لبنان وإسرائيل: حان الوقت للحوار حول السلام

ترجمة هنا لبنان 4 شباط, 2025

كتب Hussain Abdul-Hussain لـ”This Is Beirut”:

أكثر من عقد من الزمن قضيته في منفى اختياري.. تعرضت للنبذ الفكري والسياسي لأني طالبت بالسلام الفوري وغير المشروط بين لبنان وإسرائيل. دعيت بألّا أتباهى بإتقاني العبرية ولطمس صداقاتي مع إسرائيليين. قيل لي إني تخطيت كل الخطوط وإنّ اللبنانيين لم يصلوا إلى هذا الحد. ومن ثم انقلبت الموازين وسحقت إسرائيل حزب الله. السلام بات مطروحاً فجأة وما عدت منبوذاً..
هذه السطور ليست عني.. محورها كل تلك الأصوات المطالبة بالسلام مع إسرائيل والتي ترتفع عالياً اليوم في لبنان. وعلى الرغم من أنها لا تعني التوصل لاتفاق نهائي، تشكل بداية ممتازة. لا شك بأنّ ذراع إيران قد ضعفت، ولكنها لم تنته تماماً. إنها تخطط للعودة، حتى ولو لم تجد طريق العودة بعد. وعلى الرغم من أنّ حزب الله لن يوفر أي جهد لعرقلة السلام مع إسرائيل، يتلاشى تأثيره بغياب أسلحته أو قدرته على نشر العنف، وتبقى معارضته صامتة وغير فعالة.
وبيد أنّ لبنان ليس في خضم محادثات سلام بعد، تطفو الكثير من العلامات المشجعة إلى السطح. ومنها بادئ ذي بدء، هذا المقال أمامكم والمنشور في وسيلة إعلامية لبنانية. هل كان بالإمكان تصور ذلك قبل ستة أشهر؟ ومن الأمثلة أيضاً، مقال للسفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل، على المنصة نفسها، بعنوان “آن الأوان لتحقيق السلام بين إسرائيل ولبنان”.
في الماضي، كان مثل ذلك المقال ليثير هجوماً حاداً. وكانت وسائل إعلام حزب الله لتهاجم موقع This Is Beirut وتتهم محرريه بالخيانة. ولكن عوضاً عن ذلك، لاقى مقال هيل هذه المرة قبولاً كبيراً وتم تداوله على نطاق واسع. ولم يلتفت إلا قلة لموقف حزب الله من التطبيع اللبناني مع إسرائيل. والحال سيان بالنسبة لخطب الأمين العام الجديد نعيم قاسم، على عكس الخطب المتفجرة لأمين عام الحزب السابق حسن نصر الله، الذي قتلته إسرائيل في أيلول.
في لبنان اليوم، ترتفع الأصوات المطالبة بالسلام، وضمناً داخل البيئة الشيعية التي تدعم بأغلبيتها حزب الله تقليدياً.
وفي أحد المقالات باللغة العربية، شجع الأكاديمي بشار حيدر اللبنانيين على تسمية الأشياء بأسمائها، وأشار إلى أنّ إزاحة حزب الله، الذي عرقل التغيير والإصلاح، ما كان ممكناً دون القوة الإسرائيلية. ولا شك بأنّ إسرائيل لم تقم بذلك على حد تعبير حيدر، من أجل الإحسان أو حرصاً على مصالح لبنان في المقام الأول. لقد قامت بذلك خدمة لمصلحتها. وبغض النظر عن نوايا إسرائيل، منحت حربها التي أطاحت بحزب الله اللبنانيين فرصة حثّ حيدر اللبنانيين على عدم إهدارها.
قبل عام مضى، تعرض حيدر نفسه لحملة تشويه من قبل أنصار حزب الله. وذلك حين دعا أحد زملائه في علم الأخلاق، وهو أستاذ يهودي أميركي في نيوجيرسي، لإلقاء محاضرة عبر تطبيق “زووم” حول أخلاقيات الحروب في غزة ولبنان. وقوبل حيدر بحملة شرسة بعد أن عرف الأستاذ الأميركي عن نفسه بالصهيوني، مما اضطرّ حيدر لإلغاء المحاضرة وتحمل الإساءة والتشهير.
مثل هذه الحملات لم تقتصر على حيدر فحسب بل طالت الأصوات المعارضة مثل مروان الأمين، المعارض الشيعي المعروف لحزب الله والذي ينحدر من جنوب لبنان. وينتقد الأمين إصرار حزب الله على التفرد بتمثيل الشيعة والاستبداد بالمعارضين وإدعاء التعرض للاقصاء إن لم يمنحها رئيس الوزراء المكلف نواف سلام ما تريده. وكان الأمين قد كتب عن رفض اللبنانيين مواصلة حزب الله تسلحه وتقويضه سيادة الدولة واتفاق الطائف والقرارات الدولية.
أخيراً، لعل الحركة المعارضة لحزب الله لم تكتسب زخماً كبيراً بعد، ولكنها بدأت تشق طريقها. ومعها، ترتفع المزيد من الأصوات اللبنانية الداعية للسلام، سواء من البيئة الشيعية أو سواها. أليس أول الغيث قطرة كما يقول المثل الشعبي؟
التغيير قادم لا محالة، والآن وقد تعهد الرئيس الأميركي الجديد بترسيخ إرث السلام، باتت إسرائيل تملك زمام المبادرة وتفرض نزع سلاح حزب الله. لقد آن الأوان لتصدح كلمة “السلام”.. من الجانب الأميركي والإسرائيلي.. ولنأمل أن نسمعها على لسان المسؤولين اللبنانيين قريباً..

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us