“الحزب” الواهم باستعادة فائض القوة


خاص 15 كانون الثاني, 2025

يُظهر انتخاب جوزاف عون وتسمية نواف سلام أنّ لبنان أمام فرصة جديدة للخروج من أزماته المتراكمة وبناء دولة المؤسسات بعيدًا عن الهيمنة والتبعية. كل ذلك بدأ يتحقق على وقع وهم القوة الذي يعيشه “الحزب” الذي يأمل باستعادة فرض معادلة فائض القوة، فيما الوقائع تشي بأنّ مرحلة جديدة قد بدأت في لبنان والمنطقة عنوانها اجتثاث فوضى السلاح والميليشيات

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

إذا ما جازت العودة إلى الوراء، أكثر من سنتين، كان بالإمكان معاينة حجم السيطرة التي كان يمارسها حزب الله على القرار اللبناني.

ترشيح سليمان فرنجية وفرضه بالقوة وإقفال المجلس النيابي، واشتراط الحوار كذريعة لفرض فرنجية، سار طوال سنتين وكأنه قدر مفروض على اللبنانيين ومجلسهم النيابي وقواهم السياسية، لكن قوى المعارضة والقوى الخارجة عن هيمنة الحزب صمدت، ولما أتت المتغيرات العربية والدولية كانت الجهوزية الداخلية جاهزة لتلقف هذه المتغيرات، وترجمتها إلى وقائع.

مشهد نواب حزب الله في القصر الجمهوري، مع كل التوتر الذي صاحبه، ينبئ بأنّ الثنائي يشتري المشكلة، ويهدف للبدء سريعاً بعرقلة عمل العهد والرئيس المكلف، وصولاً إلى استعادة مرحلة ماتت ووضع على قبرها حجر كبير.

بعد سنتين من النضال والمواجهة، حققت المعارضة اللبنانية انتصارًا سياسيًا بارزًا بانتخاب جوزاف عون رئيسًا للجمهورية وتسمية نواف سلام رئيسًا للحكومة. هذا الحدث يشكل نقطة تحول في المشهد السياسي اللبناني الذي طالما كان يتسم بالتوازنات الهشة والصراعات المتكررة.

إنّ هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا صمود المعارضة في وجه حزب الله وحلفائه، الذين هيمنوا على المشهد السياسي اللبناني لسنوات. خلال العامين الماضيين، أظهرت المعارضة وحدة في الموقف وتماسكًا في الرؤية، مما عزز قدرتها على تحدي القوى التقليدية وفرض خياراتها السياسية.

لقد عانى لبنان من فراغ سياسي طويل وأزمات اقتصادية متفاقمة نتيجة غياب التوافق الوطني والانقسامات الحادة بين الأطراف المختلفة. لكن المعارضة أدركت أهمية تقديم مرشحين يتمتعون بمصداقية وطنية ودولية، مثل جوزاف عون الذي يمثل شخصية توافقية قادرة على تجاوز الاستقطاب، ونواف سلام الذي يتمتع بخبرة قانونية ودبلوماسية واسعة تؤهله لقيادة حكومة إصلاحية.

هذا الانتصار يُعتبر شهادة على إرادة اللبنانيين في التغيير ورفضهم للاستمرار في نهج المحاصصة الطائفية والسياسات المصلحية التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار. كما أنه يبرز أهمية النضال السلمي والسياسي في مواجهة القوى التي تسعى لترسيخ نفوذها على حساب المصلحة الوطنية.

المعارضة اللبنانية استطاعت خلال هذه الفترة الاستفادة من الدعم الشعبي والتغييرات الإقليمية والدولية التي ضغطت من أجل تحقيق الاستقرار في لبنان. هذا الانتصار ليس فقط خطوة نحو إعادة بناء الدولة، بل هو أيضًا رسالة إلى الداخل والخارج بأن لبنان قادر على النهوض عندما تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية.

يُظهر انتخاب جوزاف عون وتسمية نواف سلام أنّ لبنان أمام فرصة جديدة للخروج من أزماته المتراكمة، بشرط أن تتكاتف الجهود لتحقيق الإصلاحات المطلوبة وبناء دولة المؤسسات بعيدًا عن الهيمنة والتبعية. المعارضة اللبنانية أثبتت أن الصمود والمثابرة يمكن أن يؤديا إلى التغيير المنشود.

كل ذلك بدأ يتحقق على وقع وهم القوة الذي يعيشه حزب الله، الذي يأمل باستعادة فرض معادلة فائض القوة، فيما الوقائع تشي بأنّ مرحلة جديدة قد بدأت في لبنان والمنطقة عنوانها اجتثاث فوضى السلاح والميليشيات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us