توقيت زيارات المسؤولين الإيرانيين تثير الريبة: إيران تريد الحلول في لبنان عبرها!
لم يعد تدخّل إيران في الشؤون اللبنانية خافياً على أحد، حتى أنّ المسؤولين الإيرانيين لم يعودوا يخجلون بإعلان ذلك صراحة.
فعلى مدار الثلاثين عاماً الماضية، أسفرت علاقة النفع المتبادلة بين حزب الله وإيران عن زيادة النفوذ الإيراني في لبنان، فحزب الله حصل على عشرات الآلاف من الصواريخ، ومئات الملايين من الدولارات سنوياً، فضلاً عن الدعم التدريبي واللوجستي العملياتي. بينما تتمثل استفادة إيران من حزب الله في حصولها على نافذة ممتدة على البحر الأبيض المتوسط لخوض حروبها بالوكالة والحفاظ على مصالحها السياسية واستثمارها بمكاسب سياسية.
وتدخّل إيران بعد بدء حرب غزة وانخراط حزب الله بجبهة المساندة أصبح واضحاً وقد عبّر عنه رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف في حديثه الصحافي الشهير بأنّ إيران مستعدة للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق القرار ١٧٠١، الذي أثار ردود فعل غاضبة أولها من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أمر باستدعاء القائم بالأعمال الإيراني واعتبر تلك الصريحات “تدخلاً في شؤون بلاده، ومحاولةً لتكريس وصاية مرفوضة على لبنان”.
ويعتبر موقف رئيس الحكومة نادراً على الصعيد الرسمي في لبنان منذ سنوات، في ظلّ تحكم حزب الله المدعوم من إيران بالقرار السياسي، وفي ظلّ شلل مؤسساتي وأزمة سياسية في البلاد.
برز التدخّل والوصاية الإيرانية أكثر بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حيث باتت إيران تفاوض عن حزب الله مباشرة، وتعطّل الحلول التي لا تمرّ عبرها وتحقّق مصالحها واستمرار سيطرتها على القرار اللبناني، وهو ما قاله وليد جنبلاط في حديث صحافي مع الأخبار.
فإيران اخترعت نوعاً جديداً من الاستعمار كما قال غيورا إيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي السابق، فهي ليست بحاجة إلى غزو بلد للسيطرة عليه. يكفي إنشاء ميليشيات أكثر قوة وأفضل تمويلاً من جيش البلاد وبهذه الطريقة، تبدو الدولة ذات سيادة ولكنها تعاني من قوة مدمرة في الداخل.
وعند إعلان أيّ حراك لإنهاء الحرب، يتوافد المسؤولون الإيرانيون إلى لبنان. فبعد اللقاء الثلاثي الذي حصل في عين التينة وجمع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، أطلّ وزير الخارجية عباس عراقجي مبدّداً بزيارته كل الأجواء التفاؤلية التي حققها هذا اللقاء عن وقف الحرب وحلٍّ سياسيّ وانتخاب رئيس.
لتأتي بعدها زيارة لقاليباف ليعلن دعم حزب الله في حربه التي يخوضها بالوكالة عن إيران.
استفزازات قاليباف لم تتوقف إذ أعلن في حديث صحافي أنّ “الركيزة الأساسية للشعب اللبناني هي إيران وقائدها المرشد علي خامنئي”، ليثير بذلك زوبعة جديدة من ردود الفعل الرافضة لكلامه.
وبالأمس، زار رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بعد تسلم لبنان الورقة الأميركية لوقف الحرب، ولم يخفِ حقيقة مهمته، وهي تقصّي كلّ ما يتعلق بمسودة وقف النار، والاطلاع على تفاصيلها، وطرح ملاحظات النظام الإيراني عليها، مباشرة أو مواربة، والأهم معرفة الرد الرسمي اللبناني عليها.
ولم يشأ لاريجاني أن يجيب على السؤال أحد الصحافيين في عين التينة حول سر توقيت زيارات المسؤولين الإيرانيين بعد كل حديث عن قرب التوصل إلى وقف إطلاق النار.
أثبتت السنوات أنّ إيران تريد أن تقاتل بالفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والعراقيين واليمنيين، بدليل الإسراع إلى إعلان براءتها من المسيرة التي استهدفت منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيسارية واتهام حزب الله بذلك، وذلك رداً على اتهامات إسرائيلية وتحميل إيران المسؤولية.