فستق حلبي يوم “الانتصار الإلهي”
تسرّع أمين عام “الحزب” الجديد نعيم قاسم في إعلان ما أسماه “انتصاراً كبيراً يفوق انتصار تموز” بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار، فحرب تموز انتهت بعودة النازحين الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم الحدودية فور إعلان وقف النار، فيما عاد هؤلاء النازحون قبل أيام أدراجهم من المنطقة الحدودية التي ما زالت منطقة عسكرية تسيطر عليها إسرائيل حتى إشعار آخر
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
أعلن الكرملين أنه فوجئ بسيطرة قوات المعارضة السورية على منطقة حلب في نهاية الأسبوع الماضي. وسرت هذه المفاجأة كالنار في الهشيم في محور الممانعة الإيراني بدءاً بلبنان وانتهاءً بإيران نفسها. وأتت هذه الأحداث في سوريا في وقت ما زال هذا المحور تحت وطأة نهاية حرب لبنان التي كرست معادلة جديدة أنهت نفوذ الجمهورية الإسلامية عموماً و”حزب الله” خصوصاً على الساحة اللبنانية والذي بدأ رسمياً عام 2005 .
تسرّع الأمين العام الجديد لـ”حزب الله” نعيم قاسم في إعلان ما أسماه “انتصاراً كبيراً يفوق انتصار تموز” مباشرة بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار في حرب لبنان الأربعاء الماضي. وأتت مقارنة قاسم هذا الاتفاق بـ”انتصار تموز” الذي انتهت إليه حرب عام 2006 مستعجلة. والسبب أنّ تلك الحرب التي استمرت 33 يوما انتهت في اليوم التالي بعودة عشرات الألوف من النازحين الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم الحدودية فور إعلان وقف النار في آب من ذلك العام. وفي المقابل، عاد هؤلاء النازحون قبل أيام أدراجهم من المنطقة الحدودية التي ما زالت منطقة عسكرية تسيطر عليها إسرائيل حتى إشعار آخر.
وفات قاسم أيضاً عندما قارن بين الحرب الأخيرة وحرب تموز أنّ الأخيرة كرست نفوذا لـ”حزب الله” بزعامة أمينه العام السابق حسن نصرالله الذي تبوأ بعد العام 2006 موقعاً يبدأ بلبنان وينتهي في اليمن مروراً بسوريا والعراق. لكن نصرالله غادر الدنيا ولم يشاهد كيف بدأ يضيع كل ما أحرزه في سوريا حيث قتل فيها الآلاف من عناصر “الحزب” في الحرب التي انخرط فيها نصرالله عام 2013 دعماً لنظام بشار الأسد.
صار لزاماً من الآن فصاعداً تتبع تطورات سوريا جنباً إلى جنب مع تطورات لبنان. ويشير تقرير نشرته صحيفة النيويورك تايمز السبت الماضي إلى تلازم التطورات في البلدين. وجاء في هذا التقرير: “في كانون الأول 2016 ، استعادت حكومة الأسد ، بمساعدة روسيا ، السيطرة على حلب بأكملها بعد حصار طويل للأحياء التي تسيطر عليها المعارضة. تم تمجيد الاستيلاء على السلطة في ذلك الوقت من قبل الأسد كنقطة تحوّل في الحرب. في السنوات التي تلت ذلك، استعاد نظامه، بدعم من الجيش الروسي والميليشيات المدعومة من إيران، أجزاء كبيرة من البلاد. قد تكون هذه السيطرة الآن مهددة ، خاصة مع حلفاء الأسد ، بما في ذلك روسيا وإيران و”حزب الله” ، الذين يشتت انتباههم ويضعفهم بسبب صراعات إقليمية أخرى – وعلى رأسها حرب إسرائيل ضد “حزب الله” في لبنان وحرب روسيا في أوكرانيا”.
تلقفت إسرائيل على الفور المتغيرات المستجدة في سوريا. لكنها قبل ذلك ، كانت مساهماً رئيسياً في التحضير لهذه المتغيّرات. وتقول النيويورك تايمز أيضاً في هذا الصدد أنه “منذ سنوات، نفذت إسرائيل ضربات مميتة في سوريا، قائلة إنّ أهدافها هي متشددين مدعومين من إيران بما في ذلك جماعة “حزب الله “. وتصاعدت هذه الهجمات في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023. وقال الجيش الإسرائيلي إنّ بعض هذه الضربات تهدف إلى قطع تدفق الأسلحة والمخابرات بين “حزب الله” وإيران. ولطالما تدفقت الأسلحة والأموال من إيران عبر الحدود السورية إلى “حزب الله” في لبنان”.
فات الأمين العام لـ”حزب الله” ،وهو يعلن “الانتصار”، أنّ لبنان دخل عملياً في كنف إدارة أميركية أمنية وسياسية تكمل التدخل العسكري الإسرائيلي المستمر. فقد وصل قائد القوات الخاصة الأميركية كاسبر جيفرز إلى بيروت في نهاية الأسبوع الماضي لمراقبة وقف إطلاق النار في لبنان والتقى جيفرز على الفور قائد الجيش العماد العماد جوزاف عون لمناقشة الوضع الحالي والتنسيق بشأن جنوب لبنان.
ومن المقرر أن يعمل جيفرز كرئيس مشارك للفريق جنباً إلى جنب مع موفد الرئيس الأميركي الخاص آموس هوكشتاين ، الذي سيعمل كرئيس مدني مشارك مؤقت حتى يتم تعيين مسؤول مدني دائم. وسترأس الولايات المتحدة الفريق وسيتألف من أفراد من الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي واليونيفيل وفرنسا.
تجدر الإشارة إلى أنّ كاسبر جيفرز قد تمت ترقيته في حزيران الماضي إلى رئاسة قيادة العمليات الخاصة الأمريكية المركزية (SOCCENT) ، المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ عمليات القوات الخاصة في القيادة المركزية الأميركية. ووفقاً لسيرته الذاتية العسكرية ، خدم جيفرز في كل من العراق وأفغانستان ، بعد أن تم نشره عدة مرات.
وقاد لاحقاً لواء خلال العمليات الأميركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا(داعش). وقبل منصبه الحالي ، شغل جيفرز منصب نائب مدير هيئة الأركان المشتركة للعمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب”.
غداة وصول الجنرال الأميركي ، عاد إلى بيروت السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني من طهران حيث تلقى العلاج بعد إصابته بانفجار جهاز المناداة (البيجر) الذي كان يحمله في 17 أيلول الماضي. ولم يكن أماني الوحيد من أصيب بمثل هذا الانفجار بل أصيب كذلك أكثر من 4 آلاف عنصر من “حزب الله” كانوا يحملون أجهزة المناداة في ذلك اليوم.
وقبل وصوله صرح أماني “إنّ سبب اضطرار نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار مع حزب الله هو أنه واجه عشرات الآلاف من النازحين من شمال فلسطين المحتلة والمقاومة اللبنانية أيضاً نجحت في الأيام الأخيرة في إرساء معادلة تل أبيب مقابل بيروت”.
استعجل قاسم وفعل مثله السفير الإيراني في استخلاص عبر الحرب الأخيرة. وجرت العادة بتقديم الحلوى في المناسبات السعيدة. فما رأي محور الممانعة بـ”الفستق الحلبي”؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
فخامة بري ودولة “الحزب” | تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران |