“أعطوا أطفالنا الحياة وافتحوا المدارس”
كتبت الإعلامية رانيا زياده أشقر في “السياسة”:
دعوا المراهقين يذهبون إلى المدرسة ولا تمنعوهم، لأنّ مملكة الشباب هي مع أمثالهم.
بحسب ما تقول المعالجة النفسيّة “فرانسواز دولتو”، فإنّ المدرسة هي “مدرسة الحياة الاجتماعية” حيث يعيش المراهقون التعاون والتضامن على أساس يومي؛ إنه المكان حيث يجدون أنفسهم وحيث يكونون ضروريين لأنهم، إذا كانوا يهتمون بالمدرسة، فإن المدرسة تبادلهم الإهتمام ذاته.
.
لم يكسر عالمنا الحالي روتين الحياة الاجتماعية فقط، بل أداء التطور النفسي الطبيعي للطفل وقواعد وأعراف التعليم أيضا. يدفع المراهقون ثمنًا باهظًا مؤخرا. ويضيّعون سنوات من حياتهم غارقين في الفراغ والملل. تلك السنوات القليلة التي يوازن فيها الشاب بين عالم الكبار وعالم الطفولة لا رجوع إليها.
هذه الفترة هي نقطة التحول التي تحدد شكل حياتهم الاجتماعية والعاطفية والجنسية والمهنية والعائلية، لكنهم يُحرمون اليوم من العيش كما يفترض.
يعيش شبابنا الآن مع اكتئاب مخفي بسبب رهاب اجتماعي أوجده فيروس كوفيد- 19. أولادنا يخافون من رفاقهم! يهربون إلى عالم افتراضي، ويختبئون خلف غلاف جليدي ليس سوى شاشات أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. في الوقت الذي يجب أن يكون غلاف الحماية الحقيقي هو اندماجهم في مجموعة. المراهق يمرّ بفترة من التحوّل الشكلي والنفسي والعبور من الطفولة إلى البلوغ لذلك فهو بحاجة إلى المجموعة التي تكوّن له هذا الدرع أو الملجأ الذي يحميه من العالم الخارجي، كما يشرح عالم النفس فرويد.
لا يمكن للمراهق أن يكون بمفرده، ويرفض أن يكون فريدًا ومختلفًا، فهذا الأمر بالنسبة له يشبه التعرّي في العلن. يرتدي المراهقون نفس الملابس وشعرهم متماثل ويتحدثون بنفس الطريقة للاندماج مع مجموعة تشبههم وتجعلهم يشعرون بالأمان.
عزل فيروس كورونا المراهق ونفاه أكثر وأكثر داخل نفسه. ولكن،هل تدرك سلطاتنا التعليمية الضرر الناجم عن إغلاق المدارس؟
لم يعد الشباب يتعرفون على بعضهم البعض، والفتيات يخجلن من “الصبيان” والعكس صحيح، تقول لي ابنتي البالغة من العمر 13 عامًا “لقد تغير الصبيان”. بالطبع تغيروا، لأن التحول للأسف حدث بعيدًا عن أعينهم وبالتالي “بعيدًا عن قلوبهم”. أصدقاء طفولتهم أصبحوا غرباء عنهم، لا يريدون رؤيتهم، يهربون من التبادلات الاجتماعية، الناس، التواصل الحقيقي.. يهربون من الحياة!
كيف سيتمكنون من خوض مغامرة عاطفيّة إذا كان الشريك الوحيد الذي يرونه هو آلة مربعة؟ لقد انقضَّ الكوفيد على الحياة الإجتماعيّة وانقضّ على كل ما يمكن أن يكون بشريًا بالنسبة للمراهق: عواطفه ومشاعره وتمرده وأفكاره المبتكرة وإبداعه.
أخشى على أطفالي وعلى أطفال لبنان!
أتوجه إليكم أيها المسؤولون كأم وكمتخصصة في العلوم التربويّة، لأطلب منكم أن ترحموا شبابنا. سنوات وتجارب أعمار الـ 13 ، 14 ، 15 ، 16 لن تعود أبدًا. والصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة البدنية.
شبابنا هم نور المستقبل، الأمل الوحيد للبنان الجديد، حرّروهم بالله عليكم، أعطوهم الحياة مرة أخرى، أتوسل إليكم لكي تعيدوا لنا لبناننا الغد.
مواضيع ذات صلة :
إليكم مصير العام الدراسي | وزير البيئة: المدارس وصلت إلى قدرتها الاستيعابية القصوى | العام الدراسي على حافّة “التأجيل”.. “اللبنانية” تُمدّد وقف الدروس والمدارس تتخبّط! |