فرصة جديدة للبنان: صندوق النقد الدولي مستعد لدعم الاقتصاد بشرط تنفيذ الإصلاحات
لبنان اليوم أمام فرصة جديدة بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، لكن التحدي يبقى في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي سيظل مرهونًا بمدى جدية الحكومة في تنفيذ هذه الإصلاحات
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
أبدى صندوق النقد الدولي استعداده لتقديم برنامج دعم جديد للبنان “في حال طلبت السلطات ذلك”، وفقًا لما كشفته متحدثة باسم الصندوق لـ”الشرق بلومبيرغ”. وأوضحت المتحدثة أنّ الصندوق يتطلع للعمل مع الرئيس والحكومة الجديدة لمعالجة التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد اللبناني، وقد يشمل ذلك مناقشة برنامج جديد يهدف إلى معالجة هذه التحديات وإعادة تأهيل الاقتصاد، في حال طلبت السلطات اللبنانية ذلك.
توصلت حكومة لبنان وفريق من خبراء صندوق النقد الدولي في 7 نيسان 2022 إلى اتفاق مبدئي لدعم برنامج إصلاح اقتصادي شامل يمتد لأربع سنوات، يتيح للبنان الاستفادة من “تسهيل الصندوق الممدد” بقيمة 3 مليارات دولار، بهدف إعادة بناء الاقتصاد وتعزيز الشفافية والحوكمة. ورغم مرور أكثر من عامين، لم تُنفذ الإصلاحات المطلوبة بشكل كامل، ما أعاق التقدم نحو الاتفاق النهائي.
منذ توقيع الاتفاق، تأثرت الإصلاحات بتأخيرات في إقرار ميزانية 2022، وعدم تنفيذ إعادة هيكلة القطاع المصرفي، والفشل في توحيد أسعار الصرف. كما تعثرت خطوات تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، بما في ذلك تعديل قانون السرية المصرفية وإجراء تدقيق في حسابات مصرف لبنان.
في أيلول 2023، أكد وفد صندوق النقد الدولي استمرار الاتفاق المبدئي، لكنه أشار إلى أنّ لبنان لم ينفذ الإجراءات المسبقة اللازمة للوصول إلى الاتفاق النهائي. ومع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في كانون الثاني 2025، يُتوقع أن يُبدي صندوق النقد استعدادًا لاستئناف المفاوضات، بشرط تنفيذ الإصلاحات المطلوبة مثل إصلاح القطاع المصرفي وتوحيد سعر الصرف.
وبحديث مع خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد، محمد فحيلي أكد لـ”هنا لبنان” أنّ على الرغم من هذه التطورات السياسية، يبقى لبنان بحاجة لتنفيذ إصلاحات هيكلية لاستعادة الثقة الدولية. وأضاف فحيلي أنّ استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي يعتمد على مدى التزام الحكومة اللبنانية الجديدة بتنفيذ الإصلاحات الضرورية، بدءًا من تحسين الشفافية المالية وحتى إعادة هيكلة الدين العام.
وشدد فحيلي على أنّ تصنيف لبنان الائتماني المتعثر ووجوده على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF) يشكلان عائقين رئيسيين في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، معتبراً أن التصنيف الائتماني يجعل المستثمرين مترددين في تقديم الدعم المالي للبنان، في حين أنّ وجوده على اللائحة الرمادية يعزز من مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يضعف الثقة في النظام المالي اللبناني.
يتطلب الوضع الراهن إرادة سياسية قوية لتنفيذ الإصلاحات. من بين الحلول الممكنة، خروج لبنان من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، وتحسين تصنيفه الائتماني، وتنفيذ تدقيق شامل في حسابات مصرف لبنان لتعزيز الشفافية. استعادة ثقة المجتمع الدولي سيكون أمرًا أساسيًا للحصول على الدعم المالي وإعادة بناء الاقتصاد اللبناني.
لبنان اليوم أمام فرصة جديدة بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، لكن التحدي يبقى في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي سيظل مرهونًا بمدى جدية الحكومة في تنفيذ هذه الإصلاحات.