أنس العبدة لـ”هنا لبنان”: 80% من سوريا قد دمّر وإعمار سوريا يتطلب أكثر من 10 سنوات.. ولا بدّ من استراتيجية وطنية كبرى
في ظل الدمار الكبير الذي حل بسوريا والتحديات السياسية والاجتماعية التي تواجهها، يؤكد السياسي السوري أنس العبدة على أهمية تبني استراتيجية وطنية شاملة لإدارة المرحلة الانتقالية. كما يضع رؤية تتضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة، منع الفراغ السياسي، وضمان التوافق الوطني، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى عدالة انتقالية وإعادة إعمار شاملة تمتد لعقد أو أكثر
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
“الحفاظ على مؤسسات الدولة، تجنب الفراغ، وضمان التوافق الوطني”، هي نقاط شدد عليها السياسي السوري وعضو هيئة التفاوض والهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، أنس العبدة، خلال حديثه لـ”هنا لبنان”.
العبدة والذي كشف في تصريحاته عن خطة شاملة لإدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، أشار في المقابل إلى أنّ هذه المرحلة تحمل في طياتها تحديات وفرصاً غير مسبوقة لإعادة بناء البلاد ووضع أسس سوريا المستقبل.
وبالعودة إلى تفاصيل الحوار، أوضح العبدة أنّ “الحكومة الحالية هي حكومة تسيير أعمال مؤقتة حتى بداية آذار، وخلال هذه الفترة سيتم التحضير لتشكيل حكومة انتقالية شاملة تدير المرحلة الانتقالية بكاملها”، لافتاً إلى أنّ :الهدف الأساسي هو منع أيّ فراغ أو انقطاع في الخدمات، وضمان استمرارية المؤسسات التي تمثل ملكاً للشعب السوري وليس النظام، حيث أنّ النظام السابق هو عبارة عن مجموعة من الأشخاص والمجرمين الذين هيمنوا على الدولة لعقود، لذا فإنّ الحفاظ على استمرارية المؤسسات هو الضمان الأساسي لتحقيق الاستقرار ومنع انهيار الدولة”.
وأشار العبدة إلى أنّ “أي مرحلة انتقالية تعد واحدة من أخطر المراحل التي يمكن أن تمر بها أي دولة، خاصة مع ما يرافقها من تغييرات في موازين القوى والمعادلات السياسية. لذلك، من الضروري تشكيل مجلس انتقالي يشمل جميع الأطراف ويكون مسؤولاً عن إدارة المرحلة، ويجب أيضاً التحضير لمؤتمر وطني يضم كل المكونات السورية بهدف بناء توافق وطني”، موضحاً أنّ “هذا المؤتمر سيؤسس لجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً يعكس تطلعات الشعب السوري ويعتمد على مبدأ المواطنة المتساوية دون تمييز، ويُطرح هذا الدستور للاستفتاء الشعبي”.
وأكد العبدة أنّ العدالة الانتقالية تعد محوراً أساسياً في أي عملية انتقالية. وقال: “لا يمكن تحقيق سلام دائم دون عدالة. يجب وضع معايير واضحة للمرحلة الانتقالية يتم تطبيقها من قبل المحاكم، مع التركيز على المصالحة الوطنية والاستفادة من تجارب شعوب أخرى”، مضيفاً: “يجب أن تشمل هذه العملية محاسبة المجرمين وتعويض الضحايا، مع مراعاة الواقع الحالي وتعزيز السلم الأهلي”.
وفي ما يتعلق بإعادة الإعمار، كشف العبدة أنّ “أكثر من نصف الشعب السوري إما نازح داخل البلاد أو لاجئ خارجها، و80% من المنازل هي أو مدمرة أو غير صالحة للسكن، و70% من البنى التحتية مدمرة أيضاً أو غير صالحة. سوريا بحاجة إلى ورشة عمل وطنية ضخمة لإعادة بناء ما تهدم. هذه العملية تحتاج إلى استراتيجية وطنية كبرى، وتستغرق ما بين 10 إلى 15 عاماً”.
وشدد العبدة على “أهمية جذب الاستثمارات والشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع الاعتماد على دعم الدول العربية والأجنبية”، موضحاً أنّ “السوريين لديهم حس استثماري مميز وقدرة على المبادرة، لكنهم يحتاجون إلى بيئة آمنة وقوانين تحمي حقوق الجميع. هذه البيئة يجب أن تشجع الاستثمار وتضمن الحماية للمستثمر والمستهلك على حد سواء”.
وتوقف العبدة عند أهمية العلاقات الخارجية قائلاً: “سوريا الجديدة تحتاج إلى استراتيجية متوازنة في علاقاتها الدولية، بعيداً عن الانجرار نحو أي طرف. الهدف الأساسي هو تحقيق أكبر فائدة ممكنة للشعب السوري، مع الحد من التدخلات الخارجية الضارة”.
كما شدد على ضرورة تمثيل الأقليات بشكل عادل في المؤسسات الانتقالية، وقال: “حماية حقوق الأقليات وضمان تمثيلهم في الجمعية التأسيسية والمجلس الانتقالي أمر أساسي، ويجب أن يتضمن الدستور الجديد عقداً اجتماعياً يضمن المساواة الكاملة بين جميع المواطنين”.