فظاعات نظام الأسد ومحور الفرامة البشرية
ستبقى جرائم الأسد شاهدة على أسوأ ما يمكن أن يفعله نظام استبدادي بشعبه. ولعل أمل السوريين الوحيد يكمن في تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين، لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل، وترتيب مرحلة انتقالية هادئة تعبر بسوريا الجديدة إلى مستقبل يطوي الصفحة الطويلة السوداء
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
أيهما الذي عانى الأوجاع من نظام الاستبداد أكثر؟ الشعب اللبناني أم الشعب السوري؟
أصبح الجواب أسهل بعد سقوط الأسد، فعلى مدى عقود، أصبح النظام السوري بقيادة بشار الأسد رمزًا للقمع والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، أظهر النظام استعداده لتحويل سوريا إلى ساحة من الرعب والموت، ممارسًا أساليب وحشية لقمع أي شكل من أشكال المعارضة، ما أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في العصر الحديث.
أوشفيتز العصر مسلخ صيدنايا البشري سيكون على موعد يومي مع حلقات من مسلسل رعب، لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
اعتمد نظام الأسد على مجموعة من الوسائل الوحشية لإحكام قبضته على السلطة. قصف المدنيين عشوائياً، وشنّ طيرانه آلاف الغارات التي دمرت المدن والبلدات، مستهدفة المدارس، والمستشفيات، والأسواق. ولعل أسوأ هذه الهجمات تلك التي استخدمت فيها الأسلحة الكيميائية، كما حدث في الغوطة الشرقية عام 2013، حيث قتل مئات المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، باستخدام غاز السارين.
لقد وثقت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، حالات احتجاز تعسفي وتعذيب ممنهج في سجون النظام الذي اعتمد أيضاً الحصار والتجويع، فاستخدم سياسة الحصار ضد المدن والبلدات التي خرجت عن سيطرته، مانعًا دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى وفاة الآلاف جراء الجوع ونقص الأدوية.
لم يكن النظام السوري وحده المسؤول عن هذه المحرقة البشرية؛ فقد تلقى دعمًا عسكريًا وسياسيًا من قوى إقليمية ودولية، تصدرتها إيران وميليشياتها. قدمت إيران دعمًا كبيرًا للنظام السوري عبر “حزب الله” اللبناني وفصائل أخرى، مما عزز قبضة الأسد على السلطة وأطال أمد الصراع.
كما لعبت روسيا دورًا محوريًا في ترجيح كفة النظام عبر تدخلها العسكري المباشر في عام 2015 حيث نفذت القوات الروسية ضربات جوية استهدفت بشكل أساسي المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”.
على الرغم من هول الجرائم المرتكبة، فشل المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء الصراع، مكتفيًا بالإدانة والمساعدات الإنسانية التي لا ترقى إلى حجم الكارثة، وكان لإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، دور بلغ حد التواطؤ، ما مكّن النظام المخلوع من الاستمرار في تنفيذ مجازره. سينظر العالم إلى صيدنايا بعين المسؤولية التاريخية عن المشاركة في السكوت على المجزرة.
ختامًا، ستبقى هذه الجرائم شاهدة على أسوأ ما يمكن أن يفعله نظام استبدادي بشعبه. ولعل أمل السوريين الوحيد يكمن في تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين، لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل، الأمل هو في ترتيب مرحلة انتقالية هادئة تعبر بسوريا الجديدة إلى مستقبل يطوي الصفحة الطويلة السوداء.
أما محور الفرامة البشرية التي باتت رمزاً لوحدة الاستبداد، فعليه أن ينتظر ما يتجاوز الإدانة الاخلاقية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بعد نكبتي غزة ولبنان ماذا تريد إيران من الضفة؟ | البند الرابع عنوان اتفاق الإذعان | لكل 17 أياره: استسلام الممانعة |