التوتر يعود إلى لبنان.. هل ستتكرر التحذيرات والغارات؟

تعيش بيروت، اليوم السبت، هدوءاً حذراً بعد سلسلة غارات أمس استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت.
في حين رأى مسؤولون إسرائيليون أن غارة الجمعة على الضاحية الجنوبية “تحول استراتيجي” ربما أرادت خلاله إسرائيل أن تعلن عن “تغيير المعادلة” في لبنان.
في المقابل، كشف تقرير إسرائيلي نشرته صحيفة “معاريف الإسرائيلية” بأنّ الخطة الإسرائيلية تجاه لبنان ثابتة وأنها لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء نفسه، لكنها رغم ذلك ستتغير بناء على التهديدات.
وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس سارعا إلى التصريح بأن “ما حدث قبل السابع من أكتوبر لن يتكرر”، مشددين على أن ضربة بيروت موجهة لـ”الذين لم يستوعبوا بعد الوضع الجديد فكانت مثالًا آخر يثبت أن تل أبيب لن تتهاون مع التهديدات”، في إشارة إلى الصاروخين اللذين تزعم إسرائيل إطلاقهما من لبنان بينما ينفي حزب الله الأمر تماماً.
كذلك أكدا على أن الجيش سيهاجم في كل مكان في لبنان ضد أي تهديد لدولة إسرائيل، ما يضمن عودة جميع سكان الشمال إلى منازلهم سالمين.
وأضاف التقرير أن وزير الدفاع الإسرائيلي قاد التحرك لمهاجمة بيروت، لأنه يرى أن هجوم الجيش الإسرائيلي على الضاحية هو المعادلة الصحيحة لحماية أمن سكان الجليل، (على مبدأ بيروت مقابل الجليل).
وكشف أن الهجوم جاء بضغوط ومبادرة من كاتس، بهدف خلق معادلة جديدة، خصوصاً أن الجيش الإسرائيلي استخدم في الأيام الأخيرة معلومات استخباراتية لتحديد أهداف لحزب الله في بيروت.
وأوضحت الصحيفة أنه مع إطلاق النار على إسرائيل، صباح الجمعة، تقرر استهداف مبنى يستخدمه الحزب، حيث تم هدم الجزء السفلي منه، الذي كان يستخدم كمستودع للأسلحة.
غير أن حزب الله نفى إطلاق أي صواريخ نحو إسرائيل. وأكد مصدر مسؤول في الحزب التزامه باتفاق وقف النار، نافياً أي علاقة له بالصواريخ التي أُطلقت من الجنوب، ومعتبراً أن تل أبيب تختلق الذرائع.
في السياق، نقلت قناة “الجديد” عن مصادر دبلوماسية قولها إنَّ “إسرائيل ترغب في استمرار التصعيد مع لبنان بهدف دفع الأخير نحو التفاوض الدبلوماسي وإنهاء دور ووظيفة وسلاح حزب الله”.
كذلك، قالت مصادر أميركية لـ”الجديد”، اليوم الجمعة، إنَّ “واشنطن لا تريد عودة الحرب في لبنان، لكنها تدفع باتجاه إنهاء الملفات العالقة عبر القنوات الدبلوماسية”.
وأضافت: “إنّ واشنطن تُحمل الدولة اللبنانية والجيش مسؤولية العمل بجُهد أكبر لضبط إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية”.
القناة قالت أيضاً إنَّ “الجانب اللبناني يبحث في صيغ مختلفة للدخول في مفاوضات دبلوماسية مع اسرائيل قد لا تكون عبر تشكيل لجان مشتركة”.
في المقابل، أكدت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، أن الولايات المتحدة تدعم الجيش اللبناني، لكنها في الوقت ذاته أبدت قلقها من أن ما يفعله الجيش غير كافٍ لمواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان في الوضع الراهن.
وأشارت أورتاغوس، في تصريحات جديدة لها لـ”العربية”، إلى أن “إطلاق الصواريخ من لبنان على إسرائيل يعد انتهاكًا صارخًا لاتفاق وقف النار الذي تم التوصل إليه بين الطرفين”، موضحة أنّ “هذا التصعيد يثير القلق الدولي”.
وأضافت أن “الحكومة اللبنانية ليست قادرة على السيطرة على كل شيء، مما يساهم في تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد”.
وحول الموقف الإسرائيلي، قالت: “لا يمكن القول أن إسرائيل تنتهك اتفاق وقف النار مع لبنان”، مؤكدة أن “لبنان عليه أن يتحمل مسؤولياته بدلاً من إلقاء اللوم على إسرائيل”.
وفي ما يخص مستقبل العلاقة بين البلدين، أكدت أورتاغوس أن “الولايات المتحدة لا ترغب في حرب بين لبنان وإسرائيل، بل تسعى إلى استمرار وقف النار بين الطرفين”، مشيرة إلى أن “إسرائيل قد سلمت أسرى للبنان كمبادرة حسن نية، وهو ما يعكس رغبتها في إيجاد حل دبلوماسي”.
وأضافت أن “الرئيس اللبناني يدعم المفاوضات الدبلوماسية، وأن حان الوقت للدبلوماسية بين إسرائيل ولبنان”، مؤكدة أن “أميركا تؤكد ضرورة نزع سلاح حزب الله بالكامل باعتباره يشكل تهديدًا للاستقرار في لبنان والمنطقة”.
وفي ما يخص النزاع حول النقاط الحدودية، قالت أورتاغوس أن “انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس من لبنان يجب أن يتم عبر المفاوضات”، مشددة على أن هذا الموضوع يجب أن يُحل بطرق دبلوماسية.
كما أضافت أن “إيران وحزب الله دمرا جنوب لبنان”، مشيرة إلى أن “إيران وحزب الله هما من جرا لبنان إلى الحرب، وأن لبنان لم يكن ليدخل الحرب لولا التدخل الإيراني ودور حزب الله في ذلك”.
وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في لبنان، أعربت عن طموح الولايات المتحدة لتحقيق إصلاحات في القطاع المصرفي اللبناني، مؤكدة أن “ترامب هو صديق وفي للبنان، وأن الولايات المتحدة تدعم الاستقرار والازدهار في لبنان”.
وأكدت أورتاغوس على أن “الولايات المتحدة تواصل العمل من أجل ضمان استمرار وقف النار في لبنان”، مشددة على ضرورة تجنب التصعيد العسكري والحفاظ على الأمن والسلام في المنطقة.