قضية فساد الأدوية المزوّرة: القاضية جويل أبو حيدر تواجه جو دبس لحماية صحة الأطفال.. وقرار ظنّي بجو دبس بجرائم الغشّ والتزوير وتبييض الأموال
يمثل ملف “فريش فارما” قضية فساد متكاملة، حيث تتصدى له القاضية جويل أبو حيدر بكل قوتها، مع أنّ جو دبس يحاول بشتّى الطرق رفع يد أبو حيدر عن الملّف، فهل تكون مطرقة العدالة أقوى من بلطجة دبس؟ وهل تتصدّى العدالة لمحاولات دبس رفع يد أبو حيدر عن ملف فساد كهذا؟
كتبت أليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
لا تزال قضية “فريش فارما إنترناشيونال”، والأدوية المزورة التي تستهدف الأطفال بشكل مباشر، محطّ متابعة لدى موقعنا، خاصة أنّ صاحب الشركة جو دبس يسعى بطرق مختلفة، سواء عبر الضغط أو الاحتيال أو حتى “التذاكي”، للتملص من قرار منعه بيع المتتمات الغذائية العائدة للأطفال، والمحددة في قرار ابوحيدر تاريخ ٢٥/٦/٢٠٢٤.
وبالعودة إلى تفاصيل هذه القضية، التي كشفت أوراقها القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا الناظرة في قضايا جنح الأحداث والأحداث المعرضين للخطر، الرئيسة جويل أبو حيدر، بموجب قرارها بتاريخ ٢٦/٣/٢٠٢٤ ، تبيّن أنّ القاضية أبو حيدر تحرّكت في هذا الملف بناءً على إخبار وصل إلى مكتبها عن وجود متممات غذائية تُباع بتواريخ مزوّرة، حيث يتمّ محو التاريخ الحقيقي المنتهي الصلاحية بمواد معينة، واستبداله بتاريخ مزيّف.
بعد هذه المعطيات، باشرت القاضية تحقيقاتها فورًا، ليتبين بدايةً أنّ المتممات الغذائية التابعة لشركة “فريش فارما”، وهي Freshzinc و Fresh multiplus والتي تُوصف عادة للأطفال دون 18 عامًا وتستعمل غالبًا للرضّع، مزوّرة.
وتبعًا لهذه المعلومات الخطيرة، خاصة أنّ هذه الأدوية قد تؤدي إلى حالات تسمم وقد تسبب الوفاة في بعض الحالات، قرّرت منع الشركة من بيع المتممين لأي مستودع أو صيدلية، تحت طائلة تغريمها في حال المخالفة.
أبو حيدر، التي تهتم بقضايا الأحداث وتتابعها بكل مهنية، لم تتوقف عند هذا القرار، بل واصلت تحقيقاتها، لتكتشف المزيد من المخالفات والتزوير لدى الشركة المعنية، عبر ضبط عدد كبير من المتممات الغذائية العائدة للشركة والتي توصف للأطفال الرضّع، والتي تبيّن أنّ جميعها مزوّرة، فأصدرت قراراً اعتبرت بموجبه الشركة مصدراً للخطر على القصّر، ومنعتها من التداول أو بيع تلك المتممات وهي: D FRECH، FRECH FER، Z PRO، FRECH COMPLETE، CO PRO، FRECH MULTI، FRECH FLUOR، PHARTNDOL BB، TIPS HALER، FRECH ZINC ML، FRECH D +DHA، TRANSILAX 15، FRECH CREAM، KC ALLERGY، KC COUGH، KC EAR، KC GAZ، KC RELIEF، KC TEETH، SEPTOSPRAY، HB 100 ، إلى حين صدور القرار الظنّي في القضيّة، وأحالت قرارها إلى الجهات المعنية.
مع ذلك، يتبيّن من قرار أبو حيدر بتاريخ ٣١/١٠/٢٠٢٤ أنّ مدير شركة “فريش فارما” جو دبس، المتهم الأول في هذا الملف، “حاول الاحتيال” وطالب مؤخرًا القاضية أبو حيدر بالتراجع عن قراراتها، متذّرعاً أنّ المعطيات المتوّفرة لدى قاضي التحقيق تبرّئه، ليتبيّن لقاضي الأحداث عدم صحّة أقوال دبس، وأنّ القرار الظنّي الذي اطّلع عليه موقع “هنا لبنان” بتاريخ ١٠/١٠/٢٠٢٤ ظنّ بالأخير بجرائم الغشّ والتزوير وتبييض الأموال.
في هذا السياق، تواصل “هنا لبنان” مع مصادر مطلعة، التي أكّدت تورط جو دبس وشركته بهذا الجرم، وأنّ ادعاء أبو حيدر كان مستنداً إلى أدلة دامغة لا مجال للشكّ فيها.
مخالفات بالجملة
ومن المخالفات، التي أوردها قرار أبو حيدر بتاريخ ٣١/١٠/٢٠٢٤ هو ادعاء الشركة، فريش فارما، أنها تستورد الأدوية من كندا، حيث تبين أنّ علب الدواء الموزعة لا تحمل اسم المصنع الكندي، مما يخالف القانون. وقد تبين من مقارنة علب دواء “فريش فارما” مع علب أخرى من المصنع القبرصي الذي يستورد من كندا وجود اختلاف كبير بينهما. وبحسب بعض المصادر، فإنّ دبس يصنّع الدواء محليًا، ويملك ثلاثة مصانع موزعة بين الضاحية وبيروت والجنوب.
أيضاً، تبيّن من القرار أنّ ملف الادعاء تضمن صورًا من مكتب جو دبس للمواد المستخدمة في إزالة التاريخ والتزوير، وتمت مواجهة دبس بهذه الأدلة، لكنه نفى أن تكون الصور عائدة لمكتبه، مدعيًا أنّ ديكور مكتبه مختلف. لكن التحقيقات القضائية لدى أبو حيدر أثبتت العكس، حيث تطابقت تفاصيل الصور مع صور أخرى لدبس وموظفيه أثناء احتفالاتهم في مكتبه، وظهر فيها لوغو الشركة وجو دبس شخصياً.
أما الدليل الأقوى الذي أثبت تورط دبس ودحض ادعاءاته بأنّ التزوير يحدث عند الوسطاء، فهو عندما تم ضبط أحد الأدوية المزورة تباع في صيدلية معروفة، حيث اشترت الصيدلية الدواء مباشرة وبفاتورة من شركة “فريش فارما”.
اتهام جو دبس بالتزوير، يرتبط بقائمة أدلة تطول، فإلى جانب ما أدرجناه، كشفت التحقيقات، عدم تطابق “رقم الطبخة”، وهو رقم يتم تسجيله عادة على الدواء الذي يصنّع في الوقت نفسه أي يملك تاريخ الإنتاج نفسه، ويكون مطابقاً على جميع علب الدواء من حيث المكان وطريقة الكتابة وما إلى ذلك.
هذا الرقم كان مختلفاً بين علب الدواء ذاته الصادرة عن شركة ” فريش فارما” ، وهذا إن دلّ على شيء، فعلى تزوير حتمي.
جهات متورطة
فضيحة “فريش فارما”، لا تتوقف عند دبس الذي وفق شهادات أدلى بها بعض الموظفين، يستعين بعمال أجانب للقيام بهذه المهمة، بل تتعدّاه إلى أطباء إما يشاركونه الجرم أو يتقاضون عمولة لقاء وصف منتجات الشركة حصراً، وهذا ما أكّدته إحدى الصيدليات لموقعنا.
كذلك يطرح هذا الملف تساؤلاً عن دور وزارة الصحة بشخص الوزير فراس الأبيض، فهو إن تحرك بداية عند كشف التزوير الحاصل بمنتجي “Fresh zinc وFresh multi plus”، إلّا أنّه تغاضى لاحقاً بعد القرار الذي أرسلته إليه أبو حيدر والذي يتحدث عن وجود أكثر من دواء ومتمم غذائي للشركة يشكل خطراً على صحة الأطفال، وعن دور نقابة الأطباء التي تبلّغت بدورها جميع القرارات.
وهنا تشير معلومات “هنا لبنان” إلى أنّه لولا جهود نقيب الصيادلة جو سلوم، والتي كانت عاملاً رئيسياً في الطلب من الصيادلة عدم بيع المتممات الممنوعة قضائياً، ولولا خوف المتهم جو دبس من التورط أكثر، لكانت حتى تاريخه تباع في الصيدليات.
ختامًا، يمثل ملف “فريش فارما” قضية فساد متكاملة، حيث تتصدى له القاضية جويل أبو حيدر بكل قوتها، وعلم موقعنا أنّ جو دبس يحاول بشتّى الطرق رفع يد أبو حيدر عن الملّف، وأنّ حضرة نقيب المحامين السابق النقيب ناضر كسبار، ناشد للدفاع عن قرار أبو حيدر الذي وصفه بالمنطقي والمدروس والعادل.
فهل تكون مطرقة العدالة أقوى من بلطجة دبس؟
وهل تتصدّى العدالة لمحاولات دبس رفع يد أبو حيدر عن ملف فساد كهذا؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
الخطيئة المميتة | باسيل يلعب بنار التيار | ليلى عبد اللطيف وحسان دياب في أفريقيا! |