عشرون عامًا على ثورة الأرز… حبّذا لو تعود تلك الوحدة!

كلّ من شارك في ذلك اليوم العظيم ما زال فخورًا بنفسه. لقد كان حدثًا عظيمًا لم ولن يتكرّر، ولن يحدث مثله في أي بلد عربي. خرج الجيش السوري من دون أي ضربة كف، وتحقّقت المعجزات بفضل توحّد اللبنانيين بمختلف طوائفهم.
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
لا يمكن لمَن شارك في “ثورة الأرز” في 14 آذار 2005 أن ينسى ذلك اليوم المفعم بالكرامة والحرية، ذلك التاريخ الذي احتضن تظاهرةً أكثر من مليونيّة جمعت حشودًا غير مسبوقة من المسيحيين والمسلمين والدروز والشيعة المعارضين لحزب الله وكلّ طوائف لبنان، فوحّدت الصلوات على وقع أجراس وصلاة كاتدرائية مار جرجس، وآذان جامع محمد الأمين في وسط بيروت. كما جمعت الشيوخ والكهنة في آنٍ واحد يصلّون أمام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي اغتيل قبل شهر في 14 شباط، فقلبَ الواقع السياسي في لبنان، ونَتَجَ عن ذلك ثورة قوى سياسية سيادية حملت اسم فريق “14 آذار”، فسقط لها شهداء من كلّ الطوائف لانها استطاعت تحقيق بعض أهداف تلك الانتفاضة الكبيرة، التي جمعت أفرقاء لطالما كانوا بعيدين ضمن مسافات سياسية شاسعة، لكنّ شعار “لبنان أولًا” وحدّهم ، فشكّلوا القوة السياسية الأكبر على الساحة، التي تمثّلت أهدافها بضرورة إنهاء الاحتلال السوري للبنان، وتكوين لجنة دولية للتحقيق في اغتيال الشهيد رفيق الحريري، ورحيل النظام الأمني اللبناني – السوري، واستقالة مسؤولين أمنيين، وإقامة علاقات ديبلوماسية عبْر تبادل السفارات بين لبنان وسوريا، والصّمود بوجه السلاح والاغتيالات، وتنظيم انتخابات نيابية نزيهة، إلى ما هنالك من مطالب صبّت في خانة تحقيق استقلال لبنان.
إلى ذلك، استطاعت هذه الثورة جذب أغلبية اللبنانيين التوّاقين إلى قيام دولة قوية مبنية على مؤسّسات تحترم القوانين، وتعتمد الديموقراطية والحرية أساسًا لنظامها السياسي، أي دولة خاضعة فقط لإرادة شعبها، وهذه الوحدة لطالما كانت حلمًا للبنانيين، فباتت مثالًا لكلّ الشعوب وخصوصًا العربية التي سارت على خط اللبنانيين واحتذت ببطولاتهم.
لعقد مؤتمر يجمع أركان 14 آذار
اليوم وبعد مرور كلّ تلك السنوات، وجرّاء العراقيل والعقبات التي وُضعت، خصوصًا في العام 2019 تاريخ بدء الأزمات والانهيارات الفعلية في لبنان، ومع تشتّت أركان فريق 14 آذار، لم يعد جمهور تلك الانتفاضة الشعبية يملك الحماسة لإحيائها، بسبب الاوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان واللبنانيون بصورة عامة، بالتزامن مع ما حدث من انقلابات داخلية على يد الدويْلة، وسيطرة النفوذ الايراني مع كلّ تبعاته وتداعياته، لكن ووسط كلّ ذلك لا يمكن نكران أنّ روحيّة ومبادئ وشعارات 14 آذار ما زالت حيّة وموجودة، وكلّ هذا بحاجة اليوم إلى صرخة ثورية، تنطلق من عقد مؤتمر موسَّع يجمع كل أركان الفريق المذكور، لترميم العلاقات والتحضير لطريقة عمل جديدة في السياسة، بهدف التخطيط والتنسيق لعودة الوحدة المسيحية – الإسلامية، وجمع كلّ اللبنانيين في المواقف ضدّ الاحتلال الايراني، من خلال تشكيل جبهة لبنانية داعمة للعهد الجديد، لتحقيق خطاب القسَم وإعادة لبنان إلى ما كان عليه.
سعيد لـ”هنا لبنان”: ثورة 14 آذار مدرسة في الوطنية
في هذا الاطار، يشير النائب السابق الدكتور فارس سعيد، الذي كان يتولى مهمة منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار لـ”هنا لبنان”، الى أنّ “كل مَن شارك في ذلك اليوم العظيم ما زال فخورًا بنفسه، لقد كان حدثًا عظيمًا لم ولن يتكرّر، ولن يحصل مثله في أي بلد عربي، لقد خرج الجيش السوري من دون أي ضربة كف، وتحقّقت المعجزات بفضل توحيد اللبنانيين بمجمل طوائفهم، وانتفاضة اكثر من مليون لبناني على الاحتلال، وانتشارهم في الساحات مطالبين بسيادة وطنهم”.
وقال: “ثورة 14 آذار شكّلت مدرسةً في الوطنية، والكلّ تفرّع منها من أحزاب وشخصيات سياسية، إذْ جمعت كلّ المهن والفئات العمرية والأغنياء والفقراء على حدّ سواء، وهؤلاء ما زالوا ينتمون لها فكريًّا بعدما شكلّت نموذجًا يحتذى به، لكنّ بعض أطرافها السياسية عادت الى مربّعاتها الحزبية والطائفية، ما جعلها تتراجع بسبب خلافاتها، لكنّ روحيّتها باقية ولن تزول مهما جرى”.
من شعار “لبنان أولًا” الى “الدستور أولًا”
ودعا سعيد إلى ضرورة انتقال أركان 14 آذار إلى دعم العهد الجديد، والمساعدة على بناء الدولة، واستبدال شعار “لبنان أولًا” الذي تحقّق خلال ثورة الأرز، بشعار “الدستور أولًا” وبسط السيادة على كل الاراضي اللبنانية، آملًا أن تعود تلك الوحدة في أقرب وقت.
وختم بالاشارة الى انه سيعقد مؤتمرًا صحافيًا، ظهر الجمعة 14 آذار الجاري، للتحدّث عن هذه الذكرى المشرّفة، وذلك في مكتب “لقاء سيدة الجبل” في الأشرفية.