استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية”
استعرت حملة “شيطنة” الجيش التي بدأت منذ أسابيع والتي تُقلّل من قدراته العسكرية بعد حادثة الإنزال الإسرائيلي في البترون التي استهدفت عماد أمهز، حيث تمّ تحميل الجيش مسؤولية خطفه، وإظهاره على أنّه “أضعف” من أن يكون القوة العسكرية الوحيدة التي تحمي لبنان، علمًا أنّ استغلال هذه الحادثة يأتي في وقت تستباح فيه أرض الجنوب، حيث دمّر الجيش الإسرائيلي قرى الخط الأمامي بأكملها
كتبت بشرى الوجه لـ”هنا لبنان”:
يتعرّض الجيش اللبناني لحملة من قبل جهات معروفة بهدف تقليص الدور الذي سيلعبه في الفترة المقبلة، لا سيّما مع تأكيد جميع الأطراف على حتمية تطبيق القرار 1701 الذي ينصّ على انسحاب “حزب الله” إلى ما وراء الليطاني وانتشار الجيش وحده على الحدود الجنوبية إلى جانب قوات اليونيفيل.
إلّا أنّ حملة “شيطنة” الجيش التي بدأت منذ أسابيع والتي تُقلّل من قدراته العسكرية، “استعرت” بعد حادثة الإنزال الإسرائيلي في البترون التي استهدفت عماد أمهز، حيث تمّ تحميل الجيش مسؤولية خطفه، وإظهاره على أنّه “أضعف” من أن يكون القوة العسكرية الوحيدة التي تحمي لبنان، علمًا أنّ استغلال هذه الحادثة يأتي في وقت تستباح فيه أرض الجنوب، حيث دمّر الجيش الإسرائيلي قرى الخط الأمامي بأكملها.
وفيما شارك الجيش في إيواء اكثر من 62 ألف نازح، في مدارسه ومنشآته ونواديه وغير ذلك، واجه أيضًا انتقادًا من قبل نفس الجهة بالقول إن الجيش لا يستطيع حماية حدوده ولا حتى تنظيم النازحين، علمًا أنهم نزحوا من بيوتهم خوفًا من حرب لم يستطع أحد حمايتهم منها.
وفي السياق، يُعلّق العميد خالد حمادة أنّ “عملية الإنزال في البترون واختطاف مواطن لبناني بصرف النظر عن انتمائه هي اعتداء على السيادة اللبنانية ومخالفة للقوانين الدولية، لكن في البعد الأمني لهذه العملية التي تجري في قتال مفتوح لا علاقة للدولة اللبنانية به هي عملية مخابراتية وهو ليس الاختراق الإسرائيلي الأول للبنان، فكل عمليات الإغتيال التي تمّت هي عمليات أمنية”، ويضيف لـ”هنا لبنان”: “إلقاء اللوم على الجيش اللبناني ومحاولة استثمار هذا الموضوع للنيل من الجيش هو اتّهام في غير محلّه وإن كان يُراد بالحديث من قِبل جهة قريبة من “حزب الله” عن عجز الجيش اللبناني في عدم التمكّن في اكتشاف عملية الانزال، فنعتقد أنّ الحزب كان يقوم بإجراءات شديدة جدًا لحماية أمينه العام وقادته ولكن تمّ اغتيالهم”.
وقال: “الحديث عن أنّ الحزب عصيٌّ على الاختراق فيما هناك تقصير من قبل الجيش اللبناني هو كلام في غير محله، ولكن أولاً لم يتّضح بعد كيف تمّت هذه العملية وسيكون هناك تحقيق شفاف، ثانيًا الجيش لديه قدرات بحرية جيدة وهو قادر على رصد أي مركبة والتعرض لها وتوقيفها، وبالتالي أي مقاربة بشكل اتهامي للجيش اللبناني هي في غير محلها”.
ويرى العميد حمادة أنّ “هناك جهات سياسية تريد التصويب على أنّ الحديث عن نشر الجيش اللبناني وتطبيق القرار 1701 لا يمكن أن يؤمّن الطمأنينة على الأقل لحزب الله ولا أن يحمي لبنان، غير أنّ هذه الفرضية خاطئة، فالحزب يحاول توصيف الجيش بأنّه لا يمكن أن يُركن إليه في تنفيذ القرار الدولي، ولكن نظريات توازن الردع التي حاول الحزب إقناع اللبنانيين بها سقطت، واليوم ما نراه توغل إسرائيلي محدود إلى قرى الحدود الجنوبية والضربات التي يسددها الجيش الإسرائيلي في أماكن عديدة من لبنان تدل على أنّ معادلة الردع هذه لم تعد قائمة”.
ويؤكد أنّ “المعادلة التي تحمي لبنان تقف وراءها وحدة وطنية لبنانية ويدافع عنها كل اللبنانيين، وهذا طبعًا غير متوفر بما يقدمه حزب الله من أداء فسلاحه هو موقع خلاف لبناني قبل أن يكون هناك حرب، وحتّى أثناء هذه الحرب، ولكن طبعًا لا يُمكن الآن الحديث عن إجراءات تنفيذية لتطبيق القرار 1701 والتوصل إلى اتفاق كما جرى في العام 2006، وبالتالي على أساسه يتم تحميل الجيش المسؤولية عندما توضع الإجراءات التنفيذية لاستلام الجيش لمهامه”.
وأضاف: “النيل من الجيش اللبناني ينمّ عن سطحية في التفكير، ففي النهاية الجيش يُمثّل لبنان وهو متسلّح بقرار دولي وبشرعية دولية وعربية، والأهم أنّ هذا الجيش عندما يصطدم بالعدو الإسرائيلي هناك قدرة للحكومة اللبنانية أن تلجأ إلى كل المحافل الدولية دفاعًا عن لبنان، في حين أنّ “حزب الله” عير معترف به في العالم الغربي والعربي وبالتالي هذه تعتبر ثغرة كبيرة في منظومة الدفاع عن لبنان، في المقابل فإنّ حزب الله هو حزب سياسي لبناني يُقاتل بسلاح إقليمي في لبنان وخارجه وكل ذلك يجعل الحكومة اللبنانية عاجزة عن الدفاع عنه أمام المحافل الدولية، وبالتالي هذا يجعل المجتمع الدولي لا يثق بالمسؤولين في لبنان عندما يقولون أننا سننفذ القرار 1701″.
وعن قدرات الجيش اللبناني، يوضح حمادة أنّ “حماية لبنان هي جزء من مهام الجيش ولكن حماية الدول لا تتم فقط بواسطة التفوق في ميزان القوى، إذ إنّ إسرائيل تمتلك قدرات إستثنائية في المنطقة لكنها لا تستطيع أن تعتدي على دولة متماسكة، وهذا ما لعبه الدور الإيراني الذي شتّت الداخل السوري واليمني والفلسطيني”.
أما في البعد السياسي للحملة على الجيش اللبناني، “فالقول إنّ الجيش متلكّئ وبالتالي إنّ قائد الجيش لا يستحق أن يكون رئيسًا للجمهورية، فالحزب ألمح مرارًا أنه لا يريد جوزيف عون كمرشح لرئاسة الجمهورية، ولكن باعتقادي تفصلنا عن الرئاسة مسافة زمنية طويلة، اليوم نحن في حرب قد تطول لأشهر، ولن يكون هناك رئيس في خضم هذه الحرب، وبالتالي محاولة النيل من صورة قائد الجيش ليست في سياقها السياسي أولاً ولا في سياقها الزمني ثانيًا”، بحسب حمادة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ | الحرب تعيد أزمة جوازات السفر.. انتظار طويل وتزاحم و”كوتا”! |