ملفّ المرفأ يتحرّك.. انتظروا المفاجآت


خاص 17 كانون الأول, 2024

الكباش القضائي عائد وبقوّة إلى دوائر قصر العدل، لكن هذه المرّة سيبقى محصوراً في أروقة العدالة، لا مجال للعودة مجدداً إلى نغمة التهديد بـ”قبع البيطار”، ولا تكرار لسيناريو “طيونة جدية”، أو من يخرج ويرفع أصبعه بوجه المطالبين بالعدالة قائلاً لهم “تأدبوا”، فزمن التهديد والوعيد وترهيب الناس ولّى إلى غير رجعة


كتب يوسف دياب لـ”هنا لبنان”:
أيامٌ قليلة وربما ساعات، وتنصرف الأنظار عن التطورات السياسية والأمنية التي يشهدها لبنان ومحيطه إلى الحدث القضائي المنتظر، المتمثّل بإجراءات سيلجأ إليها المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، بعد أكثر من عامين على التعطيل ومحاولات تقويض التحقيق بعشرات دعاوى الردّ والمخاصمة تارة، وطوراً بتهديد مباشر من “حزب الله” داخل قصر العدل بـ “قبع البيطار”، أو حتى بتوتّرات مزعزعة للاستقرار على الأرض كما حصل في أحداث الطيونة قبل أكثر من عامين.
أكثر من 40 دعوى ردّ ومخاصمة ونقل وانتحال صفة، واجهها البيطار بهدف الضغط عليه “وتطييره” وتعيين قاضٍ آخر طيّع بيد السلطة السياسية.. كلّها لم تنجح في تغيير قناعات قاضٍ قيد أنملة، وهنا يسجّل للمحقق العدلي قدرته على الصبر والصمود بوجه كلّ الحملات، كما يسجّل لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود جرأته وإصراره على حماية البيطار، ليس من أجل هذا الرجل بذاته، بل من أجل حماية القضاء والعدالة والحقيقة في قضية مرفأ بيروت، وقبل ذلك كلّه حماية لكلّ قاضٍ شريف ونزيه يرفض العبث بحقوق الناس، وبأرواحهم وحياتهم حتى لا تتكرر مأساة 4 آب مرّة أخرى وينفذ المتورطون من حكم العدالة وسلطانه.
وتتجه الأنظار في الأيام القليلة المقبلة إلى قصر العدل في بيروت، حيث يتأهب طارق البيطار لاتخاذ إجراءات حاسمة في ملفّ المرفأ، وعلم “هنا لبنان” أنّ المحقق العدلي “اتخذ قراراً نهائياً باستئناف التحقيق وتحديد مواعيد جلسات يستدعي إليها كلّ السياسيين والأمنيين والموظفين المدعى عليهم في هذا الملفّ لاستجوابهم”. وأكدت مصادر مواكبة لهذا الملفّ عن قرب، أنّ “خطوات البيطار كانت مقررة منذ منتصف شهر أيلول الماضي أي في الأسبوع من بداية السنة القضائية الجديدة، غير أن الحرب الإسرائيلية على لبنان التي بدأت بتفجيرات البيجر ثم الاغتيالات والحرب التدميرية التي شنّتها إسرائيل على لبنان، استدعت التأجيل الاضطراري حتى لا تُعطى الإجراءات القضائية تفسيرات مغايرة لحقيقتها”، مشيرة إلى أنّ “الحرب فرضت التأخير ونسفت مواعيد كانت محددة لمثول المدعى عليهم، وبالتالي أخّرت القرار الاتهامي الذي كان متوقعاً صدوره قبل نهاية العام الحالي، لكنّ هذه الإجراءات ستستأنف على أن يكون المحقق العدلي جاهزاً لإصدار قراره في غضون شهرين أي في نهاية شهر شباط أو مطلع شهر آذار المقبل”.
بالتأكيد لن تكون الطريق معبدّة أمام البيطار، فالتباينات بينه وبين النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار ما زالت قائمة لا بل آخذة بالاتساع، فالأخير ما زال متمسّكاً بمبدأ إخراج السياسيين والقضاة المدعى عليهم من الملفّ، ويعتبر أن صلاحية ملاحقة النواب والوزراء تقع على عاتق المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، أما القضاة فثمّة معايير ترعى ملاحقتهم لا يمكن تخطيها أو القفز فوقها، وهذا أمر يرفضه البيطار بالمطلق، فالدراسة القانونية التي أعدها في شهر كانون الثاني 2022 تعتبر أنه بمجرد إحالة القضية على المجلس العدلي بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، تسقط كل الحصانات والاستثناءات عن السياسيين والقضاة والأمنيين والموظفين، ويتساوى الجميع أمام القانون”. وكشف مصدر قضائي مطلع لـ “هنا لبنان”، أنّ “إصرار البيطار على المضي بإجراءاته سيدفع بالحجار إلى التنحّي عن هذا الملفّ، ما يعرقل إمكانية تعاون النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي طارق البيطار، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه في عهد النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات”. وأكدت أن “تنحّي الحجار سيعقّد الأمور إلى حدّ كبير، خصوصاً وأن أغلب المحامين العامين لدى محكمة التمييز إما جرى ردّهم أو ثمة دعاوى مقدّمة ضدهم وتطلب ردّهم ومخاصمتهم، ويبقى السؤال: إذا تنحّى الحجار من سينفّذ القرارات والمذكرات التي تصدر عن المحقق العدلي؟ أي قاضٍ في النيابة العامة التمييزية يمكنه أن يعدّ المطالعة بالأساس التي تشكّل معبراً إلزامياً لصدور القرار الاتهامي؟”.
كلّ التوقعات تفيد بأن الكباش القضائي ـ القضائي من جهة، والكباش القضائي ــ السياسي من جهة ثانية عائد وبقوّة إلى دوائر قصر العدل، لكن هذه المرّة سيبقى محصوراً في أروقة العدالة، لا مجال للعودة مجدداً إلى نغمة التهديد بـ”قبع البيطار”، ولا تكرار لسيناريو “طيونة جدية”، أو من يخرج ويرفع أصبعه بوجه المطالبين بالعدالة قائلاً لهم “تأدبوا”، فزمن التهديد والوعيد وترهيب الناس ولّى إلى غير رجعة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us