المفقودون اللبنانيون في السجون السورية: بين الأمل وجهل المصير!


خاص 21 كانون الثاني, 2025

في عام 2000 تسلّمت الدولة اللبنانية من الدولة السورية نحو 54 معتقلاً لبنانياً، لينفي بعدها النظام السوري وجود معتقلين لبنانيين في سجونه. فمن سيكشف بعد كل تلك الأعوام مصير هؤلاء المفقودين؟

كتبت ريتا صالح لـ”هنا لبنان”:

بعد سقوط نظام بشار الأسد، عاد ملف اللبنانيين المفقودين في السجون السورية إلى الواجهة من جديد، وخصوصاً بعد فتح الفصائل المسلحة التابعة لحركة أحرار الشام السجون السورية وبسط سيطرتها على فروع القوى الأمنية وإخراج غالبية المعتقلين والموقوفين وتحريرهم عشوائياً.

ففي غضون أيّام، حُرّرت السجون في سوريا، إلاّ أنّ عدداً كبيراً من السجناء لم يعرف مصيرهم حتى اللحظة وبينهم لبنانيون. وبالرغم من مأساة وضع المعتقلين المحررين وظروفهم المعنوية والشخصية والعقلية، خصوصاً بعد الكشف عن الخفايا والأعمال الوحشية التي قام بها نظام الأسد طوال عهود، شكلّت خفايا هذا الملف قلقاً وخوفاً كبيراً لدى الأهالي اللبنانيين بعدم معرفة حقيقة مصير أبنائهم. فالمصير مجهول والأهالي لا يزالون ينتظرون تحرير أولادهم أو معرفة أي خبر عنهم آملين العثور على أيّ نقطة أمل.

لا شكّ أنّ ملفّ المفقودين اللبنانيين في السجون السورية متشعب وضخم، وهناك صعوبة كبيرة في الوصول إلى خواتيم سعيدة بعد كل تلك السنوات، ولا سيّما أن الدولة السورية حتى اليوم لا تزال مشتّتة، وتواجه تحديات كبرى، فهل بعد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتعيين رئيس جديد لتشكيل الحكومة، يمكن أن يتمّ فتح ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية وربطه بملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، وأن يتمّ تبادل للسجناء؟

في هذا الإطار، أشار الوزير السابق مروان شربل في حديث لـ”هنا لبنان” إلى أنّه يحقّ للجهة السورية المطالبة بتسليم الموقوفين السوريين لدى السلطات اللبنانية والموجودين في السجون اللبنانية، إلّا أنّ القانون اللبناني ينصّ على أنّ كلّ من ارتكب جريمة على الأراضي اللبنانية يُحاكَم في لبنان، مضيفاً أنّه لا يوجد اتفاقيات بين لبنان وسوريا لتبادل الموقوفين من جهة الطرفين لأنّ جميع الاتفاقيات التي أقرّت في مرحلة النظام القديم لم يعد مُعترفاً بها، وهي بحاجة إلى تغيير. وأوضح أنه من الممكن الاتفاق بين البلدين على تسليم الموقوفين الذين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية أو كل من ارتكب مخالفة بسيطة، موضحاً أنّ كلّ ما عدا “الحق العام” يمكن التشاور به، أمّا إذا كانت الجريمة “حقاً عاماً” فلا مجال للنقاش بها ومن المستحيل أن تتمّ الموافقة على تسليم الموقوفين السوريين.

وعن الموقوفين اللبنانيين التابعين للمنظمات الإرهابية والموجودين في السجون اللبنانية مثل أحمد الأسير وغيره، أكد شربل أنه من المستحيل الإفراج عنهم وتسليمهم للسلطات السورية خصوصاً وأنهم لبنانيون وليسوا من الجنسية السورية، فالسلطات اللبنانية هي من تحاكمهم. وقال إنّ لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية تعمل جاهدةً على حلحلة هذا الملف لمعرفة مصير أبنائها، ولكن المشكلة والخطورة اليوم وبعد تغيير النظام في سوريا، هي أنّ السجون قد فتحت والمساجين قد فرّوا، والمجرمين تحرّروا ولا أحد يعرف ماذا حصل بعدها. كما رجّح أن يكون هذا الملف صعباً جداً، بحيث أنّ عدد الموقوفين في السجون السورية يقدّر بحوالي المئة ألف موقوفاً من بينهم لبنانيون وسوريون ومن جنسيات أخرى. كما يقال أنّ هناك نسبة كبيرة من المخطوفين اللبنانيين الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن، ومن الممكن أن يكونوا في عداد الأموات، ولاسيّما بعدما فتحت السجون السورية ورأينا المكابس والمحارق التي كانت موجودة في الداخل، بالإضافة إلى المقابر التي لم يفصح عنها بعد.

يذكر أنه في عام 2000 تسلّمت الدولة اللبنانية من الدولة السورية حوالي 54 معتقلاً لبنانياً لينفي بعدها النظام السوري وجود معتقلين لبنانيين في سجونه. فمن سيحدّد بعد كل تلك الأعوام مصير هؤلاء المفقودين؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us