هذا ما ستُحقّقه “الثورة” في الانتخابات
كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:
لا شيء يحسم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها… ولكن وفقا للدستور ولاية مجلس النواب محددة بأربع سنوات وغير قابلة للتجديد الا اذا حصل تعديل، وحصل سابقا لـ”مرة واحدة” على ثلاث مراحل في 2009 و2013 و2017.
ومن حيث المبدأ يفترض ان يجرى هذا الاستحقاق في ايار العام المقبل… ومن حيث المبدأ ايضا يفترض ان تبدأ الاستعداد!
هذا من حيث الشكل، اما من حيث المضمون فانه يعول على الانتخابات المقبلة – ان جرت في موعدها او ارجئت- ان تحمل التغيير المنشود بعدما انهارت الدولة اقتصاديا وسياسيا ومعيشيا…
هنا السؤال: اين الثورة او الانتفاضة، هل بدأت الاستعدادات لخوض هذا الاستحقاق، من هي الشخصيات التي ستفرزها لتجلس على مقاعد ساحة النجمة، ما هو برنامجها الواضح، اين ماكينتها الانتخابية…؟
وفي الوقت عينه، كيف ستنجح في خرق الاحزاب المتمرسة في العمل السياسي، لديها ماكينات انتخابية وتملك خبرة طويلة في التعاطي مع الناس ومع المفاتيح الانتخابية… وايضا تضخ الاموال وربما بدأت من خلال مد يد العون للناس من باب الازمة الاقتصادية والمعيشية!
فشل وفساد
يشرح الناشط السياسي ربيع الشاعر ان قيام الثورة او الانتفاضة أمر ضروري جدا وجاء نتيجة فشل وفساد واستبداد السلطة الحاكمة التي تعاقبت على الحكم منذ عشرات السنوات ولم تستطع محاسبة بعضها البعض بسبب فشلها في محاربة الفساد او اشتراكها فيه- وان كانت النسب متفاوتة بين طرف وآخر- واصدق تعبير عن هذا الفشل هو الانهيار الاقتصادي الحاصل راهنا وفقدان الثقة في البلد.
ويذكر الشاعر عبر وكالة “أخبار اليوم” ان تكوين السلطة يقوم على التحاصص بين اطراف نفس المنظومة التي الغت الفصل بين السلطات، معتبرا ان المطلوب من الثورة ان تنجح – اكان في الشارع او عبر الانتخابات- في اقصاء هذه الطبقة بشكل ديموقراطي لتحل مكانها مجموعة اخرى تحكم، سائلا: لكن هل يحصل في لبنان ما يتم عادة في الدول الديموقراطية؟
احتكار العنف
يتابع الشاعر قائلا: التغيير عبر الشارع شبه مستحيل، لا يوجد سابقة في لبنان، والسبب هو ان هذه السلطة تحتكر العنف بكافة اشكاله، بحق اي فئة تقف في وجهها.
هنا يشرح الشاعر ان عنف السلطة يتدرج من العنف المعنوي الى العنف الجسدي.
ويبدأ العنف المعنوي من خلال ضرب الصورة امام الرأي العام، كي لا تأخذ شرعية معينة تؤدي الى جمع الناس ضد السلطة، وهذا يأتي عبر حملات اعلامية لتشويه الصورة اما استنادا الى تهمة العمالة مع اسرائيل – وهي تهمة قديمة وجاهزة- او العمالة الى انظمة وسفارات. او تهمة الالحاد او الوقوف بوجه الشرعية الدينية التي يقوم عليها المجتمع اللبناني، وصولا الى ضرب الصورة الاخلاقية.
اذا لم تنجح السلطة مع العنف المعنوي فانها تنتقل الى العنف المؤسساتي، فتعرقل معاملات الناس كونها تحتكر المؤسسات بحد ذاتها من قضاء ومخافر الى الادارات المالية والتوظيف.
واذا لم ينجح العنف المعنوي فانها تنتقل الى العنف الجسدي من خلال التوقيفات والاستدعاءات وخلق المشاكل …. وصولا الى التصفيات الجسدية.
ويقول الشاعر: هذا الاحتكار للعنف هو نتيجة لاحتكار السلطات كافة فالسلطة التنفيذية هي صورة مصغرة عن السلطة التشريعية فتغيب تلقائيا المساءلة، والسلطة القضائية من خلال التعيينات تصبح ممسوكة من قبل السلطة السياسية…
الانتخابات
ماذا عن التغيير من خلال الانتخابات؟ يوضح الشاعر ان الثورة او الاطراف التي شاركت فيها لا تملك حلولا سحرية بل هم مجموعات ممتعضة، وقد تحركت المظاهرات الشعبية تعبيرا عن رفض الواقع. ويشير ايضا الى ان هذه الثورة مؤلفة من مكونات قد تكون متناقضة من اقصى اليسار واقصى اليمين بالنسبة الى الفكر الاقتصادي والمفهوم المجتمعي والنظرة الى الحريات…. ومن الصعب ان تجتمع هذه المكونات حول برامج موحدة.
ولكن على اي حال، يتابع الشاعر، التحضير للانتخابات -ولا اعتقد انها ستتم في موعدها- يجب ان يبدأ من اليوم ويتطلب الوقت والبرامج، والمعرفة في الانتخابات، ومعرفة تطبيق مبادئ التعاطي مع الناس لاكتساب شرعية معينة … وايضا يتطلب مالا!
وانطلاقا من كل ما تقدم، يخلص الشاعر الى القول: اي خرق من قبل الثورة او من يشكلون الثورة إن حصل لن يكون كبيرا ولن يأتي الا من خلال مجموعة من هذه السلطة “مطورة جينيّا”، بمعنى ان السلطة وامام ما حصل بدءا من 17 تشرين الاول 2019 مجبرة ان تقدّم افضل ما عندها، وهذا امر ايجابي للثورة، حيث ان السلطة لا تستطيع بعد هذا التاريخ ان تواجه الناس بالوجوه التقليدية التي هي فقط صدى للزعماء، بل هي مضطرة الى تقديم وجوه جديدة…
وختم: الاصلاح المنشود سيأخذ وقتا طويلا.
مواضيع ذات صلة :
السلطة الرابعة تجمع الرأي العام لمكافحة الفساد | ثورة 17 تشرين.. من استقالة الحريري إلى “شلل” ميقاتي! | سلاح “الحزب” قوّض الثورة.. ونواب التغيير “سقطوا” في المجلس! |