الملياردير الإماراتي حسين سجواني يُخطّط لاستثمار 20 مليار دولار في مراكز البيانات الأميركية
أعلن الملياردير الإماراتي حسين سجواني، رئيس مجلس إدارة شركة داماك العقارية، عن نيته استثمار 20 مليار دولار في قطاع مراكز البيانات المزدهر في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة. جاء هذا الإعلان خلال لقاء جمعه بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في منزله بمنتجع “مار إيه لاغو” في بالم بيتش، فلوريدا، حيث تمحور النقاش حول تعزيز الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاستراتيجية الأميركية.
دوافع الاستثمار وأبعاده الاقتصادية
يأتي هذا الإعلان في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات اقتصادية جمّة، إذ تشكّل التوترات التجارية مع الصين محوراً رئيسياً في السياسة الاقتصادية للرئيس المنتخب. ترامب، الذي استند في حملته الانتخابية إلى وعود بإنعاش الاقتصاد المحلي، يسعى إلى تعزيز الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل مراكز البيانات، التي تُعدّ العمود الفقري للابتكار التكنولوجي، خصوصاً في ظل التوسع الهائل في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وقال سجواني: “نحن مستعدون لاستثمار 20 مليار دولار، وربما أكثر من ذلك إذا سمحت ظروف السوق بذلك”، مضيفاً أن “هذه الاستثمارات تعتبر جزءاً من استراتيجية طويلة المدى لدعم البنية التحتية الرقمية وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة”.
علاقة ترامب وسجواني: تعاون ممتد عبر السنوات
العلاقة بين ترامب وسجواني ليست جديدة، إذ ترتبط شركة داماك بمصالح مشتركة مع مجموعة ترامب العالمية. فهي تدير ملعب الغولف الوحيد في الشرق الأوسط الذي يحمل اسم ترامب، والذي افتُتح في دبي عام 2017. كما يُعرف الملياردير الإماراتي بعلاقته الوثيقة مع الرئيس الأميركي المنتخب، حيث احتفلا معاً بالعام الجديد في فلوريدا، ما يشير إلى استمرار التعاون بين الطرفين على مستويات اقتصادية متعددة.
السياق العالمي: سباق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
يتزامن هذا الاستثمار مع موجة عالمية من الإنفاق الكبير على البنية التحتية التكنولوجية. منذ إطلاق روبوت الدردشة ChatGPT من شركة OpenAI أواخر عام 2022، زادت الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ، ما رفع الطلب على مراكز البيانات المتطورة. على سبيل المثال، أعلنت مايكروسوفت عن تخصيص 80 مليار دولار هذا العام لتعزيز قدراتها في هذا المجال.
في هذا الإطار يلفت استراتيجي الأسواق المالية في First Financial Markets ، جاد حريري، في حديثه لـ”النهار” إلى أنّ “سباق التسلّح في المستقبل سيكون مرتبطاً بعالم التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات، وهو ما يبرر توجّه كبرى الشركات حول العالم إلى الاستثمار بتقنيات الذكاء الاصطناعي، فالأخير هو المستقبل وكل من لا يواكب هذه التقنيات ستخرج في المستقبل من السوق. والمنافسة في هذا المجال هي الأقوى في التاريخ، لما للذكاء الاصطناعي من تأثير على جميع القطاعات والمجالات وعلى رأسهم الأمن القومي”.
وفي مواجهة هذا التقدم، فرضت الولايات المتحدة قيوداً صارمة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة إلى الصين، ما يعكس جهودها للحد من وصول بكين إلى التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في مراكز البيانات. وبدوره، رشّح ترامب شخصيات متشددة تجاه الصين لتولي مناصب حساسة في إدارته، في إطار سعيه لتصعيد الضغط الاقتصادي عليها.
ويشدد حريري على أنّ “حقبة ترامب ستشهد تخبّطات عديدة ستغيّر من وجه النظام العالمي، خصوصاً في مجالات العملات الرقمية والذكاء الاصطناعي ولذلك حظي ترشيحه بدعم كبار رجال الأعمال والمستثمرين وأصحاب الشركات التكنولوجية الضخمة وعلى رأسهم إيلون ماسك. وأمام هذا الواقع أصبح لا بدّ للدول العربية والأجنبية من الاستثمار في هذه المجالات لمواكبة تطوّر العصر، حيث تلعب التكنولوجيا دوراً كبيراً في رسم ملامح المستقبل”.
عندما نتحدث عن المستقبل، يصبح من الواضح أن جميع القطاعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي (AI) سيكون لها تأثير كبير على كيفية عمل الشركات وحتى الدول، برأي حريري، “فمن يملك ميزة استثمارية أكبر في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي سيحظى بتفوق واضح وميزة تنافسية قوية في الأسواق. وعلى صعيد الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، نجد أنها تضخ مليارات الدولارات للتنافس في مجالات مثل قواعد البيانات (database) وتطوير الذكاء الاصطناعي، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه المجالات في تحديد القوى العالمية”.
أما الاستثمارات التي تُجرى الآن في الشرق الأوسط، مثل التعاون بين رجل الأعمال حسين سجواني والإدارة الأميركية، فهي تسعى إلى تعزيز التنافسية التكنولوجية في المنطقة، يقول حريري، معتبرا أنّ “هذه الخطوات ليست رفاهية، بل ضرورة حتمية، فعدم مواكبة هذا التطور سيؤدي ببساطة إلى الخروج من الأسواق العالمية”.
فرص وتحديات أمام الاستثمار
في حين أن استثمار سجواني يعكس طموحاً لتوسيع النفوذ الإماراتي في قطاع التكنولوجيا الأميركي، فإنه يواجه تحديات عدة. السوق الأميركية، رغم قوتها، تُعتبر شديدة التنافسية، خصوصاً مع هيمنة شركات كبرى مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل على قطاع مراكز البيانات. ومع ذلك، يمكن أن يحقق هذا الاستثمار دفعة نوعية للاقتصاد الأميركي ويعزز مكانة داماك كشريك دولي استراتيجي.
تحولات اقتصادية عالمية
هذا الإعلان لا يُعتبر مجرد خطوة استثمارية عابرة، بل يشكل جزءاً من مشهد أوسع تحركه التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية. فمع تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي أصبحت ساحات جديدة للصراع، حيث تُعيد الدول رسم خريطة التحالفات الاقتصادية على أساس الابتكار والتكنولوجيا.
مواضيع ذات صلة :
رئيس داماك الإماراتية: أتوقع المزيد من الاستثمارات الخليجية بأميركا في عهد ترامب |