المسؤولون عن تعطيل الحكومة ينادون بتشكيلها!
كتب حسين دكروب في صحفية “The Daily Star الديلي ستار” الإلكترونية بعنوان: “حزب الله وأمل يطالبان بتشكيل حكومة جديدة لتجنب الانهيار الاقتصادي”
بيروت: دعت “حركة أمل” و”حزب الله” إلى التعجيل بتشكيل حكومة جديدة قادرة على إنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي الشامل الذي يهدِّد اللبنانيين بالفقر والجوع. يأتي نداء الثنائي الشيعي بعد أن وصلت عملية تشكيل الحكومة لطريق مسدود، بعد فشل محاولات الوساطة المحليَّة والعربيَّة لكسر الجمود الذي دخل شهره الثامن دون أن يلوح أي حل في الأفق. وشدَّد الطرفان في بيان صدر عقب اجتماع مشترك بينهما في جنوب لبنان الثلاثاء على “ضرورة التحرُّك الفوري لإزالة كل العقبات التي تحول دون تشكيل حكومة قادرة على إنقاذ لبنان من الانهيار الشامل، وتحقيق الاصلاحات ومحاربة الفساد وتحقيق تطلَّعات اللبنانيين في قيام دولة القانون والمؤسسات، بعيداً عن منطق المصالح الضيقة والشخصية والفردية “.
ضمن نفس الإطار صدر عن مجلس البطاركة ورؤساء الأساقفة الكاثوليك الموارنة نداءً مماثلاً لتشكيل “حكومة إنقاذ” تكون قادرة على اتخاذ القرارات. وذلك بعد اجتماع استثنائي برئاسة البطريرك الماروني “بشارة بطرس الراعي” في مقره في بكركي شمال شرق بيروت، حضره بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك “يوسف عبسي”. جدَّد خلاله “الراعي” في كلمته الافتتاحية دعوته لتحييد لبنان وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة؛ لحلِّ الازمات الاقتصادية والسياسية المتفاقمة. حيث قال الراعي: “منذ أن فقد لبنان سيادته الداخلية والخارجية، وعجزت القوى السياسية اللبنانية عن الجلوس معًا، طالبنا بعقد مؤتمر دولي حول لبنان برعاية الأمم المتحدة”. وتضمَّن البيان الذي صدر عقب الاجتماع: إن المشاركين تألموا من “الجوع والحرمان والفقر والبطالة التي يواجهها المواطنون اللبنانيون، ليس فقط بسبب جائحة فيروس كورونا، ولكن بشكل خاص بسبب غياب حكومة إنقاذ فاعلة خالية من الحزبية والتدخل السياسي..هناك حاجة ماسَّة إلى حكومة إنقاذ لإجراء الإصلاحات، ومكافحة الفساد، وإجراء تدقيق جنائي [لحسابات البنك المركزي] من خلال قضاء مستقل، وتحفيز الاقتصاد بكافة قطاعاته، وإنعاش القطاع المصرفي، وضمان أموال المودعين وحرية التصرف بها. كما أدان البطاركة تهاون مؤسسات الدولة في التعامل مع تداعيات الانفجار الهائل الذي وقع العام الماضي ودمَّر مرفأ بيروت وأودى بحياة أكثر من 211 شخصًا، وترك أحياءً بأكملها في العاصمة في حالة خراب. ودعوا جميع اللبنانيين لا سيما القادة السياسيين إلى تجاوز مصالحهم الشخصيَّة والدخول في “حوار المحبة والصراحة والتسامح والمصالحة”. وأيَّدوا دعوة “الراعي” لاعلان “حياد لبنان الفاعل” وعقد مؤتمر دولي لحل الازمة اللبنانية.
تأتي النداءات المنفصلة الصادرة عن حركة أمل وحزب الله والأبوية المارونية، بسب ما يعانيه لبنان من أزمة اقتصادية ومالية وشلل يشكِّل أخطر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية في الفترة 1975-1990. فقد سقطت الليرة اللبنانية سقوطاً حراً منذ تشرين الأول 2019م، وفقدت أكثر من 90% من قيمتها، الأمر الذي دفع أكثر من نصف سكَّان لبنان _ والذي يُقدَّر عددهم بستة ملايين _ إلى الفقر والبطالة. ورغم ذلك لم يلتفت زعماء لبنان المتناحرون إلى النداءات العربية والأجنبية المتكرِّرة، بما في ذلك نداءات الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، للاتفاق على التعجيل بتشكيل حكومة من الأخصائيين غير الحزبيِّين تماشياً مع المبادرة الفرنسيَّة، وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها لما تحمله من أهمية بفتح الباب لتدفُّق مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية الموعودة للبلد.
وبدوره حذَّر زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط _ الذي دعا مراراً وتكراراً للتوصل إلى حلٍّ وسط بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلَّف سعد الحريري بشأن تشكيل مجلس الوزراء _ من سقوط المعبد في غياب حكومة تعمل بكامل طاقتها لمعالجة حزمة من الأزمات. وذلك عبر تغريدة نصها: ” يبدو أن الصراع الإقليمي يشتدٌّ على لبنان، الأمر الذي يجعل الديكة المحليين يتقاتلون غير مبالين بسمعة المؤسسات وحُرمتها. وفي هذا المجال فإنه من الواجب تحصين الجيش وتحييده ودعمه مادياً ومعنوياً، والخطوة الأساس تكون في وقف الدعم للتجَّار وتخصيص البطاقة التموينيَّة للمواطن قبل أن يغرق الهيكل”. تغريدته أشارت بوضوح إلى الخلاف المحتدم بين المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون ومجلس القضاء الأعلى، بعد أن اقتحمت عون الأسبوع الماضي شركة صرافة في تحدٍ لقرار المدعي العام بمنعها من التحقيق في الجرائم المالية وتحويل الأموال إلى الخارج. وكان المجلس القضاء الأعلى قد استدعى “عون” بعد اجتماعه الثلاثاء؛ لتذكيرها بضرورة الانصياع لقرار المدَّعي العام بمنعها من النظر في القضايا المالية. وأحال المجلس وهو أعلى هيئة قضائية في البلاد قضية عون إلى هيئة التفتيش القضائي. إلا أن عون اقتحمت مرة أخرى شركة “مكتَّف” للصرافة في عوكر شمال بيروت الأربعاء الماضي برفقة نشطاء من “التيار الوطني الحر”، متحديةً بذلك قرار مجلس القضاء الأعلى. لتصرِّح بعدها إنها كانت تحقِّق مع الشركة وبنك “SGBL” بزعم سحب ملايين الدولارات من السوق وشحنها إلى الخارج.
وفي إطار دعمها لتحرك “عون” قالت كتلة لبنان القوي النيابية التابعة للتيار الوطني الحر في بيان لها صدر عقب اجتماعها الأسبوعي على الإنترنت، برئاسة النائب جبران باسيل الثلاثاء: “إن منع القاضي الذي يتابع قضايا الشعب من مواصلة التحقيق في الملفات المفتوحة هو بمثابة جريمة بحق الشعب.. ويثير تساؤلات لبنانيَّة حول السبب الكامن وراء هذا الاعتداء السياسي والقضائي والإعلامي والمالي والأمني على القاضي الذي يؤدِّي مهامه”. كما انتقدت الكتلة تأخَّر الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة: “ما زال اللبنانيون ينتظرون من رئيس الوزراء المكلَّف أن يخرج بصيغة وزاريَّة منهجيَّة تظهر بوضوح توزيع الحقائب على الطوائف.. ويجب أن يتم ذلك ضمن معايير الكفاءة والتخصُّص دون أي انتماء حزبي.. وأي طرح أقل من ذلك يشير إلى عدم وجود قرار بتشكيل حكومة في لبنان”. كما رفضت الكتلة اتهامات “الحريري” وقيادات “تيار المستقبل” التي ترمي بأن إصرار “عون” و”باسيل” على طلب (الثلث المعطِّل) هو ما يعرقل تشكيل حكومة من المختصين غير الحزبيِّين تكلف بتنفيذ برنامج إصلاحي كما ورد في “المبادرة الفرنسيَّة”.
وتأتي أزمة مجلس الوزراء في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي ، بدعم من فرنسا لإنشاء آلية للعقوبات في إطار تصعيد الضغط على السياسيين اللبنانيين لتشكيل حكومة جديدة. حيث ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسل يوم الاثنين، أزمة الحكومة اللبنانية والإجراءات العقابية المحتملة ضد أولئك الذين يعرقلون تشكيل الحكومة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها: إن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل = Josep Borrell” وزَّع على الدول الأعضاء ورقة خيارات للتعامل مع الأزمة اللبنانية. ففي حال عدم تشكيل حكومة، سيتم تطبيق العقوبات على مرحلتين. تبدأ بوضع نظام للعقوبات على لبنان، ثم إدراج الأسماء المستهدفة التي تعرقل تشكيل الحكومة على لوائح العقوبات. ويكمن قلة التفاؤل في التوصل إلى حل مبكر للأزمة بعدم لقاء عون والحريري كونهم المسؤولين دستورياً بشكل رئيسي عن تشكيل مجلس الوزراء، منذ اجتماعهم الأخير في 22 آذار الذي فشل برأب الصدع المتعمِّق، وترك لبنان لأكثر من ثمانية أشهر بدون حكومة قادرة على مواجهة الأزمات المتعددة.
مواضيع ذات صلة :
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تتابع موضوع المساعدات التي تصل من أجل إغاثة النازحين | العدالة في قبضة الميليشيا | قضايا الفساد تُلاحق كييف وموسكو.. والفضائح تطغى على تطوّرات الميدان! |