقوى، حيث يحافظ على معدل إطلاق صواريخ بحدود مئتي صاروخ يومياً، وهذا يجعله قادراً على الاستمرار في المعركة لمدة أكثر من سنة، دون التزوّد بالسلاح من سوريا وإيران”.

حرب العصابات

من جهته، يرى المحلل السياسي يوسف دياب أنّ “قوة حزب الله اليوم تكمن بحرب العصابات التي سيخوضها في الجنوب أكثر من القوة على الصواريخ التي أقر بها سابقاً وتصريحاته المتكررة بامتلاكه تراسانة قاهرة لا يستطيع أحد تدميرها والتي أثبتت أنها لا تستطيع مواجهة التفوق الاسرائيل، حيث استطاعت اسرائيل خلال الأيام الماضية اضعافها وتقليص قدراتها وفرض خرق أمني عليها” .

ويعتقد دياب أن “قوة حزب الله ستظهر من خلال مواجهته في الميدان وهو أكد حتى الآن نجاحه بمنع الاسرائيليين من التقدم بسرعة براً”.

ويضيف: “لا شك أيضاً أن القدرات الاسرائيلية تتفوق على قدرات حزب الله حيث أنهم يحشدون ثلاثة ألوية فيها أكثر من 35 ألف عسكري إضافة الى امتلاكه الغطاء الجوي الكافي للتقدم البري، لكن حزب الله من خلال الأنفاق والخنادق التي أنشأها وحرب العصابات أعتقد أنّ باستطاعته مواجهة الاسرائيلي وإلحاق الخسائر في صفوفه”.

هذه الحرب قد تستمر لأشهر وربما لسنوات إن أرادت إسرائيل القضاء على حزب الله، فالحزب اليوم لم يعد كما كان وضعه قبل اغتيال قائده السيد حسن نصرالله.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us