هل يُعاد ترميم الاتفاق النووي الإيراني؟
نشر موقع (وال ستريت جورنال) الإلكتروني مقالاً بعنوان: برنامج إيران النووي: ما مدى قرب طهران من تطوير أسلحة نووية؟
تشكل انتهاكات إيران للاتفاق النووي الذي عُقد في عام 2015 والمخاوف بشأن خططها في مجال تصنيع الأسلحة النووية ضغطاً على الرئيس الأميركي “بايدن”. فبعد شهور من الجمود، وافقت إيران والولايات المتحدة والأطراف الخمسة المتبقية في الاتفاق النووي على استئناف المفاوضات في “فيينا” لترميم الاتفاق. وحالياً مجرد جمع الطرفين على نفس الطاولة في العاصمة النمساوية؛ لعقد جولتين من المفاوضات يعدّ خطوة أولى رئيسية باتجاه إنقاذ الصفقة. باعتبار أن المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين غير جاهزين لمناقشات مباشرة في الوقت الحالي.
الهدف الرئيسي لإيران في المحادثات هو الحصول على إعفاء من العقوبات التي فرضتها “إدارة ترامب” عام 2018 إبان انسحابها من الاتفاق. بينما سيركِّز المسؤولون الأمريكيون على إعادة إيران إلى حظيرة الالتزام بالبنود التي تملصت مؤخراً من العديد منها، مما فتح المجال أمامها لاختصار الوقت بإنتاج سلاحها النووي. خَطَت إيران هذه الخطوات رغم مغبة تأثُّرها بقطع الأعمال التجارية مع الغرب، كردة فعل على العقوبات الأمريكيَّة. وكان آخر هذه الخطوات وأخطرها تصريحها في 16 نيسان الجاري بأنها “بدأت تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 60 بالمئة للمرة الأولى”. هذا التصريح جاء رداً على هجوم وقع قبل أيام على منشأتها النووية الرئيسية في “نطنز” حيث تسبب بانقطاع التيار الكهربائي الذي أدى إلى تدمير عدد من أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم. فوجهت إيران أصابع الاتهام لإسرائيل، التي لم تورد أي تعليق على الهجوم كعادتها.
وقال رئيس البرنامج النووي الإيراني إنها تنتج تسعة جرامات في الساعة. كما أبلغت إيران الوكالة الذريَّة التابعة للأمم المتحدة أنها ستركِّب حوالي 1000 جهاز طرد مركزي إضافي تحت الأرض في “نطنز”، لتتجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في الاتفاق النووي والذي يبلغ 5000 جهاز. ويقول الخبراء: “إن إيران ستكون قادرة بالمدى القريب على إنتاج كميات صغيرة من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 60٪ خلال ساعات من بدء عملية التخصيب. ويقول مسؤولون أميركيون سابقون: “إن الخطوة تبدو وكأنها محاولة لتقوية موقعها في المفاوضات”. حيث من المرجَّح أن يصبح إنتاج معدن اليورانيوم نقطة اشتعال بين الولايات المتحدة وإيران إذا استأنف الرئيس بايدن المحادثات مع طهران لإعادة الدخول في الاتفاق النووي. وحينها قد تسعى إيران إلى التفاوض على النفوذ من خلال عرض وقف الإنتاج كورقة مساومة. ومع ذلك، يخشى المسؤولون الغربيون من أن إيران قد تكتسب معرفة تقنية لا يمكن محوها، حتى لو تم خفض مستويات التخصيب وتخزين أجهزة الطرد المركزي فيما بعد.
بدأت سلسلة الخروقات الأخيرة هذه في كانون الثاني عندما أعلنت إيران أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 20٪.؛ لتتجاوز بذلك الخط الأحمر الذي حددته سابقاً القوى التي لا تزال طرفاً في الاتفاقية. ثم جاء كبح عمليات التفتيش النووي في أعقاب ما كشفت عنه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 10 فبراير ، والتي أبلغت الدول الأعضاء في تقرير سري أن إيران بدأت في إنتاج معدن اليورانيوم ، وهو مادة حيوية للأسلحة النووية. باعتبار أن الاستخدام السلمي محدود لمعدن اليورانيوم، أثار الكشف القلق بين المسؤولين الغربيين حول ما إذا كانت إيران تستعد لاستئناف العمل نحو سلاح نووي. عقب ذلك تصريح إيران في 23 شباط: بأنها “لن تسمح لمفتشي الأمم المتحدة بالكشف اليومي لمنشآتها النووية أو توفير تقارير أمنيَّة على مدار الساعة لأنشطتها في هذه المواقع”.
لماذا يهم إيران انتاج اليورانيوم؟
غالبًا ما يستخدم معدن اليورانيوم في صميم الأسلحة النووية؛ لذلك يعد إنتاج هذه المادة انتهاكًا واضحًا للاتفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 مع القوى العالمية الست، والذي وافقت بموجبه على وقف إنتاجه هو والبلوتونيوم المعدني لمدة 15 عامًا. قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 10 شباط: ” إن إيران أنتجت كمية صغيرة من معدن اليورانيوم في منشأة تخضع لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية ربما في مختبر صغير وفقًا لأشخاص مطَّلعين على البرنامج النووي الإيراني”. وبالنظر إلى استخدام معدن اليورانيوم في الأسلحة النوويَّة والحظر المفروض على إنتاج إيران لهذه المادة ، فإن إنتاج كميات صغيرة منها يثير تساؤلات حول إصرار إيران لامتلاك أسلحة نووية ويشير إلى أن خياراتها بقيت مفتوحة، رغم تصريح إيران إنها ستستخدم معدن اليورانيوم لإنتاج وقود أكثر تقدماً لمفاعلها البحثي في طهران.
لماذا يهم؟
ينص الاتفاق النَّووي لعام 2015 على الحد من تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 3.67٪. بينما لا يزال مستوى التخصيب بنسبة 90٪. وقد صرَّحت إيران في أوائل كانون الثاني بأنها استأنفت تخصيب اليورانيوم بنقاء 20٪ ، مما يشكِّل انتهاك خطير آخر للحدود المنصوص عليها في الاتفاق. وبالرغم من أن التخصيب بنسبة 20٪ يؤخرعمليَّة إنتاج الوقود اللازمة لسلاح نووي بشكل كبير، فقد حذَّر الخبراء من أن إيران ستستغرق بعض الوقت لتكوين مخزون كبير من اليورانيوم المخصَّب حتى درجة نقاء 60٪، كما صرَّحت عن نواياها في 13 نيسان.
المصدر: Wall Street Journal
By Sune Engel Rasmussen and Laurence Norman