نشاطٌ مزدحم في بعبدا.. والرئيس عون يُؤكّد: “خطاب القسم” لم يكن مجرد كلام

ازدحم قصر بعبدا منذ صباح اليوم الثلاثاء بالاجتماعات والزوار، حيث برزت بشكل أساسي الجلسة الأولى للحكومة الجديدة، والتي عُقِدَت في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس جوزاف عون، وتبعتها الصورة التذكاريّة، في وقتٍ توالت المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية خلال سلسلة لقاءات ديبلوماسيّة عقدها في القصر.
في تفاصيل نشاط بعبدا اليوم، عقد الرئيس عون اجتماعًا مع رئيس الحكومة نوّاف سلام، قبيل الجلسة الحكوميّة الأولى في القصر الجمهوري، والتي عقدت برئاسة رئيس الجمهورية وحضور الرئيس سلام وجميع الوزراء.
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون افتتح جلسة مجلس الوزراء بالوقوف دقيقة صمت حدادًا على الشهداء الذين سقطوا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
كما نشرت الرئاسة اللبنانية الصورة التذكارية للحكومة الجديدة التي يترأسها الرئيس نواف سلام بحضور الرئيس جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
نشاط ديبلوماسي
إلى ذلك، شهد قصر بعبدا قبل ظهر اليوم نشاطًا ديبلوماسيًّا استهلّه رئيس الجمهورية باستقبال وزير خارجية بيلاروسيا ماكسيم ريزينكوف على رأس وفدٍ قدم له التهنئة بانتخابه وسلمه رسالة خطية تضمنت دعوة من نظيرة البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو لزيارة بيلاروسيا و”مناقشة المجالات الواعدة والمشاريع المحددة للتعاون الثنائي”.
وشدد الرئيس لوكاشينكو في رسالته على الثّقة بأن وجود الرئيس عون ودوره “سيؤديان إلى ترسيخ الأمن والاستقرار الاقتصادي والسياسي في لبنان”. ولفت إلى حرص بلاده على “الصداقة مع لبنان وشعبه، وإلى أن العلاقات بين البلدين ستتعمق، فضلًا عن الاستعداد للحوار المثمر والعمل المشترك الناشط لتوسيع الاتصالات الثنائية”.
في مستهلّ اللقاء، تحدث الوزير ريزينكوف مؤكدًا أن زيارته والوفد المرافق هي “لتقديم التهنئة للرئيس عون بانتخابه رئيسًا للجمهورية باسم الرئيس لوكاشينكو، والإعراب عن الشكر والامتنان لمواصلة علاقات التعاون بين البلدين والرغبة في تطويرها في المستقبل”.
وقال: “إننا ننتهز هذه الفرصة لتوجيه الدعوة لكم لزيارة بيلاروسيا من أجل مناقشة سبل تطوير التعامل بين بلدينا، وأحمل معي في زيارتي دعمًا إضافيًا للبنان يتمثّل بأطنان من الحليب المجفّف وسيارات إسعاف، ونحن على استعداد لتفعيل كل سبل التعاون مع لبنان بما في ذلك اللجنة المشتركة بين حكومتَيْ البلدين والمساهمة بنهوض الاقتصاد اللبناني والتعاون الأمني والتجاري”.
واذ اعتبر انّ “هناك أوجه شبه بين لبنان وبيلاروسيا لجهة صغر مساحة الدولتين والتنوع في تركيبتهما الاجتماعية”، اعرب عن استعداد بلاده “لتقديم الدعم للبنان في المحافل الدولية في سبيل الحفاظ على سلامة وسيادة اراضيه ودعم مرشّحين لبنانيين في المنظمات الدولية”، مثنيا على “استتباب الوضع الأمني فيه”، ومعتبرًا ان لبنان، “لولا بعض التدخلات الخارجية، يمكن ان يكون من افضل البلدان في العالم”.
الرئيس عون: الدعم البيلاروسي رسالة أمل للبنانيين
وردّ الرئيس عون مرحبًا بوزير الخارجية البيلاروسي والوفد المرافق، شاكرًا للرئيس لوكاشينكو تهنئته ودعوته، ومعتبرًا ان “الدعم البيلاروسي للبنان والهبة المقدمة يشكلان الى جانب زيارته رسالة امل للبنانيين ودليلًا إضافيًّا على محبة الشعب البيلاروسي للشعب اللبناني”، مشيرا الى استضافة بيلاروسيا لعدد من الطلاب اللبنانيين على اراضيها.
وأعرب رئيس الجمهورية عن رغبة لبنان “بتطوير العلاقات الثنائية على كافة الاصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية”، مشيرا الى ان ذلك “سيأخذ طريقه الى التنفيذ مع انطلاقة الحكومة الجديدة”، وشدد على “أهمية التعاون بين البلدين لا سيما في المجال الأمني في ظل التحديات المشتركة لا سيما ما يتعلق بالإرهاب والهجرة والمخدرات التي يصعب على أي بلد مواجهتها بمفرده”.
وزير خارجية هنغاريا
واستقبل رئيس الجمهورية وزير خارجية هنغاريا بيتر سيارتو على رأس وفد هنأه بانتخابه رئيسا للجمهورية وتمنى له التوفيق في مهامه. وقال: “كنا بانتظار هذه اللحظة لوقت طويل، ونحن كمسؤولين هنغاريين نجد أنفسنا معنيين لجهة التمسك بسلامة لبنان واستقراره، بقدر ما تعتبر بلادكم بلادًا صديقة لنا. وهذه قاعدة صلبة لتعاوننا”.
وفيما أشار الوزير الهنغاري الى “تصاعد وتيرة القلق من الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، التي يدفع ثمنها أبناء المنطقة”، أمل “ان يسود الاستقرار فيها”، معربا عن استعداد بلاده “للقيام بما يلزم والمساعدة على تثبيت وقف إطلاق النار للانطلاق بعملية إعادة الإعمار ما يسهل عودة الذين نزحوا من المناطق الجنوبية إليها”، وكشف عن “مبادرات تتطلع بلاده للقيام بها، بالتعاون مع الدول الأوروبية، للوقوف الى جانب لبنان في هذه المرحلة بالذات، في مجالات عدّة ولا سيما لجهة دعم الجيش اللبناني”. واشار الى “مواصلة بلاده برامج التعاون القائمة مع لبنان، متطلعا الى العمل لعودة اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين قريبا”.
الرئيس عون يشدِّد على دور الجيش
وردّ الرئيس عون مرحِّبًا بالوزير الهنغاري، شاكرًا له تمنياته التي عبَّر عنها باسم حكومة بلاده، ومساهمة هنغاريا في قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب اللبناني، إضافة الى المساعدة التي تقدمها للجيش اللبناني، عارضًا لأهمية “الدور الذي يقوم به الجيش في الحفاظ على الأمن في الداخل وعلى الحدود”.
وأعرب الرئيس عون عن تصميمه على “توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الصعد لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين”.
المطران قصارجي
وفي قصر بعبدا أيضًا، رئيس الطائفة الكلدانية المطران ميشال قصارجي على رأس وفدٍ من الطائفة، جاء لتهنئة الرئيس عون بانتخابه. وأشاد المطران قصارجي بـ”المزايا والقرارات التي تصدر عن رئيس الجمهورية حول مختلف الملفات اللبنانية”، معتبراً ان وجوده في سدة الرئاسة “يعطي الامل للبنانيين بغدٍ اكثر اشراقًا وأملًا”.
والقى المطران قصارجي الكلمة التالية: “جئنا اليوم ككنيسة كلدانية بقلوب مفعمة بالفرح وعيون مليئة بالأمل، الى قصر الشعب، قصر بعبدا، حاملين معنا آلام وآمال شعب لبناني أبيّ، عانى من حروب واقتتال وتدمير وإفلاس وهجرة. ولكن، معكم يا فخامة الرئيس، انتهى زمن القهر، زمن التسويات والمقايضات واللعب على كرامة النّاس. إنّ السيادة ليست وجهة نظر، والعيش بكرامة وحريّة ليس شعرًا، عهدكم هو قسمكم التاريخي، هو دستور مقدس للأجيال القادمة. لقد عادت الحياة الى قصر بعبدا، وعاد الامل الى الشعب اللبناني من خلال خطابكم الذي حمل عناوين واضحة: حياد، قضاء، حصريّة السلاح، مواجهة الفساد، انتاجية العمل، علاقات مميزة مع كل الدول.
كنتم قلب المؤسسة العسكرية التي نفتخر بها، وعقلها وقائدها، وقد أتيتم من هذه المؤسسة المرفوعة الرأس، والتي لا تقبل أي تدخل او وساطة. إنّ شعب لبنان يستحق ان يعيش بكرامة، فليكن عهدكم، يا فخامة الرئيس، عهد القانون والقضاء النزيه والمؤسسات الفاعلة. لقد طال الامل والانتظار، ومعكم سوف يكون الغد امل كل لبناني شريف. نحن ابناء كنيسة كلدانية عريقة، ابناء هذا الوطن وسوف نبقى امناء لدورنا ورسالتنا ببناء وطن نستحقّه. يدعوننا اقليات، ولكن ميشال شيحا الذي ساهم في صياغة الدستور اللبناني، هو من الطائفة الكلدانية التي تضع اليوم، كل امكانات مؤسساتها وقدراتها في تصرف عهدكم الميمون.
كلنا ثقة، انكم ستكونون ربّانًا مميزًا لإيصال السفينة الى ميناء الخلاص، ونتمنّى بهذه المناسبة أيضًا للحكومة الجديدة، ان تكون فاعلة ومنتجة وقادرة على مواجهة التحدّيات التي يعاني منها البلد. ونأمل اقرار قانون انتخابي عادل يعطي لكل طائفة حقّها في ان تكون ممثّلة في الدولة. ونحن إننا، باسم الطائفة الكلدانية، والمجلس الاعلى والجمعية الخيرية ورابطة الشبيبة والاخويات ومراكز الطائفة التربوية والصحية والاجتماعية، نتمنى لكم يا فخامة الرئيس، العمر المديد وعهدًا ميمونًا يكون مليئًا بالسلام والعز والايمان بلبنان قوي مزدهر”.
الرئيس عون: ما جاء في خطاب القسم لم يكن مجرد كلام
وردّ الرئيس عون مرحبًا بالوفد، شاكرًا المطران قصارجي على ما قاله، مؤكِّداً ان “ما جاء في خطاب القسَم لم يكن مجرد كلام”، بل انه يرغب ويعمل على تطبيق كل ما جاء فيه، طالبًا “تعاون الجميع معي للوصول الى هذه الغاية، لان فيها خلاص لبنان وازدهاره، وراحة للبنانيين ونقلة نوعية طالما انتظروها”، مشددًا على ان “لبنان هو للجميع وليس هناك بالتالي من اقلية واكثرية، بل مجتمع واحد وشعب واحد، ولكلّ دوره فيه الى اي طائفة او حزب او فكر سياسي انتمى، طالما ان الهدف هو اعلاء شأن الوطن”.
ولفت الرئيس عون، الى انه “مع انطلاقة الحكومة الجديدة والامل في ان تحظى بثقة مجلس النواب”، سيبدأ العمل على مختلف الملفات، “بطريقة موضوعية ومتّزنة، ومحاولة تفادي الاخطاء التي حصلت في السّابق والتعلم منها لتأسيس مرحلة جديدة، بتكاتف داخلي واستعداد خارجي لدعم لبنان في هذه المسيرة”.
الرئيس عون لشباب لبنان: اجعلوا وطنكم نصب أعينكم
وخلال استقباله بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفدًا من “حركة شباب لبنان”، دعا رئيس الجمهورية الشباب إلى أن يجعلوا لبنان دائمًا نصب أعينهم “لأن مزاريب الطائفية والمذهبية ما بنت يوما بل دمّرت”، مؤكدًا أن لبنان لشبابه وليس لأي أحد آخر.
في مستهل اللقاء، ألقى السيد إيلي صليبا، رئيس الحركة، كلمة قال فيها: “جئناكم وفدًا مشتركًا من حركة شباب لبنان وهيئة الطوارئ المدنية في لبنان واتحاد رجال وسيدات الأعمال الشباب في لبنان، وفدًا يمثل معظم المناطق والطوائف تأكيدا على الرسالة السماوية في هذا الوطن”.
أضاف: “نحن نتعاطى الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي لأن أي عمل في الشأن العام يحتاج إلى أن نكون على دراية ومعرفة واطلاع على شؤون المواطنين على الصعد كافة. ونحن شباب ابينا ان نترك هذا الوطن، على الرغم من كل الصعاب والظروف الاستثنائية التي كان يمر بها لبنان. والسبب الرئيسي الذي جعلنا نتمسك بهذه الأرض هو بصيص الأمل الذي كنا نراه في آخر النفق منذ توليتم قيادة الجيش”.
وقال: “إن خطاب القسم يعبر عن طموح وإرادة كل اللبنانيين لا سيما الشباب منهم. لذلك نحن إلى جانبكم ومعكم لتحقيق العهود والوعود التي أطلقتموها خلال خطاب القسم”.
مواضيع ذات صلة :
![]() الرئيس عون إلى شباب لبنان: اجعلوا البلد دائمًا نصب أعينكم! |