سلع أساسية فُقدت من الأسواق… اللبناني تحت رحمة تجار الأزمات


خاص 11 تشرين الأول, 2024

رغم استمرار الاستيراد، يواجه لبنان ارتفاعًا حادًا في أسعار السلع الأساسية نتيجة زيادة الطلب، لا سيما في المناطق التي تستضيف النازحين. كما أن غياب الرقابة على الأسعار واستغلال التجار للوضع الاقتصادي الهش زاد من تفاقم الغلاء المعيشي والتضخم المالي

كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

يعيش اللبنانيون كابوس الحرب و”فوبيا” فقدان السلع والمواد الغذائية من الأسواق، فالخوف عندهم لا يقتصر على أمنهم الشخصي بل “الغذائي” أيضاً، في ظل التضارب بين التصريحات الرسمية ومعاناة المواطن اليومية في تأمين السلع الأساسية وارتفاع أسعارها لا بل وتفاوتها بين المناطق.
ورغم أنّ الوزارات المختصة أكدت أنّ الوضع غير مهتز بالنسبة للمخزون الغذائي ولدينا من الإنتاج اللبناني أو المستورد ما يكفي لمدة شهرين، إلا أنّ عدداً كبيراً من اللبنانيين بدأوا يلمسون نقصاً حاداً في المواد الغذائية. وهو أمر اعتدنا عليه في لبنان، فما إن تطل أزمة برأسها على البلد حتى يبدأ تجار الازمات بالظهور الواحد تلو الآخر، فهم أبطال أساسيون لطالما عوّدونا على حضورهم وقد تجلى هذا المشهد في الأزمات السابقة.
ومؤخراً اشتكى مواطنون لموقع “هنا لبنان” من تراجع كميات المواد الغذائية إلى حدّ كبير، لا سيما المواد الأساسية مثل الأرز والطحين والحبوب والزيت والحليب والمعلبات وغيرها، جراء التهافت على شرائها وتخزينها في المنازل من جهة، واحتكار بعض التجار من أجل بيعها بالسوق السوداء وتحقيق أرباح مضاعفة من جهة أخرى.
كما اشتكى المواطنون على بعض التجار وأصحاب السوبرماركت الذين عمدوا إلى رفع أسعارهم دون أي مبرر.
ويقول أحد اللبنانيين الذين عملوا على تأمين الحصص الغذائية للنازحين في مراكز الإيواء أن سعر الحصة الغذائية في بيروت ارتفع من 8 دولارات إلى 20 دولار خلال أسبوع وكانت حجة التجار لهذا الارتفاع هي، عدم تواجد كل الأصناف في الأسواق وصعوبة تأمينها.

وللوقوف عند شكاوى المواطنين “هنا لبنان” قام بجولة إستطلاعية على عدد من السوبرماركت في بيروت، للتحرّي عن كميات البضائع المعروضة على رفوفها وفعلاً لاحظنا نقصاً كبيراً في الأصناف، وعندما سألنا مدراء هذه المتاجر أكدوا لنا أن تهافت الناس على الشراء أدى إلى هذا النقص إضافة إلى توقف الموزعين عن تسليم البضائع بحجة الأوضاع الأمنية وصعوبة التنقل.
المشهد نفسه تكرر في صيدا، مواد غذائية أساسية مفقودة على الرفوف، التوزيع شبه متوقف، والاسعار ترتفع بحسب السوبرماركت، المبرر الأول كان بسبب زيادة الطلب على السلع مقابل ضعف التوزيع، الأمر الذي أدى إلى فقدان الكثير من الأصناف وارتفاع الأسعار بحدود الـ 30%.
أما في طرابلس والتي تحتضن أكثر من 16000 نازح يبدو المشهد مختلفاً فالمواد الغذائية متوفرة وتلبي حاجات جميع السكان والأسعار ما زالت على ما هي عليه.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر خاصة من وزارة الاقتصاد لـ “هنا لبنان” أن لا مشكلة حتى الساعة في الإمدادات وهناك عدد كبير من الموزعين ما زالوا يقومون بعملهم رغم الحرب باستثناء المناطق غير الآمنة، ولكن على ما يبدو أن هناك مخطط لاحتكار السلع والمواد الغذائية من أجل رفع أسعارها أو من أجل استغلال أزمة النزوح وحاجة الناس الماسة لبعض السلع والخدمات إلا أن الوزارة ستكون لهم بالمرصاد ولن تسمح بزيادة وجع ومعاناة الناس.
كما كشفت المصادر عن سلسلة من الاجتماعات تقوم بها الوزارة من أجل وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لضمان الصمود ووصول السلع للمواطنين.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل الاقتصادي باسل الخطيب أن نقص المواد الغذائية في الأسواق يعود لأسباب عدة منها أحوال الطرقات وتعثر بعض الموزعين عن الوصول إلى المناطق المستهدفة أو المحيطة بها وبالتالي عدم تسليم البضائع للتجار وهو ما يؤدي إلى ظهور المحتكرين الذين يستغلون الظروف والأزمات من أجل إبقاء ما لديهم من سلع بغية رفع أسعارها لاحقاً، وقد تكون الحرب فرصة ذهبية لهؤلاء في ظل ضعف الرقابة وانشغال الوزارت المعنية في خطط الطوارئ ومواكبة التطورات الأمنية. وهذا ما بدأنا ملاحظته في الأيام الماضية.
ويضيف: “على الوزارات المعنية التحرك واتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من هذه الأزمة في بلد تبلغ نسبة البطالة بين شبابه 30% تقريباً، ومعدل فقر تخطى الـ 45%”.

إذًا فرغم استمرار الاستيراد، يواجه لبنان ارتفاعًا حادًا في أسعار السلع الأساسية نتيجة زيادة الطلب، لا سيما في المناطق التي تستضيف النازحين. كما أن غياب الرقابة على الأسعار واستغلال التجار للوضع الاقتصادي الهش زاد من تفاقم الغلاء المعيشي والتضخم المالي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us