إيران تفاوض.. فمن يوقع عن لبنان؟
القرار 1701 لم يعد يرضي إسرائيل، بدليل أنها تشترط حرية التدخل عسكرياً حين تعتبر أنّ خرقاً يحصل من قبل “الحزب”، علماً أنها تسعى حالياً إلى تحويل جنوب الليطاني إلى “منطقة عازلة” تومن بنظرها الحماية لسكان المستعمرات شمال إسرائيل
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ظل التصعيد الحالي يعكس الوضع المعقد في المنطقة. فتصريحات إسرائيل التي تواصل قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل “حزب الله”، ومناطق أخرى مثل صور والنبطية، تشير إلى أنها لا تزال متمسكة باستراتيجية عسكرية في تلك المناطق. في الوقت نفسه، تشهد التحركات الدبلوماسية، مثل مهمة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، حالة من التوتر، حيث غادر إلى الولايات المتحدة، بدلاً من العودة إلى بيروت، ما يشير إلى تعقيدات إضافية في محاولات الوساطة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الجهود الدبلوماسية والخيارات المتاحة للطرفين. وقد وضعت إسرائيل شروطاً تعجيزية كحقها في التدخل عندما تعتقد أنّ “حزب الله” خرق الاتفاق وقد تم الموافقة عليها من قبل واشنطن التي تؤكد تل ابيب أنها قدمت لها ضمانات في هذا المجال. فهل هذا ملزم للبنان؟ علماً أنّ الشرط نفسه قد طرحه أيضاً “حزب الله”. كما طرحت إسرائيل شرطاً آخر وهو رفضها أن يتضمن الاتفاق حل النقاط التي لا تزال عالقة في ترسيم الحدود بين البلدين. ويبدو أنّ إسرائيل تراجعت عن شرط عدم مشاركة فرنسا في لجنة الرقابة الدولية العسكرية على تطبيق الاتفاق.
كما أنّ الاتفاق المطروح لوقف إطلاق النار يراد منه في الاساس تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 الذي أقرّ على اثر حرب تموز 2006 ولم يتم تطبيقه إلا من حيث وقف القتال، أما بند انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة جنوب نهر الليطاني وعلى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية فلم يتم الالتزام به بعد أن قام “حزب الله” بنشر عناصره جنوب الليطاني وعطل مهمة الطرفين، وراح يستفز القوات الدولية ويمنعها من القيام بدورها الرقابي.
وإذا كان الهدف إعادة تطبيق القرار 1701 بعد ثمانية عشرة سنة من إقراره فإنّ كل هذه الشروط الإضافية تؤكد أنّ القرار 1701 لم يعد يرضي إسرائيل بدليل أنها تشترط حرية التدخل عسكرياً حين تعتبر أنّ خرقاً ما يحصل من قبل “حزب الله” علماً أنها تسعى حالياً إلى تحويل جنوب الليطاني إلى “منطقة عازلة” تؤمن بنظرها الحماية لسكان المستعمرات شمال إسرائيل. وهنا سؤال أساسي يطرح نفسه: من لديه الاستعداد والقدرة على الموافقة على ترك حرية التدخل لإسرائيل متى تشاء؟ ألا يعتبر هذا تعدياً سافرًا على السيادة اللبنانية؟ وهل ينتقل لبنان من التصدي لإسرائيل المعتدية إلى فتح مجاله الجوي (والبري) لها؟ وهل يوافق “حزب الله” على هكذا شرط، وهو الذي كلف بري التفاوض باسمه، وهما يشترطان معاً وقف إطلاق النار قبل انتخاب رئيس للجمهورية!
في حين أن التفاوض في الاتفاقيات الدولية مع الخارج هي بحسب الدستور (المادة 52) من صلاحيات رئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس الحكومة، علماً أنّ الحكومة الحالية مستقيلة منذ سنتين ونصف السنة. وليس من صلاحية رئيس مجلس النواب، الذي لم يكلف من أحد ولا حتى من مجلس النواب السلطة التشريعية التي تمثل القوى السياسية كافة، والذي يفاوض الآن عملياً باسم الطرف الشيعي أي باسمه وباسم “حزب الله”. وبأي صفة يوقع على الاتفاق؟
عدا عن أنّ هناك نقاش مفتوح حول الهدف من وقف إطلاق النار وما إذا كان فقط لوقف القتال مقابل تمكين “حزب الله” من التراجع إلى الداخل اللبناني بسلاحه. فهل يعني نقل الخلاف والاقتتال إلى الداخل؟ وهل لهذا السبب قال بري أن القرار 1559 الذي ينص على نزع سلح الميليشيات (“حزب الله”) أصبح وراءنا ومر عليه الزمن؟ أم أنّ الأصحّ هو أنّ إيران هي من يفاوض فعلياً عن لبنان بعد زيارة لاريجاني الأخيرة إلى بيروت، وهي تفاوض أساساً مع الولايات المتحدة وتتحسب لعودة دونالد ترامب.
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |