بين كانون الثاني وشباط جرائم متتالية وآخرها دهس شاب… فأيُّ مشهدٍ أمام اللبنانيّين؟
تقول مصادرُ أمنيَّةٌ لموقع “هنا لبنان” أنَّ الجرائمَ التي سُجِلَتْ في الأيامِ القليلةِ الماضيةِ هيَ محورُ متابعةٍ وقد تمكَّنت القوى الأمنيّة من اعتقال المتورّطين فيها، وهذا لا يعني أنَّ هناكَ تفلّتًا أمْنِيًّا أو أنَّ هناكَ واقعًا أمنيًّا جديدًا، مشيرةً إلى أنَّ ما من مبرِّراتٍ لارتكابِ جرائمَ بشعةٍ وأنَّ تولّيها يستدعِي تكثيفَ المهمَّاتِ الملقاةَ على عاتقِ هذه القِوى وفرضَ تدابيرَ مضاعفةٍ وعدم التّراخي تحتَ أيّ ظرفٍ كان.
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
بعد مرور أكثر من 15 يومًا على مقتلِ صاحبِ معرضٍ للسّياراتِ في منطقةِ ضبيّة جورج روكز بدافعِ سرقةِ شابٍ لسيارةِ “مرسيدس جي كلاس” إرضاءً لحبيبتِه، سُجِّلَتْ جرائمُ لا يفصلُ بينها سوى أيامٍ قليلة. وقد تراوَحَت دوافعُ الجرائِم مؤخّرًا بيْن السّرقةِ وافضليّةِ المُرور.
تعدّدَت الأسبابُ والنتيجةُ واحدة: ضحايا يَسْقطونَ في الوطنِ بفعلِ تجاوزِ الجُناة القوانينَ الموضوعة والتي يفترضُ بِها حمايةَ هؤلاء الضّحايا. بالأمس، قُتِلَ الارشمندريت الأرمني انانيا كوجانيان في منزله في بصاليم، وقبلُه صاحبُ محطةِ محروقاتٍ في مزرعةِ يشوع إميل حديفة في جريمةٍ وُصِفَتْ بالمروّعة. أمّا مقتلُ الشابّ خليل خليل في منطقة فاريّا على أيدي مجموعةِ شبانٍ تعمَّدوا دهسَه بسببِ إشكالٍ حوْل أفضليةِ المرورِ فيطرحُ السُّؤالَ بشأنِ عودةِ جرائمِ القتلِ لأسبابٍ شخصيّة.
وفورَ حصولِ جريمة فاريّا، تحرَّكت القِوى الأمنيّة وألقَت القبضَ على الفاعلين، وكذلكَ بالنِّسبةِ إلى جريمةِ ضبية، في حين توارَى قتلةُ حديفة عن الأنظارِ بعد توجُّهِهِم إلى سوريا باعتبارِ أنّهم من التابعيّةِ السوريّة.
وأمام هذا المشهدُ الإجرامي، تبرزُ هواجسُ الخوْفِ من ارتفاعِ الجريمةِ في لبنانَ واضطرارِ المواطنين إلى فرضِ الأمنِ الذّاتي مع العلمِ أنّ هناك حوادثَ سرقةٍ متعدِّدَة تحصلُ في بعضِ المناطقِ اللبنانية.
وفي هذا السّياق، تقول مصادرُ أمنيَّةٌ لموقع “هنا لبنان” أنَّ الجرائمَ التي سُجِلَتْ في الأيامِ القليلةِ الماضيةِ هيَ محورُ متابعةٍ وقد تمكَّنت القوى الأمنيّة من اعتقال المتورّطين فيها، وهذا لا يعني أنَّ هناكَ تفلّتًا أمْنِيًّا أو أنَّ هناكَ واقعًا أمنيًّا جديدًا، مشيرةً إلى أنَّ ما من مبرِّراتٍ لارتكابِ جرائمَ بشعةٍ وأنَّ تولّيها يستدعِي تكثيفَ المهمَّاتِ الملقاةَ على عاتقِ هذه القِوى وفرضَ تدابيرَ مضاعفةٍ وعدم التّراخي تحتَ أيّ ظرفٍ كان، كما أنَّ المطلوبَ من المواطِنين التّعاونَ مع الجهاتِ الأمنيَّة قدرَ الإمكان لا سِيَّما إذا كانت بحوزتِهم معلوماتٌ أو معطيات محدّدة.
إلى ذلك، يشيرُ الباحثُ في “الدوليَّةِ للمعلومات” محمد شمس الدّين لموقِعنا إلى أنَّ جرائمَ القتلِ التي حصلت عام 2024 بلغت 153 جريمةً، في حين سُجِّلَتْ 158 جريمةً عام 2023، أيْ أنَّ التَّراجُعَ كان طفيفًا وهذا يعني أنَّه أفضل من حصولِ أي زيادة.
ويلفتُ شمس الدين إلى أنَّ ما حصل في شهر كانون الثاني الماضي وفي أوائل أيام شهر شباط الجاري، من ارتفاعٍ في أعداد القتلى لا يعني أنَّ هذا العدَدَ سيرتفعُ على مدارِ الأشهرِ المُقبلة، متوقفًا عندَ مجموعةِ عوامل – برأيِه – أدَّت إلى وقوع جرائم قتل في غضونِ أسبوع. وهذه الجرائمُ تَمَحْوَرَتْ حوْل السّرقةِ وللأسفِ أنَّ مَن ارتكبَها هم عمَّالٌ سوريّون على معرفةٍ بالضّحيّةِ، مرجِّحًا أن يكونَ سَبَبُ إقدامِ هؤلاء على القتلِ باستثناءِ السّرقة، وجود قرارٍ لديهم في العودةِ إلى بلادِهم الأمرُ الذي يؤدّي بهم إلى ارتكابِ القتلِ والسّرقة. وقد يكونُ ذلكَ أحدُ الأسبابِ المؤدّيةِ إلى ارتفاعِ نِسَبِ الجرائمِ في هذه الفترةِ، كما أنّه يمكِنُ أن يكونَ السّبَبَ هو التّراخي الأمْني في هذه الفترةِ من السّنة بعدما كُلِّفَت الحكومةُ الحاليةُ بالاستمرارِ في تصريفِ الأعمالِ ولم يتمْ تشكيلُ الحكومةِ وهناك حالةٌ من الانتظار، وربما هذان هما السبَبَان في ارتفاعِ جرائمِ القتل، إنّما لا بُدَّ من انتظارِ ما ستحملُه باقي أشهرِ السّنة، والمؤشّراتُ في هذا المجالِ، وما إذا كانت سترتفعُ أو ستتراجعُ كما حصل العام الماضي.
أيًّا يكُن سببُ الجرائمِ التي ذهبَ ضحيتَها أبرياء قُتِلُوا بدماءٍ باردةٍ في عددٍ من المناطِقِ اللبنانيَّة، فإنَّ الجهاتِ المعنيّةَ والمولجةَ حفظ الأمنِ أمامَ اختبارِ عدمِ تكرارِها وتطبيقِ القوانينِ المرعيّة الإجراء وعدمِ التَّساهلِ بالتّالي مع أيّ مرتكبٍ.