ملف المخطوفين في السجون السورية: بارقة أمل باستعادتهم وتعقيدات قد تحبط المحاولات!
سنوات مرت وبقي الملف من دون أفق، فكم من والد أو والدة تحسروا على ابن خطف بعمر الورد، وقد تحرك الملف اليوم بعد أن اندثر عهد الأسد وفتحت الزنزانات والأقبية والسجون وخرج منها معتقلون قبعوا لسنوات تحت نار التعذيب والتنكيل
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
عاد ملف المخطوفين في السجون السورية إلى واجهة البحث المحلي بعد سقوط نظام بشار الأسد بكل أوجهه السياسية والأمنية الظالمة. هذا الملف الذي فتح من جديد أنعش الأمل في قلوب عائلات اعتقلت السلطات السورية منها آباء أو أبناء، أو اختطفتهم من دون وجه حق وذلك بفعل حقبة سوداء مرت على البلاد. سنوات وسنوات مرت وبقي الملف من دون أفق، فكم من والد أو والدة تحسروا على ابن خطف بعمر الورد، وكم من زوجة قتلها الشوق لاحتضان زوجها وكم من عائلة توسلت لقاءً مع أفرادها.
تحرك الملف بعد أن اندثر عهد الأسد وفتحت الزنزانات والأقبية والسجون وخرج منها معتقلون قبعوا لسنوات تحت نار التعذيب والتنكيل. حضرت بارقة الأمل وإن كانت ضئيلة لدى كثيرين راحوا ينبشون السجلات والتواريخ والصور عن أحباء أقاموا لهم الدعاء ، لأنه لم يكن في مقدورهم سوى اللجوء إلى هذه الخطوة . قيل للبعض أن ما من مفقودين أو مخفيين، فسلموا الأمر للمعجزة الربانية.
لم تمت مطالبة كثيرين بمعرفة مصير هؤلاء، لكن الردود السلبية من المعنيين أقفلت النوافذ أمام أي تقدم فيه. ولعل السؤال المطروح اليوم، هل يستعيد لبنان أسراه ومخطوفيه أو ما تبقى منهم ؟
فشلت أو أُفشِلت جهود الحكومات المتعاقبة في حل هذا الملف حتى ما بعد خروج السوريين من لبنان في العام ٢٠٠٥ وتشكيل لجنة سورية لبنانية مشتركة لهذه الغاية. بقي الملف ولم ييأس أصحاب القضية.. فريتا تبحث عن والد خطف في العام ١٩٨٢ وعمره اليوم ثمانون عاماً وكما ريتا كثر. كان الخطف عشوائياً في بيروت والجبل ومناطق أخرى والمخطوفون لبنانيون بصرف النظر عن دياناتهم .
ولأن القضية شائكة، فإنّ مقاربتها لا بدّ من أن تتم بكثير من الجدية.. هذا ما تؤكده مصادر سياسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” التي تحدّثت عن استنفار سياسي وأمني واسع لإمكانية الوصول إلى حقيقة مصير المعتقلين الذين قد تكتب لهم الحياة كما كتبت لمن تحرر اليوم وخرج إلى الحرية، موضحة أنّ الملف الذي عهد إلى وزير العدل هنري خوري مع لجنة أمنية يسابق الوقت، فأية معلومة مفيدة مهما كان حجمها لا سيما أن الرقم المتداول للمخفيين ليس نهائياً، إذ حكي عن ٦٠٠ مخطوف.
وتشير المصادر إلى أنّ هناك رغبة في عدم التباطؤ في إيجاد أي دليل، في حين أنّ تكليف العميد علي طه في تقصي الحقائق هو تمهيد للانطلاق في رحلة البحث عن هؤلاء المخطوفين، ويبقى التواصل مع أعضاء هيئة المفقودين في السجون السورية قائماً وفق ما هو ظاهر كما مع أي طرف معني .
وتفيد المصادر أن لا معطيات نهائية والأمور قيد المتابعة وجميع الجهات المعنية تنسق في ما بينها لتقديم أية مساعدة وإن كانت خجولة، متوقفة عند مباشرة الصليب الأحمر بتعميم رقم يخدم هدف التواصل. وهناك لوائح بأسماء قدمت وتفاصيل قد تفيد حتى وإن كانت أقل من المتوقع .. فالأساس يبقى تحرير من في الإمكان تحريرهم من سجون الطغاة.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض لـ”هنا لبنان” أنّ قضية المخطوفين في السجون السورية حملها لأكثر من ٢٥ سنة ويتوقف عند تماهي قوى الأمر الواقع مع الاحتلال السوري لمنع القضاء من القيام بواجبه.
ويشير محفوض إلى أنه لأمر بديهي العمل على إصدار مذكرة توقيف بحق بشار الأسد، وذلك بجرم خطف وإخفاء اللبنانيين وهناك أمل في محاكمته، ويلفت إلى اجتماع تعقده الجبهة السيادية مع جمعية المعتقلين في السجون السورية يوم السبت المقبل بهدف الخروج بقرار مشترك للذهاب في اتجاه تفعيل الملف والتعاون من أجله .
ويوضح أنّ عملية البحث دقيقة ومعقدة وهناك معلومات تفيد أنّ المعتقلين السياسيين ليسوا في السجون التقليدية أي صيدنايا وتدمر، ويرى أنّ هناك واجبات على الحكومة في تكليف خلية أزمة وأصحاب الاختصاص ولا سيما في مسألة الحمض النووي ال DNA ، إذ لا يكفي تكليف وزير العدل وهناك مطالبة بتسمية وزارة لهذا الملف.
ويختم مؤكدًا أنّ صراخنا على مدى عقود كان في محله وتم دحض الكلام القائل أنّ ما من لبنانيين في السجون السورية .
على الرغم من دقة الملف وتعقيداته إلا أنّ الملف فتح ولن يقفل قبل عودة المعتقلين اللبنانيين، وهذا عهد على قوى المعارضة التي تحركت سابقاً ولم تتنازل عن هذا المطلب.
مواضيع مماثلة للكاتب:
فرنسا على الخط الرئاسي مجدداً.. حظوظ نجاح مهمة لودريان مرتفعة | بيار الجميل.. عريس “ثورة الأرز” الذي استشهد رافعاً اسم السيادة | الدفاع المدني جهاز بمساحة الوطن واستهدافه في الحرب يصعب مهماته |