التعيينات واقتلاع الدولة العميقة

ليس سهلًا على الإطلاق، أن تُدار دولة بعد سنتين وشهرين من الفراغ الرئاسي، وبعد حكومة تصريف أعمال أدارت السلطة التنفيذية بطريقة لم تستطع فيها إعادة بناء السلطة، لأن رأس السلطة لم يكن موجودًا، ويستحيل بناء دولة من دون رأس. اليوم، بدأت عملية إعادة بناء السلطة، والعملية تسير بخطى ثابتة وأكيدة، ولأنها كذلك فإن المطلوب تحصينها لأنّ “الدولة العميقة” ما زالت بالمرصاد، وستسعى لتخريب أي محاولة لاقتلاعها، سواء في الإدارة أو في القضاء أو في القطاعات المالية التي هي الأهم، وفي مقدمها الجمارك والدوائر العقاريّة.
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
ينتظر اللبنانيون، بفارغ الصبر، الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، بعد نيْل حكومة الرئيس نوّاف سلام الثقة، لمعرفة ما سيتضمّنه جدول أعمالها، وما هي البنود التي ستحوز الأولوية، ليس فقط بالنسبة إلى رئيس الحكومة بل أيضًا بالنسبة إلى رئيس الجمهورية.
لو قُدِّر لواضعي جدول أعمال مجلس الوزراء، أن يضعوا كلّ البنود المهمة التي تحمل طابع العجلة، لكان بلغ حجم جدول الأعمال ألف بند، فالملفات المتراكمة والمؤجّلة من حكومة تصريف الأعمال وواقع الفراغ، تجعلها بالمئات وليس بالعشرات، فكيف ستُجَدْوِلُ الحكومة أولوياتها؟
هناك البنود الأكثر اهمية، ثم البنود المهمة، ثم البنود الأقل اهمية. ليس صعبًا أكتشاف الأكثر اهمية، فهي موجودة في سطور خطاب القسم وفي سطور البيان الوزاري، وما على واضعي جدول الأعمال سوى استكشافها ووضع خطٍّ أحمر تحتها، وتحويلها من “جملٍ مفيدة” إلى بنودٍ على جدول الأعمال.
لعلّ أكثر الكلمات التي وردت في خطاب القسَم وفي البيان الوزاري هي كلمات : الإصلاح، مكافحة الفساد، التطهير الإداري، التعيينات في كافة الأسلاك والقطاعات. إنّ هذه التعيينات يفترض أن تتم وفق معايير علمية صحيحة، ويكون من أول أهدافها ان تقتلع الدولة العميقة الموجودة في إدارات الدولة والتي أدّت إلى انهيار هذه الدولة.
ليس سهلًا على الإطلاق، أن تُدار دولة بعد سنتين وشهرين من الفراغ الرئاسي، وبعد حكومة تصريف أعمال أدارت السلطة التنفيذية بطريقة لم تستطع فيها إعادة بناء السلطة، لأن رأس السلطة لم يكن موجودًا، ويستحيل بناء دولة من دون رأس.
اليوم، بدأت عملية إعادة بناء السلطة، والعملية تسير بخطى ثابتة وأكيدة، ولأنها كذلك فإن المطلوب تحصينها لأنّ “الدولة العميقة” ما زالت بالمرصاد، وستسعى لتخريب أي محاولة لاقتلاعها، سواء في الإدارة أو في القضاء أو في القطاعات المالية التي هي الأهم، وفي مقدمها الجمارك والدوائر العقاريّة.
ما لم يتم اقتلاع “الدولة العميقة” فعبثًا التفتيش عن حلول وعن معالجات، فهذه الدولة العميقة هي الأقوى حتى إشعار آخر، وهي تتحيَّن الفرص وتتوثّب من أجل إفشال ما يمكن أن يتحقّق.
الوضع ما زال في “فترة السّماح”، لكن بعد ذلك لا عذر لأي تأخير، خصوصًا أن الاستحقاقات داهمة، ولعلّ أقربها استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية، بعد شهرين، ثم استحقاق الإنتخابات النيابية، وهو الاهم ، بعد سنة وشهرين، وإلى ذلك الحين، يفترض بالدولة العميقة ان تكون اقتُلِعَت، لأنّها إذا لم تقتلَع، يُخشى أن تتجذّر أكثر، وهنا الخطر الأكبر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() جنبلاط جلس على ضفّة النهر.. وانتظر مرور ابراهيم حويجة | ![]() واشنطن تؤيّد “النقاط الخمس”: إنها “وقتٌ انتقالي” | ![]() سعد الحريري وخطاب العودة إلى لبنان.. وسوريا |