فضيحة “فورت نوكس”: هل يؤدّي نقص الذهب إلى صعود الـ”بيتكوين”؟


خاص 15 آذار, 2025

 

التاريخ يثبت أنّ الأزمات الكبرى تؤدّي دائمًا إلى تغييرات في النظام النقدي. في 1933، تخلّت الولايات المتحدة عن معيار الذهب خلال فترة الكساد العظيم. وفي 2008، أدّى الانهيار المالي العالمي إلى ظهور البيتكوين لأول مرة.

كتب سلام الزعتري لـ”هنا لبنان”:

لطالما كان “فورت نوكس” رمزًا لاحتياطي الذهب الأميركي، وعلامة على الاستقرار المالي للولايات المتحدة. ولكن ماذا لو كان فارغًا – أو على الأقلّ لا يحتوي على الكمّية المفترضة من الذهب؟ السيناريو سيكون كارثيًّا، ليس فقط على الاقتصاد الأميركي، بل على النّظام المالي العالمي بأسره.
تخيّل لو أن الحكومة الأميركية تعلن فجأةً أن احتياطي الذهب في “فورت نوكس” غير كافٍ أو أنه لم يكن موجودًا منذ فترة طويلة، هذا قد يؤدي إلى انهيار الثقة بالذهب كمعيار نقدي عالمي. الدول التي خزّنت الذهب كملاذٍ آمن، مثل الصين وروسيا والهند، ستجد نفسها في أزمة.
في مواجهة هذا الانهيار، قد تتحرّك الولايات المتحدة سريعًا لتقديم بديل رقمي للنظام النقدي العالمي، مع ترشيح الـ”بيتكوين” ليكون المعيار الجديد. وإذا حدث ذلك، فقد نشهد أكبر تحوّل اقتصادي في التاريخ الحديث.
إذا علمت الحكومة الأميركية بأن تدقيقًا رسميًّا لاحتياطي فورت نوكس قادم، فقد تلجأ إلى إعلان مخزون احتياطي استراتيجي جديد — ربّما يتضمن البيتكوين أو الأصول الرقمية الأخرى. بهذه الخطوة، ستتحكّم واشنطن في السرد الإعلامي والاقتصادي بدلًا من التعرّض لفضيحة محرجة.

التبرير لهذه الخطوة سيكون بسيطًا
– الذهب صعب التدقيق، ويمكن التلاعب بكميته وجودته.
– البيتكوين شفاف تمامًا، إذ يتم تسجيل جميع التحويلات في البلوكتشين، مما يجعله أصلًا يمكن التحقّق منه بسهولة.
– إذا حدث هذا التحوّل، فسيكون ضربة قاضية للدول التي كانت تعتمد على الذهب لموازنة نفوذ الدولار الأميركي.
– لطالما وُصف البيتكوين بأنّه “الذهب الرقمي”، لكنّه لم يصل بعد إلى مرحلة الاعتماد الرسمي كاحتياطي عالمي. ومع ذلك، في حال وقوع حدث جيوسياسي كبير—مثل فضيحة فورت نوكس—فإن ذلك قد يُسرّع بتبنّيه عالميًا.

لماذا قد يكون البيتكوين بديلاً مثاليًّا؟
1 – الشفافية: على عكس الذهب، يمكن تتبع جميع معاملات البيتكوين بسهولة.
2 – القابلية للنقل: الذهب ثقيل ومكلف في التخزين والنقل، بينما يمكن نقل البيتكوين عالميًّا في لحظات.
3 – الندرة: بوجود 21 مليون بيتكوين فقط، لا يمكن التلاعب بإمداد البيتكوين كما يحدث مع العملات الورقية.

ومع ذلك، لا تزال هناك عقبة رئيسية: الحكومات تريد التحكّم في النظام النقدي، والبيتكوين اللّامركزي يمثل تهديدًا لنفوذها المالي. لذا، من المرجّح أن تلجأ الولايات المتحدة إلى إطلاق عملة رقمية رسمية مدعومة حكوميًّا بدلًا من تبني البيتكوين بالكامل.
على الرَّغم من أن فكرة فورت نوكس الفارغ مثيرة، لكن لا يوجد دليل قاطع يدعمها حتى الآن. وزارة الخزانة الأميركية تؤكّد أن كلّ الذهب موجود، لكن عمليات التدقيق نادرة وغير شفافة بالكامل.
حتى لو كان هناك نقص فعلي في الذهب، فإنّ ثقة العالم بالذهب لن تنهار بين ليلة وضحاها. الذهب كان مخزنًا للقيمة لأكثر من 5000 عام، وله خصائص فيزيائية تجعله فريدًا. لذا، من غير المحتمل أن يتمّ استبداله بالبيتكوين كليًّا إلا إذا فرضت الحكومات هذا التغيير.
ولكن في عالم السياسة والاقتصاد، لا شيء مستبْعَد. التاريخ يثبت أن الأزمات الكبرى تؤدّي دائمًا إلى تغييرات في النظام النقدي. في 1933، تخلّت الولايات المتحدة عن معيار الذهب خلال فترة الكساد العظيم. وفي 2008، أدّى الانهيار المالي العالمي إلى ظهور البيتكوين لأول مرة.
إذا تم الكشف عن فضيحة كبرى في احتياطي الذهب الأميركي، فمن المؤكد أننا سنرى اندفاعًا نحو الأصول الرّقمية، سواء كان ذلك البيتكوين أو عملة رقمية حكومية أو نظامًا ماليًّا هجينًا جديدًا.
على الرَّغم من أن هذا السيناريو لا يزال افتراضيًّا، إلا أنه يطرح تساؤلات مهمّة حول مستقبل النظام النقدي العالمي. هل يمكن أن يصبح البيتكوين هو المعيار الجديد للاقتصاد العالمي؟ وهل يمكن أن تقوم الولايات المتحدة بتحرّك استباقي لتغيير قواعد اللعبة المالية؟
الأمر الوحيد المؤكّد هو أنّ النظام المالي العالمي على وشك الدخول في مرحلة تحوّل كبيرة. السؤال الأهم: من سيقود هذه المرحلة؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us