التحدّي ينتظر “الحزب” في نهاية الـ60 يومًا
السؤال المفصلي هو ماذا سيفعل “الحزب” عند انتهاء مهلة الستين يوماً التي هي عملياً بمثابة هدنة؟ هل سيلتزم بقرار تسليم السلاح؟ تصريحات بعض مسؤوليه تبشر بعودة إلى الوراء إذ استعادوا معادلة “جيش وشعب ومقاومة”، أما أمينه العام لم يعد تكرارها. فهل هي مراوغة أم مناورة؟ ألا يشاهد الحزب ما يحصل في سوريا والمنطقة؟ وهل القرار في يده؟ وهل يتحمل اللبنانيون بعد مغامرات أخرى؟
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
لا شك أنّ اتفاق وقف إطلاق النار شكل للّبنانيين، وتحديداً الجنوبيين منهم، متنفساً من أجل العودة إلى الحياة الطبيعية بدل الحرب التي أغرق “حزب الله” لبنان فيها أكثر من سنة تهلكة ودماراً واقتلاعاً ونزوحاً للبنانيين من أرضهم وبيوتهم. فمنذ فجر 27 تشرين الثاني ومع إعلان وقف إطلاق النار، بدأ الجنوبيون فوراً بالعودة أرتالاً رغم الدمار والخراب، وراح من وجد بيته ركاماً يفترش الأرض مكتفياً بالجلوس على أحجار ما تبقى منه. كما أنّ وقف إطلاق النار أمّن أيضاً حماية للناس، ووضع أسساً لكي تستعيد الدولة سيادتها وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، ونصّ بشكل خاص على تسليم سلاح “حزب الله” واضعاً خطة مترابطة لحصرية السلاح بيد السلطة الشرعية، ومنع الحزب من العودة إليه والقدرة على اقتنائه. فقد حدد القرار بشكل دقيق وبالاسم القوى الشرعية التي من شأنها أن تستعمل السلاح بحيث تكون الوحيدة المسموح لها بحمله في لبنان وهي: الجيش اللبناني، قوى الأمن الداخلي، المديرية العامة للأمن العام، المديرية العامة لأمن الدولة، الجمارك اللبنانية، وشرطة البلديات. وواضح أنّ الإشارة إلى “حزب الله” الذي لا يحقّ له استعماله لا تقبل أيّ التباس ولا تحمل أيّ جدل بدليل أنه الوحيد المدجج بالسلاح، والوحيد الذي تصدى للقتال خارج لبنان، سواء في فلسطين أم في سوريا والعراق أو اليمن. وهذا عملياً ليس بجديد، إنّما هو ما جاء في القرار 1701 الذي نصّ أيضاً على نزع سلاح الميليشيات، وهذا الأمر جاء في اتفاق الطائف نفسه عام 1989 أي منذ 35 سنة، ولم يطبق بحكم الأمر الواقع السوري الذي أمن الغطاء لـ”حزب الله” بحجة مقاومة إسرائيل. وإذا به يتحول دويلة في قلب الدولة، سلطة ونفوذاً وسلاحاً منذ أكثر من عشر سنوات ضمن ميليشيا غب الطلب الإيراني في عدد من دول المنطقة. ولكن القرار، بعكس ما كان مصيره في 2006، حرص هذه المرة على وضع آلية مراقبة دولية للتنفيذ ترأسها الولايات المتحدة الأميركية وتشارك فيها فرنسا لتشديد الرقابة والتأكد من التنفيذ، ليس فقط لالتزام “حزب الله” بالتراجع إلى شمال نهر الليطاني وإنما أيضاً في كل لبنان، وخلاف ذلك لا معنى للكلام عن بسط سلطة الدولة الشرعية على كافة الأراضي اللبنانية. كما ينص الاتفاق على مراقبة ومنع أيّ دخول للأسلحة والمعدات غير المصرح بها إلى لبنان وعبره، ومن جميع المعابر الحدودية، وكذلك منع حتى إنتاجها. ناهيك عن انتشار الجيش اللبناني، الذي سيزاد عشرة آلاف جندي إلى عناصره، في منطقة جنوب الليطاني حتى الحدود مع إسرائيل ما يضمن بطبيعة الحال استحالة التسلل نهائياً لعناصر “حزب الله”.
غير أنّ التطور الأهم في كل هذا القرار الذي تسبّب فيه “حزب الله” ودفع ثمنه في الوقت عينه، هو موافقته المباشرة عليه أو غير المباشرة عبر رئيس المجلس وحليفه نبيه بري الذي كان مكلفاً بالتفاوض عنه، إذ أنّ معارضته لوقف إطلاق النار كانت ستبقي لبنان غارقاً في الحرب المدمرة، وكان معظم مناصري “حزب الله” سينفضْون عنه تحت القصف الإسرائيلي الذي لم يُبقِ حجراً على حجر وحصد نحو أربعة آلاف ضحية وأكثر من 15000 مصاب ودمّر الضاحية الجنوبية لبيروت، ناهيك عن الخراب الذي أصاب صور والنبطية وبعلبك حيث قاعدة وبيئة “حزب الله”، ذلك القصف الذي استمر حتى اللحظة الأخيرة قبل بدء سريان وقف إطلاق النار، وما زالت إسرائيل تراقبه حتى الآن من الجو الذي تسيطر عليه.
ويبقى السوال المفصلي هو ماذا سيفعل “حزب الله” عند انتهاء مهلة الستين يوماً التي هي عملياً بمثابة هدنة؟ هل سيلتزم بقرار تسليم السلاح؟ رغم أنّ تصريحات بعض مسؤوليه أمثال النواب محمد رعد وحسن فضل الله تبشر بعودة إلى الوراء عندما يتكلمان عن استعادة معادلة “جيش وشعب ومقاومة” التي تخطتها الأحداث. فيما لم يُعِد الأمين العام نعيم قاسم تكرارها في خطبه العلنية. فهل هي مراوغة أم مناورة؟ ألا يشاهد الحزب ما يحصل في سوريا والمنطقة؟ وهل القرار بيده؟ وهل يتحمل اللبنانيون مغامرات أخرى بعد؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
إيران تفاوض.. فمن يوقع عن لبنان؟ | برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض |