سوريا على أعتاب فجر جديد.. أحمد بكورة: نحن دعاة سلام ولا مكان للتطرف، ووائل علوان: التحديات كبيرة!
مع سقوط نظام الأسد، تبدأ سوريا مرحلة جديدة مليئة بالتحديات والآمال. فبعد عقود من القمع والانتهاكات، يجد السوريون أنفسهم أمام مسؤولية إعادة بناء الوطن وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية. وبينما تتجه الأنظار إلى المعارضة السورية لقيادة عملية الانتقال السياسي، يبرز السؤال: كيف يمكن تجاوز الماضي المؤلم لبناء مستقبل مستقر وديمقراطي يضمن حقوق جميع السوريين؟
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
مع فتح أبواب كل زنزانة سورية، ومع القصص المؤلمة التي يرويها الخارجون من أقبية اليوم، تتجدد الإدانة الشعبية والدولية لنظام بشار الأسد الذي ارتكب على مدى أكثر من نصف عقد جرائم جسيمة بحق الشعب السوري، شملت القمع الوحشي، استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وتدمير البنية التحتية للبلاد، فضلاً عن “فظائع السجون”.
ومع سقوط هذا النظام، يدخل السوريون مرحلة تاريخية حاسمة، محمّلين بتحديات إعادة الإعمار، تحقيق العدالة الانتقالية، وضمان عدم تكرار الاستبداد، ما يطرح السؤال الأهم ألا وهو: كيف يمكن إعادة بناء الثقة بين السوريين وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة؟
في هذا السياق، يؤكد أحمد بكورة، منسق مجموعة عمل اللاجئين والنازحين في الائتلاف الوطني السوري، لـ”هنا لبنان” أنّ “جميع السوريين بحاجة إلى حياة كريمة ومستقرة وأجواء سلام بعد سنوات طويلة من الحرب”.
وأوضح أنّ “المصالحة الوطنية الشاملة، تقوم على إشراك كافة مكونات الشعب السوري دون تمييز في عملية بناء الوطن، مع ضرورة تحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم. هذه الخطوات تعدّ ركيزة أساسية لإعادة بناء الثقة بين السوريين”.
وعن إشراك الأطراف غير المنخرطة حاليًا في العملية السياسية، يرى بكورة أنّ “مشروع التغيير هو مشروع وطني بامتياز، يضع المصلحة السورية العليا فوق أي اعتبارات فردية أو فئوية”، مشدداً على أنّ “جميع المكونات الوطنية يجب أن تكون جزءًا من هذا المشروع للمساهمة في بناء سوريا الجديدة، وأنّ الشعب السوري لن يسمح بأيّ محاولات لعرقلة حلمه في الحرية والوحدة”.
أما في ما يتعلق بمخاوف الأقليات، فيشير بكورة إلى أنّ “التجربة السورية بعد تحرير حلب أثبتت أنّ الحياة الطبيعية يمكن أن تستمر في ظل حفظ حقوق جميع المكونات. ويضيف: “نحن دعاة سلام وبناء، وليس الإقصاء، فكل مكونات الشعب السوري الدينية والعرقية جزء لا يتجزأ من نسيج الوطن، وقد لعبت دورًا في الثورة وستواصل هذا الدور في مستقبل سوريا”.
وعن مخاطر التطرف، وما يحاول أن يروّج له الإعلام الموالي للنظام البائد يقول بكورة إنّه “لا توجد مؤشرات لوجود تطرف في سوريا الحالية، حيث يتجه السوريون نحو بناء دولة حرة قائمة على أسس ديمقراطية”، لافتاً إلى أنّ “الشعب بدأ بالفعل التفكير في الانتخابات واختيار ممثليه، مما يعكس الوعي العالي والإرادة الشعبية للتغيير”.
أما عن الاتهامات بالسعي لإقامة حكم إسلامي وفرض الحجاب، فيردّ بكورة قائلاً: “لن يفرض على الشعب السوري العظيم ما لا يريده. شكل الحكم هو قرار الشعب وحده، ولن تستطيع أي جهة فرض رؤيتها بالقوة. سوريا، بتاريخها الغني وتنوعها الديني والعرقي، تعتبر هذا التنوع مصدر قوة وثراء حضاريً”.
وعمّا إن كان هناك ما يضمن عدم تكرار الاستبداد السياسي، يؤكد بكورة بحزم: “من يجرؤ على الاستبداد في وجه هذا الشعب؟ السوريون اقتلعوا أحد أكثر الأنظمة قمعًا في التاريخ، ولن يسمحوا بإعادة إنتاج استبداد جديد أو التفريط بتضحياتهم. الشعب السوري يراقب المرحلة الحالية بوعي كبير ويدرك أهمية مرحلة ما بعد سقوط النظام وقبل بناء الدولة الجديدة.”
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي السوري وائل علوان أنّ “التهاوي السريع للنظام كان مفاجئاً على المستوى المحلي كما الدولي”، مضيفاً: “لا أحد يعلم ما هو المستقبل القريب الذي يمكن أن تسير إليه الخريطة السياسية أو الميدانية”.
وتابع علوان في حديث لـ”هنا لبنان”: “المعارضة تمتلك خططًا عريضة للانتقال السياسي للحوكمة، لكن التنفيذ على أرض الواقع ربما قد يصطدم بالعوائق، ولكن المريح في الموضوع أنّ المعارضة فيما بينها وإن كان لديها اختلاف في وجهات النظر، غير أنّ هذا الاختلاف لا يشبه ذلك الذي بينها وبين النظام”.
ولفت علوان إلى أنّ “هناك تحديات كبيرة اليوم، ولكن التخوف الأكبر هو من التدخل الخارجي، الذي قد يدعم أطراف من أجل بناء منظومة جديدة شبيهة بالنظام، كما هناك العديد من التخوفات من تقسيم سوريا في ظلّ اختلاف الأجندات”.
وشدّد علوان على أنّ “المسؤولين بالنظام والذين تلطخت أيديهم بالدماء، والذي اتخذوا قرارات بارتكاب الانتهاكات والفظائع لا حلّ بالتعامل معهم إلّا بالإحالة للمحاكم”.
وختم المحلل السياسي السوري معتبراً أنّه”على المعارضة أن تكون قادرة اليوم إلى حد ما من الاستفادة من الجهاز البيروقراطي ومن الموظفين في المرحلة المقبلة، مع الحؤول دون عودة الفساد والرشوى والقبضة الأمنية، وهذه الخشية محقة، ويجب تجنّب إعادة تدوير من كانوا جزءاً من منظومة الفساد والاستبداد”.