رينيه معوض: شهيد الوفاق ورمز السيادة اللبنانية

لبنان 22 تشرين الثانى, 2024

في يومٍ يواكب ذكرى استقلال لبنان، خطف الاغتيال رينيه معوض، الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية، بعد 17 يوماً فقط من انتخابه.

و كان معوض، الذي لقب بـ”شهيد الطائف”، رمزاً للوفاق الوطني وصوتاً هادئاً قادراً على اجتراح حلول لمشكلات بلدٍ مزقته الحرب الأهلية لعقود، ليطوي اغتياله في 22 تشرين الثاني 1989، صفحة قصيرة ولكن مليئة بالأمل في بناء وطن حر ومستقل.

ووُلد رينيه معوض في 17 آذار 1925 في زغرتا شمالي لبنان، وهو الابن الذي ترعرع في بيئة اجتماعية وسياسية شكّلت وعيه الوطني.

درس القانون في جامعة القديس يوسف في بيروت وتدرج في المحاماة قبل أن ينخرط في العمل السياسي. منذ انتخابه نائباً لأول مرة في عام 1957، أظهر معوض قدرات قيادية جعلته ركناً في النهج الشهابي، حيث عمل إلى جانب الرئيس فؤاد شهاب على إرساء أسس الدولة الحديثة التي حلم بها.

وعلى مدى عقود، تبوأ معوض عدة مناصب وزارية في حقائب حيوية كالشؤون الاجتماعية، التربية، والعمل، مساهماً في وضع سياسات اجتماعية وتعليمية مبتكرة. ورغم صراعات السياسة، ظل الرجل محافظاً على خطوط تواصل مفتوحة مع مختلف القوى، ساعياً إلى تقريب وجهات النظر وإعلاء المصلحة الوطنية على الحسابات الشخصية.

ومما يحسب لمعوض، أنّه كان مهندساً بارعاً لاتفاق الطائف، الذي وضع حداً للحرب الأهلية اللبنانية.

وقد انتُخب رئيساً للجمهورية في 5 تشرين الثاني 1989 وسط أجواء مشحونة، حيث مثّل انتخابه بارقة أمل لاستعادة الاستقرار وبناء دولة المواطنة. وفي خطاب القسم، أكد أن “لا وطن ولا دولة ولا كيان دون وحدة الشعب”، محاولاً جمع اللبنانيين حول رؤية موحدة لإعادة بناء الدولة.

الاغتيال

في 22 تشرين الثاني، وبعد حضوره احتفال الاستقلال، استهدفت عبوة ناسفة موكب الرئيس في محلة الصنائع ببيروت، لتنهي حياته وتغتال معه حلمه الكبير بلبنان الموحد.

الحادث الذي راح ضحيته معوض وعدد من مرافقيه ومواطنين آخرين، شكّل ضربة قاسية لاتفاق الطائف وخطوة إلى الوراء في مسار بناء الدولة.

ظل رينيه معوض في ذاكرة اللبنانيين رمزاً للشجاعة والوحدة، إذ كان يؤمن بأن الدولة القوية لا تُبنى إلا على أسس السيادة والعدالة، وأن المصالحة الوطنية الحقيقية هي الطريق الوحيد للسلام.

لم يساوم معوض على مبادئه، حتى عندما واجه تهديدات مباشرة لحياته، وظل مصمماً على المضي قدماً حتى النهاية، كما قال لمقربيه: “لن نتراجع”.

وبعد اغتياله، بقي معوض نموذجاً للزعامة المتوازنة التي جمعت بين الصلابة الأخلاقية والمرونة السياسية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us