سلام بين عقدة مشاركة الثنائي ورفض ترامب
![](https://www.thisislebanon.com/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250204-WA0008.jpg)
العقدةُ الأساسيّةُ هي بين استعداد رئيس الحكومة المكلّف لتمثيل الشيعة كما يرتئي، ومن حقِّه الاختيار لا أن يفرضوا عليْه، واضطراره في المقابل إلى الاخذِ في الاعتبارِ الموقف الأميركي الرّافض لمشاركةِ الثنائي، وربّما ايضًا الموقف العربي وبالأخصّ الخليجي غير المعلن. وخلاف ذلك، لا يمكن تنفيذ أي خطوة إصلاحيّة او إعماريّة او تنمويّة ما لم تتوفر الاموال والمساعدات
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
لقد مضى على تكليف نوّاف سلام تشكيل الحكومة الجديدة نحو ثلاثة اسابيع ولم تؤلّف بعد. وبالمقياسِ الطّبيعي والمنطِقي لتشكيلِ الحكوماتِ في البلدانِ الدّيموقراطيّة البرلمانيّة هذه المدّة هي أكثر من كافيَة، ولكن بالمقياسِ وبطريقةِ تشكيل الحكومات في لبنان لا نزال في بداية الطريق، على اعتبار أنَّ الحكومات في العشرين سنة الأخيرة لا تبصرُ النّور قبل أشهر وحتى قبل السّنة في بعض الحالات (حكومة تمام سلام) نظرًا أوّلًا للحساباتِ والمُناكفات بين القوى السياسيّة والزّبائنيّة والمحاصصة التي تتنازعهم، ناهيك عن العوامل الخارجيّة التي تفرض نفسها على الرّئيس المكلّف وتحديدًا ما كان يفرضه النّظام السوري الذي استمرَّ بممارسةِ وصايته حتى بعد اضطراره للانسحاب من لبنان عبر القوى والشخصيّات التي تُدين بالوَلاء له.
وقد تغيَّر الدّور والمدّة مع دخولِ “حزب الله” إلى السُّلطة ومشاركتِه في الحكومات منذ اغتيال رفيق الحريري عام 2005، إذْ كان يخضعُ التّكليف لمدَّةٍ طويلةٍ ليس عبر فرضِ الأشخاص والحقائب فهو يكتفي بوزيرَيْن، وإنّما بفرضِ السّياسات التي يريدها من خلالِ تضمينِ البيان الوزاري المعادَلة الشّهيرة “شعب وجيش ومقاومة” بهدف تشريع العمل العسكري للحزب، ناهيكَ عن الخلافاتِ الأخرى حول انتخاب رئيس الجمهوريّة، والتي تؤثِّر بطبيعةِ الحال على وضعِ الحكومةِ كالتي تمارسُ حاليًّا تصريفَ الأعمال منذ سنتَيْن وسبعة أشهر من دون أن تُشَكَّلَ حكومة بديلة.
أمّا اليوم فواضحٌ أنَّ تكليفَ نوّاف سلام غداة انتخاب جوزاف عون رئيسًا للجمهورية تغيّرت الامور جذريًّا، إذ إنَّ رئيس الحكومة المكلّف يأتي من خارج الطبقة السياسيّة، وبطبيعة الحال رؤيته مختلفة وحساباته مختلفة، والاثنان مصمّمان على إجراء التّغيير وإصلاح النّظام السياسي. وعلى الرَّغم من أنّ سلام اعتمدَ آليةَ مختلفةَ ومعايير جديدة لمشاركةِ القوى السياسية وكيفية اختبار الوزراء، مركِّزًا على الكفاءةِ وعلى وجوهٍ جديدة لم تشارِك سابقًا في السُّلطة التنفيذيّة غيْر أنَّ ظروفَ الحرب التي فرضَها “حزب الله” على لبنان أدَّت به إلى تجاهُل كل ّما حصل والسّعي لفرضِ مشاركتِه في الحكومة بالإضافة إلى مشاركة حركة أمل التي يتزعّمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ولكنَّ المفاوضاتِ التي جرت حتى اليوم أظهرت أنَّ سلام غيْر متحمِّسٍ لمشاركةِ الثنائي الشيعي المعطِّل والذي يَعتبِرُ أنّ الإصلاحَ لا يمكنُ أن يحصلَ عبر مشاركةِ الثنائي، وتحديدًا “حزب الله” الذي أدّت حربه إلى قتل آلاف الضّحايا ودمار البلد، عدا عن أنّه يقيمُ دويلةً داخل الدولة بسلاحِه خارج الشرعيّة ويتجاوز السُّلطة وصلاحيّاتِها في أكثر من محافظة. إلّا أنّ سلام لا يريد، ولا يقبل ربّما، عدم تمثيل الطائفة الشيعيّة في الحكومة التي يريد الثنائي التّعطيلي حصْر تمثيلِها به، فيما سلام يريد أن يختار هو وزراء شيعة لا ينتمون إلى أيْ من الطرفين.
في المقابل، زاد الرّئيس الاميركي دونالد ترامب المنتخب والمنَصّب قبل أسبوعيْن الطين بلّة برفضِه اشتراك الثنائي في الحكومةِ نتيجة الضّغط الذي مارسه عضوان جمهوريّان في الكونغرس من أصل لبناني دارين لحود وداريل عيسى وتحوّل الضَّغط إلى موقفٍ رسمي للإدارة الاميركيّة. هناك بطبيعةِ الحال تسريبات كثيرة حول التّشكيلة وأسماء كثيرة مرشّحة للمشاركة، كما أنّ هناك شروطًا كثيرة من قبل هذا الحزب او ذاك، لكن وفرضيّات حول حقّ رئيس الجمهورية في اختيار وزراء لحقائبَ محدَّدة، وكذلك حقّ رئيس الحكومة في اختيارِ وزراءَ سنّة وغيرِها من التكهّنات والتأويلات، علمًا أن كلّ هذا لا أساس دستوريًّا له.
العقدةُ الأساسيّةُ هي بين استعداد رئيس الحكومة المكلف لتمثيل الشيعة كما يرتئي، ومن حقِّه الاختيار لا أن يفرضوا عليْه، واضطراره في المقابل إلى الاخذِ في الاعتبارِ الموقف الأميركي الرّافض لمشاركةِ الثنائي، وربّما ايضًا الموقف العربي وبالأخصّ الخليجي غير المعلن. وخلاف ذلك، لا يمكن تنفيذ أي خطوة إصلاحيّة او إعماريّة او تنمويّة ما لم تتوفر الاموال والمساعدات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() لماذا يدّعي بري اليوم أنّ الطائف أعطى وزارة المال للشيعة؟ | ![]() سلام ينتفض محذّراً.. “لست ساعي بريد” | ![]() هل سيسأل ماكرون “الحزب” عن دمار لبنان؟! |