إسرائيل ستضرب النووي عاجلاً أو آجلاً


خاص 17 تشرين الأول, 2024

في ظل الأحداث الجارية حالياً في لبنان وسوريا وغزة، حيث تلقّى حلفاء إيران ضربات تهددهم مصيرياً، يخطط الإسرائيليون لتوجيه ضربات إلى “الرأس”، أي إيران، يمكن أن تقود إلى هزيمة الأذرع تلقائياً

كتب طوني عيسى لـ”هنا لبنان”:

توحي غالبية المؤشرات بأن إسرائيل اقتربت كثيراً من موعد الضربة التي ستسددها إلى إيران. وهذه الضربة حتمية لأن بنيامين نتنياهو وشركاءه في حكومة الحرب يرون فرصة سانحة للتخلص من تهديد إيران النووي ونفوذها الإقليمي، ولن تتكرر.

يعتبر هؤلاء أن مواجهات إسرائيل المنفردة مع أذرع إيران، في لبنان وغزة والضفة الغربية وسوريا والعراق واليمن، لن تستأصل الخطر ما لم يُضرَب “الرأس”، أي إيران. ولذلك، وفي موازاة الحربين الدائرتين حالياً في لبنان وغزة، يتم التحضير للضربة الكبرى في إيران، والتي تراهن إسرائيل على أنها ستؤدي تلقائياً إلى تلاشي قدرات هذه الأذرع. ولأن هذا الأمر يقلق الإيرانيين فعلاً، فإنهم أخذوا على عاتقهم إدارة كل أنشطة “حزب الله” مباشرة. وظهر ذلك باستعادة “الحزب” بعضاً من قدراته وتماسكه، سواء براً في مناطق الحدود أو صاروخياً في العمق الإسرائيلي.

وتربط إسرائيل توقيت هذه الضربة بـ3 عوامل أساسية:

1- استكمال تثبيت المنظومات الدفاعية في أراضيها لمواجهة الردود الصاروخية المنتظرة من إيران وحلفائها. والأبرز منظومة “ثاد” الأميركية الأحدث في مجالها.

2- احتمال أن يكون نتنياهو وشركاؤه في صدد ضبط ساعة الضربة على لحظة الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقررة في 5 تشرين الثاني، رغبة منهم في ممارسة أقصى الضغوط على إدارة جو بايدن.

3- إنجاز المشاورات اللازمة مع بعض الدول المجاورة، لعلها تساهم في تسهيل مهمة المقاتلات الإسرائيلية، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، خصوصاً لجهة استخدام بعض المجالات الجوية. وفي المقابل، يجول وزير خارجية طهران عباس عراقجي على دول المنطقة، واحدة واحدة، للتهديد بأن طهران وحلفاءها سيردون عليها بقسوة، إذا سمحت بأي عمل عدائي من خلال أراضيها أو مجالاتها الجوية. وفي أي حال، يرجح بعض الخبراء ألا يتجاوز موعد الهجوم الإسرائيلي ثلاثة أسابيع.

يريد الإسرائيليون من الضربة المنتظرة ألا تكون “متوسطة الشدة”، كضرباتهم التي أصابت أهدافاً استراتيجية إيرانية في ظروف سابقة. وإنما يريدونها ضربات “حاسمة” و”قاتلة” كما قال وزير دفاعهم يوآف غالانت. ففي ظل الأحداث الجارية حالياً في لبنان وسوريا وغزة، حيث تلقّى حلفاء إيران ضربات تهددهم مصيرياً، يخطط الإسرائيليون لتوجيه ضربات إلى “الرأس”، أي إيران، يمكن أن تقود إلى هزيمة الأذرع تلقائياً.

وفي التفكير الإسرائيلي الأساسي، وفق ما يرشح عن أركان حكومة الحرب والجيش، أن من الحيوي استهداف الهيكلية القيادية للدولة الإيرانية، على غرار استهداف الهيكلية في كل من “حزب الله” و”حماس”، أي من رأسها حتى كوادرها العملانيين. كما يقضي التفكير الإسرائيلي بضرب مجالات القوة الثلاثة التي تتمتع بها طهران: العسكرية والنفطية والنووية.

وتوحي المؤشرات بأن نتنياهو ربما حصل على ضوء أخضر من واشنطن لضرب الهيكلية القيادية والبنى العسكرية التي تشكل تهديداً لإسرائيل. لكن واشنطن ما زالت ترفض استهداف إسرائيل للمصالح النفطية، وكذلك العرب القلقون من التسبب بانفجار أزمة نفطية عالمية. وأما المأزق الأكبر أميركياً ودولياً وشرق أوسطياً فيكمن في مخاطر المغامرة الإسرائيلية بضرب المنشآت النووية، لأنه قد يستثير ردوداً إيرانية قد لا تكون محسوبة.

لقد أطلق أركان الحكومة والجيش تطمينات إلى أنهم سيراعون هواجس واشنطن في المجال النووي ويتجنبون ضرب المنشآت، وأنهم سيعوضون ذلك بتشديد الضربات العسكرية التقليدية إلى حد التدمير، ما يشل قدرات إيران خصوصاً في مجال الصواريخ البالستية والمسيرات والاتصالات. وفي تقديرهم أن تلك الضربات ستتكفل بإضعاف قدرات إيران الإقليمية، خصوصاً إذا شاركت فيها واشنطن بحراً وجواً.

ولكن، هل ستنجح ضربة من هذا النوع في منع طهران، في شكل فاعل، من تهديد إسرائيل؟ وهل ستتكفل بشل قدرات الأذرع الإقليمية؟
بعض الديبلوماسيين يعتقد أن اقتصار الضربات الإسرائيلية المرتقبة على التصفيات الجسدية واستهداف المواقع العسكرية قد يؤدي إلى انفجار واسع للقتال في الشرق الأوسط كله، إلى حدود الفوضى التي ستتضرر منها إسرائيل أيضاً. ولذلك، في اعتقادهم، هي ستكون مضطرة إلى تسديد ضربات ولو محدودة إلى المجال النووي الإيراني، ربما تتمثل بتصفيات لأدمغة أو تعطيل لبعض المنشآت سيبرانياً، بهدف الحد من قدراتها، كما جرى في أوقات سابقة. ولكن إسرائيل ستجد نفسها مضطرة إلى تعطيل المنشآت لاحقاً، عندما تضمن تراجع القدرات الإيرانية على الرد، وفق ما يتوقع العقل العسكري الإسرائيلي.

فتعطيل النووي الإيراني حيوي، في نظر الإسرائيليين، لإضعاف النظام أو إسقاطه. وهو أولوية استراتيجية لدى حكومة نتنياهو، وسيجري العمل لتحقيقها عاجلاً أو آجلاً، وعلى دفعات متتالية وتصاعدية يجري ترتيبها وفقاً لما تسمح به الظروف. ففي النهاية، يريد نتنياهو وفريقه تطبيق الفرضية القائلة: الأولوية لإسقاط “الرأس”، أي طهران. وبعد ذلك، ستأتي البقية تلقائياً، على مستوى الأذرع في الشرق الأوسط بكامله.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us