شاي ومنتجات التخسيس… بين التسويق الزائف والمخاطر الصحية

في لبنان، وعلى الرَّغم من وجود إطار قانوني يهدف إلى حماية المستهلك، قد يشهد السوق أحيانًا ظهور منتجات للتخسيس غير مصرّح بها أو تلك التي لم تمرّ بعمليات تقييم دقيقة، خاصةً في ظلّ الظروف التي قد تعيق عملية الرقابة الفعّالة. لذلك، يظهر جليًّا أنّ وراء وعود المنتجات السحرية لفقدان الوزن يكمن واقع لا يمكن تجاهله، قبل الانجراف وراء إغراءات موقتة قد تكلّف صحتنا ثمنًا باهظًا.
كتبت هانية رمضان لـ”هنا لبنان”:
أصبح الحلم بجسم رشيق من دون عناء أشبه بإغراء لا يقاوم، في حين يظهر شاي ومنتجات التخسيس كأبطال مزيّفين يَعِدون بتحقيق هذا الحلم بسهولة وسرعة. ومع انتشار الإعلانات المبْهرة التي يروِّج لها المشاهير، يتزايد الإقبال على هذه المنتجات، لكن خلف الوعود الوردية يكمن واقع يحمل مخاطِر صحية جسيمة تهدّد من يسلك هذا الطريق الوعر بحثًا عن المثالية.
تُقدَّم هذه المنتجات وكأنّها عصا سحرية قادرة على إذابة الدهون في أيام معدودة، متجاوزة الحاجة إلى ممارسة الرياضة أو اتّباع حمية غذائية متوازنة. ولكن الحقيقة هي أنّ النتائج غالبًا ما تكون موقتة وتعتمد على فقدان السّوائل وليس الدّهون المتراكمة، مما يجعل الجسم في نهاية المطاف يعيد اكتساب الوزن، بل وقد يزيد عنه.
وبات العديد من المؤثرين والمشاهير يلجأون إلى الترويج لهذه المنتجات، متغاضين عن ذكر آثارها السلبيّة. تُظهِر الإعلانات المنتج كأنّه السر وراء أجسامهم المتناسقة، في حين أن الواقع يختلف كثيرًا عن تلك الوعود الساحرة. في عالم التواصل الرّقمي، يلتقي سحر الشهرة بلمسة من الربح السريع؛ فالشراكات مع العلامات التجارية تدرّ على المؤثرين مبالغ مالية كبيرة وتساهم في توسيع قاعدة جمهورهم، مما يجعلهم عرضة لتقبل مثل هذه العروض من دون التحقّق الكامل من سلامة المنتج.
ومع ذلك، تكمن التحدّيات الأخلاقية في هذه الصفقات التجارية؛ إذ يبرز السؤال: هل يُضحّي المؤثّرون بمصداقيّتهم من أجل تحقيق أرباح مالية موقتة؟ ففي حين تبدو الوعود بالبريق والجمال، يكمن وراءها واقع مخفي قد يضرّ بصحة المتابعين، مما يدفعنا للتفكير مليًّا في الثّمن الحقيقي لهذا التأثير الرقمي.
من ناحية أخرى، فإنّ العديد من منتجات التخسيس، بما في ذلك شاي التخسيس والمكمّلات الغذائية، قد تكون مصرّحًا باستخدامها في بعض الدول بينما تُمنع أو تُخضَع لرقابة صارمة في دول أخرى. يعتمد الترخيص على القوانين الصحية المحلية ومدى توافق المنتج مع معايير السلامة المعتمدة. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تخضع المكمّلات الغذائية لمراقبة هيئة الغذاء والدواء (FDA) على الرَّغم من أنّها لا تخضع لنفس التدقيق الذي تخضع له الأدوية، حيث يتمّ سحب المنتجات التي تَثبت خطورتها. وفي الاتحاد الأوروبي، تُنظَّم هذه المنتجات عبر هيئات سلامة الأغذية وتُفرض عليها معايير صارمة لضمان سلامة المكوّنات. كما تُشرف وزارات الصحّة في دول الخليج وهيئات الغذاء والدواء على الموافقة على استيراد وتوزيع هذه المنتجات، مع رفض تلك التي تحتوي على مكوّنات ضارّة.
وفي لبنان، وعلى الرَّغم من وجود إطار قانوني يهدف إلى حماية المستهلك، قد يشهد السوق أحيانًا ظهور منتجات غير مصرّح بها أو تلك التي لم تمر بعمليات تقييم دقيقة، خاصةً في ظلّ الظروف التي قد تعيق عملية الرقابة الفعّالة.
في اتصال بموقع “هنا لبنان”، أعربت أخصّائية التغذية كيندا صنديد عن أسفِها لما تشهده الأسواق من تزايد اهتمام الناس بشراء منتجات التخسيس، خاصةً أنّها تتلقى أسئلة يومية من مرضاها حول إمكانية استخدامها.
وأوضحت صنديد أن هذه المنتجات غالبًا ما تُسحب من السوق بعد فترة تقارب العام؛ إذ يظهر تاريخ الإنتاج وعدد المنتجات التي وُعِد الناس بفقدان 7 إلى 8 كيلوغرامات من وزنهم، ثم تختفي فجأة من الأسواق.
وأكدت أنه على الرّغم من الادّعاءات الكبيرة التي يروّج لها المسوّقون، فإنّ هذه المنتجات غير موجودة في الأسواق العالميّة، مما يثير التساؤل حول ضرورة اللجوء إلى الترويج عبر مشاهير ومؤثِّرين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت أن مكوّناتها غير واضحة ولا تؤدي فعليًّا إلى فقدان الوزن كما يُزعم.
وأوصت صنديد المستهلكين بعدم التأثّر بالدعايات المضلِّلة، مشدِّدة على أنه لا يوجد منتج سحري لفقدان الوزن من دون أن يصاحبه آثار جانبية خطيرة. ففي الكثير من الحالات، يعود الجسم لاكتساب الوزن مرة أخرى، بل وقد يزداد الوزن إلى الضّعف بعد التوقّف عن استخدامها.
لهذا، تدعو صنديد الجميع إلى تبنّي أسلوب حياة صحي متوازن قائم على التغذية السليمة وممارسة الرياضة بانتظام، بعيدًا عن الحلول السريعة التي قد تحمل عواقب صحية وخيمة.
بهذا، يظهر جليًّا أنّ وراء وعود المنتجات السحرية لفقدان الوزن يكمن واقع لا يمكن تجاهله؛ واقع يستدعي وعينا الكامل ومراجعتنا للأولويات الصحية قبل الانجراف وراء إغراءات موقتة قد تكلّف صحتنا ثمنًا باهظًا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() عودة سعد الحريري إلى بيروت… فرحة تعانق الشوارع وإحياء استثنائي لذكرى 14 شباط | ![]() بين عيد الميلاد ورأس السنة.. أضواء الأمل تلمع في لبنان | ![]() بين الحقيقة والتهويل.. الـ”50$” تُرعب اللبنانيين |