مصائب قوم


خاص 27 كانون الأول, 2024

إنّ في سوريا مشكلات جمة ومساحات واسعة قد تؤدي إلى فتن متنقلة ولكن سياق الأحداث والتطورات هناك قد يقطع الطريق على ذلك، رغم أنّ في سوريا فئات تشبه بعض الفئات الموجودة في لبنان ممن لا يستخلصون العبر والدروس ولا يفهمون الواقع والمتغيرات ويصح فيهم القول “يحرقون البلد كي يشعلوا سيجارتهم”

كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:

يرغب بعض من في لبنان أن تندلع الفتن في سوريا انطلاقاً من مبدأ “مصائب قوم عند قوم فوائد” وينتمي هؤلاء اللبنانيون إلى ما كان يعرف بمحور الممانعة أو المتحالفين معه، ويتفق هؤلاء على أن الفتن في سوريا وبروز حالات التطرف ستعطيهم مصداقية عند جمهورهم، فمنهم من يريد أن يتحجج بذلك من أجل الإحتفاظ بالسلاح وفي مقدم هؤلاء حزب الله، ومنهم من يريد أن يستغل الظرف للهجوم على خصومه السياسيين والقول بأنهم هم من شجعوا وأيدوا المتطرفين ما جعل مثلاً المسيحيين في خطر وفي مقدم هؤلاء التيار الوطني الحر الذي ما زال يعتبر أنّ في سلاح حزب الله حماية للبنان وتحديداً حماية للمسيحيين.

إن لم تحصل تلك الفتن فسيصاب هؤلاء بالإحباط لأن كل الأوراق الأخرى لم تعد في صالحهم كما أنّ علامات استفهام كثيرة تطرح على العديد من تصرفاتهم ومنها مثلاً لماذا كان هناك إصرار هلى ترحيل المتطرفين من جرود السلسلة الشرقية عقب معركة فجر الجرود بدل محاسبتهم على قتل جنود الجيش اللبناني وعناصر قوى الأمن؟ لماذا لم تحصل الإستفاقة آنذاك على ضرورة محاسبتهم وحصلت الآن بعد سقوط نظام الأسد؟ لقد كان هؤلاء بمتناول المحاسبة وهناك من أنقذهم منها كي يبيقهم مبرراً من مبررات حمل السلاح.

وفي هذا السياق تعالت بعض الأصوات المسيحية مستنكرة التقارب مع السلطة الجديدة في سوريا على خلفية قتل جنود ورجال أمن لبنانيين ولكن هذه الأصوات نفسها غابت عن طلب محاسبة قوات الأسد التي اقتحمت المنطقة التي كان يسيطر عليها العماد ميشال عون ما أسفر عن استشهاد العشرات من العسكريين والمدنيين وعن اختفاء العشرات أيضاً من دون معرفة مصيرهم حتى اليوم، ورغم ذلك أقامت تلك القوى المسيحية علاقات وطيدة مع نظام الأسد ودافعت عنه وروجت له وأصبحت تلك الحقبة السوداء منسية فعلياً سوى من ذكرى سنوية لا تشبه أبداً الهدف الوطني الذي سقط من أجله هؤلاء الشهداء.

ما سبق هو أكبر دليل على الإستغلال والتوظيف السياسي لأنّ الهدف هو سياسي ١٠٠% ولا يعبر لا عن حرص على هذه الطائفة أو تلك لأن هؤلاء وكلما أريقت الدماء أكثر كلما صبت في قناة تحقيق أهدافهم السياسية، علماً أنّ هؤلاء يتهمون كل من يطالب بالكشف عن مرتكبي الجرائم ذات الطابع السياسي بأنه يمارس الإستغلال السياسي وقولهم هذا لا يهدف في الحقيقة سوى إلى تجهيل الفاعل والمزيد من الترهيب.

إنّ في سوريا مشكلات جمة ومساحات واسعة قد تؤدي إلى فتن متنقلة ولكن سياق الأحداث والتطورات هناك قد تقطع الطريق على ذلك لا سيما مع وجود رعاية دولية للوضع المستجد هناك رغم أنّ في سوريا فئات تشبه بعض الفئات الموجودة في لبنان ممن لا يستخلصون العبر والدروس ولا يفهمون الواقع والمتغيرات ويصح فيهم القول “يحرقون البلد كي يشعلوا سيجارتهم”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us