ع السكّين يا وزير!

أصرّ رئيس الحكومة نواف سلام على قيادة “بيك أب” بطيخ بين السراي والقصر الجمهوري على مدى شهر كامل، قبل أن يختاروا بعد المفاصلة والمعاندة 24 بطيخة.. فتم إيداع دزينتين من البطيخ على أبواب قصر بعبدا مستوردة من حقول وأكشاك الأحزاب والقوى السياسية التي أمضت آخر 40 سنة تبيع الشعب اللبناني بطيخاً أخضر من “برّا” ومعفّن من “جوّا”
كتب جوزف طوق لـ”هنا لبنان”:
كانت ستّي تقول أنّ الزواج مثل البطيخة، ولكن على حدّ علمنا ليس هناك علاقة بين الزواج وتشكيل الحكومات، فلماذا إذاً أصرّ رئيس الحكومة نواف سلام على قيادة “بيك أب” بطيخ بين السراي والقصر الجمهوري على مدى شهر كامل، قبل أن يختاروا بعد المفاصلة والمعاندة 24 بطيخة.
وبالعودة إلى ستّي، لا يعرف الرجال والنساء حقيقة شريكهم في الزواج إلّا بعد أن يختبروا بعضهم، وعندها يعرفون إذا كانت بطيختهم جيدة أو ليست على ذوقهم. لكن نحن الشعب اللبناني “مش طالع عبالنا” بطيخ، ولا نملك رفاهية الوقت والوضع لننتظر اكتشاف حقيقة كلّ بطيخة تمّ وضعها في حقيبة وزارية. والذي يتزوّج، وبالإذن من ستّي وبطيخاتها، يسأل بداية عن أهل عروسته وهي تسأل عن تاريخ سلالة عريسها، حتى لا يكون الزواج يشبه شراء بطيخة من بائع محتال أو من حقل يشرب من مياه وسخة، وعندها لا يستطيع إلّا أن يلوم نفسه، ولا يلوم البطيخة.
والرئيس المكلّف الذي كان يقود “بيك أب” البطيخ، نعرف من أين اشتراه ومن أيّ حقل تم قطفه… وكما تبيّن بعد إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة، فقد تم إيداع دزينتين من البطيخ على أبواب قصر بعبدا مستوردة من حقول وأكشاك الأحزاب والقوى السياسية التي أمضت آخر 40 سنة تبيع الشعب اللبناني بطيخاً أخضر من “برّا” ومعفّن من “جوّا”.
ولا تقولوا لنا قدرة إلهية ولا أعجوبة من أحد القديسين، فطالما مصدر البطيخ واحد، سيكون البطيخ كالذي تحمّسنا عليه سابقاً وانتظرنا كالبلهاء قصّه في الوزارات، وتقسيمه في الخطط والمبادرات، وتذوقه في النتائج والويلات… ونعود لنتذكّر ستّي مجدداً، لأنّ تشكيل الحكومات في لبنان تماماً كما الزواج… بطيخة.
دولة عن بكرة أبيها لا يوجد فيها مسؤولة أو مسؤول يضرب بيده على الطاولة أو يضرب برجله في الأرض، ويقول بصوت عال أنه لا بدّ من التفكير بهذا الشعب ومنحه حقيبة وزارية تلتفت إلى همومه وأوجاعه ومآسيه. لأن هؤلاء المسؤولين جميعهم تجّار وبائعو بطيخ، ولا يحملون في يدهم سوى سكاكين طويلة تقصّ من جهة البطيخ، ومن جهة ثانية أعناق الشعب وحقوقه.
ينتظرون تشكيل الحكومات والتعيينات كما ينتظر التجّار مواسم البطيخ، يشترونه بالأطنان ويبيعونه بالمفرّق كلما صعدوا على منبر أو تحدثوا في مؤتمر، أو خطبوا بالوعود والإصلاحات.. انتبهوا لهم في المرّة القادمة، في كل هذه الإطلالات، استمعوا لهم جيداً، وستكتشفون أنهم لا يقولون سوى “ع السكّين يا بطيخ”… وبعد الكلام، انظروا بعين العقل إلى كل ما تحقّق، فلن تجدوا أكثر من بطيخ أحمر فاسد بطعم الكوسى.
كان الشعب يملؤه الأمل بـ”شي” حقيبة وزارية يجد فيها ما كان يتمنّاه في أحلك أيام الفقر والإهمال والتخلّف والوجع، فوجد أمامه 24 بطيخة وزارية لن يحصل منها إلا على كمشة بزر أسود.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() عاصفة 1982 | ![]() الدعارة الأهلية! | ![]() وزير الزفت |