ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟
لا نريد أبداً أن تنتهي هذه الحرب بانتصار إسرائيل. نريدها أن تنتهي بانتصار لبنان، ولن يحصل ذلك إلا بعد قرارٍ بتسليم “الحزب” سلاحه للجيش اللبناني فقط، ووقف نشاطه غير الشرعي ومراقبة الحدود بين لبنان وسوريا، وغيرها من سبل بناء الدولة التي كان “الحزب” في طليعة من يمنع نشوءها
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
ستنتهي هذه الحرب. بعد أسبوعٍ، بعد شهرٍ أو بعد عام. ينشغل اللبنانيّون اليوم بما سيلي هذه الحرب أكثر ممّا يهتمّون بالعدد المتبقّي من غاراتٍ ودمارٍ، وما سيحلّق من مسيّرات.
لا أحد يحبّ الحرب حتى من يتغنّون بها أو يعتبرونها نمط حياة كل ١٠ سنوات، لن يفرح لبنانيٌّ واحد باستمرار العدوان الإسرائيلي، ولو كان في موقع الخصومة لحزب الله. إلا أنّ فئةً كبيرة من اللبنانيّين ترفض أن يعود الحزب إلى ما كان عليه قبل هذه الحرب، فتبقى غيمة الحروب فوق رؤوسنا، ويبقى استخدام “الزرّ” ممكناً في أيّة لحظة بناءً على قرارٍ إيرانيّ، بل يتمنى الجميع أن يعود “الحزب” إلى لبنانيّته وأوّلهم الشيعة، خصوصاً في عين التينة حيث التململ والقرف من تدمير كلّ ما بُنيَ شيعيًا بعد الحرب الأهليّة من إنجازاتٍ وسيطرة على الكثير من مفاصل الدولة وإنماء الجنوب اللبناني، والجميع يدرك، وأوّلهم أشدّ المعارضين، أنّ “الزرّ” الشهير إن “كُبس” عند سيّد عين التينة، تعود الأمور إلى نصابها ولبنانيّتها بسحر ساحر.
الفئة المعارضة للحرب من اللبنانيّين، ونحن منهم، ليست في موقع العمالة مع إسرائيل، ولن تبتهج إن حقّق الجيش الإسرائيلي انتصاراً، ولا تسعدها إطلالات أفيخاي أدرعي وإنذاراته، ولكنّها، في الوقت عينه، لا ترغب أبداً بسماع الشيخ نعيم قاسم يعلن انتصاراً وهميًا فوق أرضٍ محروقة وجثثٍ تحت الأنقاض. وهي تشعر باشمئزازٍ كبير عند رؤية محمد عفيف يتلو إرشاداته للإعلاميّين ووسائل الإعلام كأنّنا في زمن عراق صدّام وصحّافه الشهير.
ما نقصده بهذا الكلام أنّ أخطر ما ستنتهي إليه هذه الحرب هو استمرار حزب الله كحزبٍ مسلّح، بذريعة المقاومة التي سقطت تماماً في هذه الحرب. وخطيرٌ أيضاً أن يستمرّ فائض القوّة في يد حزبٍ لبنانيّ، فـ “يتمرجل” على الآخرين، من الشارع إلى مجلس النواب والحكومة ورئاسة الجمهوريّة التي يقبض، منذ أكثر من سنتين، على قرار تعطيلها.
لا نريد أبداً أن تنتهي هذه الحرب بانتصار إسرائيل. نريدها أن تنتهي بانتصار لبنان، ولن يحصل ذلك إلا بعد قرارٍ بتسليم حزب الله سلاحه للجيش اللبناني فقط ووقف نشاطه غير الشرعي ومراقبة الحدود بين لبنان وسوريا، وغيرها من سبل بناء الدولة التي كان “الحزب” في طليعة من يمنع نشوءها.
حين نبني الدولة القويّة، معاً ومن دون تغييب أحد أو استقواء أحد، ننتصر على إسرائيل. أمّا ما كنّا فيه وما نحن عليه اليوم فهو هزيمة تلو الهزيمة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ويبقى الجيش هو الحلّ… | جبران: رِدّ الصاروخ | لولا رفسنجاني |