الأنصار والنجمة.. زينة الرياضة اللبنانية
خاص هنا لبنان – كتابة موسى الخوري:
وأخيرًا، وبعد طول انتظار جاء ختام الدوري اللبناني لكرة القدم مسكًا. ليس فقط لأن ختام البطولة كان مشوقًا على أثر لقاء الحسم بين قطبي الكرة اللبنانية الأنصار والنجمة، إنما لشغف الناس به وعشقهم لهذين الناديين الذي يبلغ حد الجنون.
طبعًا لا يمكننا أن ننكر أن التغطية الإعلامية المميزة التي حظي بها الدوري اللبناني هذا الموسم ساهمت في إشعال نيران العشق الشاعلة أصلًا في قلوب مشجعي الأنصار والنجمة، لكن لا جائحة كورونا ولا الأزمة الإقتصادية ولا كل المشاكل التي يعاني منها بلد الأرز تمكنت من حجب بريق البطولة الساطع مع نهاية الموسم الذي سيكتب عنه تاريخنا المعاصر الكثير والكثير دون أن يفيه حقه، وستتناقل أجيال المستقبل حدث هذا اللقاء على وسائل التواصل الإجتماعي وفي مجالسها الخاصة أخبار هذا اللقاء بتفاصيله المملّة أو عفوًا بتفاصيله الشيقة إذ لم يكن هناك أي مجال للملل في هكذا لقاء. وهنا أيضًا نتمنى على الأندية اللبنانية أن تبدأ بالتخطيط لعودة الحياة إلى ملاعب الكرة اللبنانية بالتنسيق مع الإتحاد بعد انحسار كورونا عبر بناء فرق لكل الفئات العمرية وتحسين حالة الملاعب ورفع مستوى التحكيم بالإضافة لأمور أخرى عديدة لنضع اللعبة على السكة الصحيحة لتليق بهكذا جمهور أثبت أن كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في كل أنحاء العالم.
لن نتطرّأ إلى النواحي الفنية أو إلى مجريات اللقاء بعدما “كفّت ووفّت” وسائل الإعلام والتغطية، إنما سنعود معكم بالذاكرة إلى مجموعة مباريات بين الغريمين التقليديين اللذين زيّنا وما زالا يزينان الكرة اللبنانية بمباريات من الصنف الأسطوري.
الأنصار نجح في خطف لقبه الـ14 بعد غياب دام 14 سنة عن منصات التتويج ليبتعد عن النجمة وباقي الفرق بعدد الألقاب. وبعد 67 لقاء بين الإثنين، جائت المباراة رقم 68 لتكرّس التفوّق الأنصاري وتمنحه لقبًا ربما يكون الأغلى على قلبه.
قصة التنافس بين الناديين البيروتيين عمرها طويل، وفي ما يلي سأحاول وإياكم إنعاش الذاكرة الجماعية لهذه اللقائات المفصلية التي يختبيء خلفها ألف قصة وقصة.
الحدية والندية والتنافس الحامي الوطيس بدأوا في سبعينيات القرن الماضي. فبعد أن كان النجمة الطرف الأفضل قبل هذه الحقبة، بدأ الأنصار يشق طريقه نحو المجد ويقارع غريمه من الند للند. لكن بسبب الحرب الأهلية السيئة الذكر لم يلتقِ الفريقان سوى في بعض المباريات الودية وذلك بسبب التوقف القسري للدوري المحلي. أول لقاء رسمي حصل بين الناديين جرى في ذلك الزمن عام 1977 في دوري مصغّر على الملعب البلدي. على أن دورة 16 آذار كانت تستقطب عددًا كبيرًا من الجمهور والتي جمعت خلال إحدى لقائاتها الأنصار والنجمة. يومها تقدم الأنصار بهدفين سجلهما “الثعلب” ابراهيم الدهيني والهداف يوسف الغول. لكن لم يُكتب للمباراة أن تستكمل فتوقفت بسبب الشغب. وانتظر الجمهور حتى عام 1986 ليشاهد لقاء آخر بين الفريقين في نفس تلك الدورة على ملعب نادي الصفاء في منطقة وطى المصيطبة. تخيلوا أن مباراة في دورة غير رسمية كانت كفيلة بامتلاء المدرجات عن آخرها قبل 8 ساعات من بدايتها. لم يخذل النجمة جمهوره الكبير يومها ونجح في خطف الفوز بثلاثة أهداف مقابل هدفين (سجل للنجمة حسن شاتيلا وصالح كركي الذي سبق ولعب لنادي الراسينغ ثنائية، بينما سجل للأنصار هدافه فادي علوش وفؤاد ليلا).
وفي نفس السنة التقى الفريقان مجددًا ولكن هذه المرة في كأس لبنان وكان الفوز للأنصار بهدفين للا شيء سجلهما فادي علوش وابراهيم الدهيني. وكان موعد الجماهير أيضًا في تلك السنة مع لقاء آخر في دورة الإمام موسى الصدر وكان التقدم للأنصار بهدف للنفاثة عدنان بليق. تخلل المباراة أحداث دراماتيكية وتخللها إطلاق نار ولم يكتب لها أن تستكمل.
وبقيت دورتا 16 آذار والأضحى على جدول الإتحاد اللبناني حتى بعد عودة الدوري فالتقى الفريقان في مباراة انتهت بالتعادل 2-2 (سجل للنجمة إيلي نجار هدفان وللأنصار ناصر بختي ومنير حسين) وقد لعب يومها الأنصار بالفريق الرديف وأحرز النجمة الدورة في نهايتها.
حتى بعد عودة عجلة الدوري اللبناني إلى الدوران لم يكتب للفريقان أن يلتقيا إذ انسحب النجمة من الدوري عام 1988. أول لقاء في البطولة جرى بعد الحرب عام 1990 وكان الفوز من نصيب الأنصار بهدف سجله اللاعب الإحتياطي الذي كان يقيم في الكويت جمال ضاهر. لقاء ملأ مدرجات الملعب البلدي عن آخره. كان جمال ضاهر مهاجمًا يعرف طريق المرمى وخصوصًا أمام النجمة، لكن إن كان هناك في تلك الحقبة لاعبًا يغيظ النجماويين أكثر من ضاهر فإنه بالتأكيد المهاجم مصطفى الريح الذي لا يذكر أحدًا من الفترة التي قضاها في صفوف الأنصار سوى تسجيله هدف الفوز في مباراة انتهت أنصارية 3-2. باختصار، كان فريق المدرب الداهية عدنان الشرقي الطرف الأفضل ولوقت طويل.
انتظر النجمة حتى عام 1993 ليحقق فوزه الأول على الأنصار 2-1 بهدفين للحاج محمود حمود ويوسف فرحات الذي كان يلقب بالكوري لوجود شبه كبير بينه وبين الكوريين. مباراة لم ولن تمحى من ذاكرة النجماويين.
مباريات بارزة جرت أيضًا في طرابلس من دون جمهور تخوفًا وقتها من الشغب وانتهت بفوز الأنصار بهدف من توقيع المهاجم فادي حلاق في مرمى الحارس محمود طراد عام 1994.
لقاء شهير أيضًا جرى في منتصف التسعينيات وكان نجمه هذه المرة حكم اللقاء. نعم الحكم وليس اللاعبين كان الحدث الأبرز في تلك المباراة. ففرصة وجود الحكم المجري ساندور بول الذي أدار نهائي كأس العالم 1994 كانت فرصة نادرة وإن كان الحكم الإيراني محمد فنائي معتادًا على التحكيم في لبنان ولكنه كان حكمًا للراية في نهائي ال 1994 وليس حكم الساحة كالمجري. هذا اللقاء انتهى انصاريًا بنتيجة 4-2.
انتظر النجمة حتى بداية الألفية الثالثة ليضع حدًا لسيطرة الأنصار على مدى 11 عامًا ويخطف رجال المدرب المصري للنجمة فاروق السيد اول لقب للدوري بعد غياب دام 25 عامًا. فاز النجمة على الأنصار يومها 2-0 بثنائية المهاجم الترينيدادي إيرول مكفرلاين على الملعب البلدي بالرغم من إضاعة موسى حجيج لضربة جزاء خلال اللقاء.
ومرت الأيام وبقي الكر والفر بين الناديين بالرغم من بروز أندية أخرى كالعهد وأولمبيك بيروت والصفاء، ولكن يبقى ناديا الأنصار والنجمة في طليعة الأندية اللبنانية والحدث البارز فيها.
مواضيع ذات صلة :
النجمة بطلاً لكأس السوبر لكرة القدم بفوزه على الأنصار | الأنصار يفوز على العهد.. ويتوّج بلقب كأس لبنان لكرة القدم | الأنصار يضرب العهد بثلاثية ويعزز صدارته |