ما بعد زيارة أورتاغوس… فرصة لترجمة الخيارات قبل فوات الأوان

لبنان بحاجةٍ إلى دعمٍ ومساعدةٍ والى الاعتياد على المرحلة الجديدة حيث الكلمة الفصل للدولة بمؤسّساتها الشّرعية كافّة من دون هيْمنة فريق أو استقواء طرف بقوّة السلاح، وهناك الكثير من العمل أمام الحكومة والوزراء والجِهات التي تقع عليها عاتق تنفيذ كلّ ما يُسهم في نقل البلد إلى ضفّة الإنقاذ.
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
ما خرجت به زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى بيروت من قراءات وتحليلات دلّ وبشكلٍ مباشرٍ أنّ التعاون الأميركي مع لبنان بما تحمله هذه العبارة من معانٍ قائمٌ ومستمرٌّ، إنّما يتطلّب من القادة والمسؤولين مبادرات طيّبة تُترجَم بما يتوافق والمقارَبة التي تضعها الولايات المتحدة الأميركية حيال الملف اللبناني.
وليس هناك أوضح مما قالته أورتاغوس: “على السلطة والشعب الاختيار: إمّا التعاون معنا لنزع سلاح حزب الله وتطبيق وقف الأعمال العدائية وإنهاء الفساد وسنكون شريكًا وصديقًا، وإمّا خيار التباطؤ من قبل الحكومة والقادة وهنا لا يتوقّعون شراكةً معنا”.
قالت المسؤولة الأميركية ما لديها حول نزْع السلاح والإصلاحات الاقتصادية وإعادة الإعمار وتأليف لجان لبحث ملفّ المعتقلين وترسيم الحدود وانسحاب الجيش الإسرائيلي، ورمَت الكرة في ملعب السلطة السياسية من دون تحديد فترة سماح، والأرجح أنّها ليست من دون أفق.
انتهت زيارة أورتاغوس وبقيت مفاعيلها قائمة، لا بل ليس مستبعدًا أنْ تكون بمثابة فرصة للسّير بالتوجّه المطلوب. وهنا تفيد أوساط سياسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” بأنّ أمام المسؤولين مهمّات عاجلة ومترابطة في ما بينها تتطلّب حسمًا سريعًا، والأجواء التي أشارت إلى ارتياحِها للنّقاشات الصريحة في لقاءاتها لا تعني أنه “يجب النوم على حريرٍ أبدًا”، إذ إنّ الورشة كبيرة ومتشعّبة وتستدعي تعاونًا بين المؤسسات الدستورية في الشقّ المتّصل بالإصلاحات للقضاء على الفساد. أمّا موضوع السلاح فيأتي حلّه “ضمن إطار الدولة وسط كلامٍ عن صياغة استراتيجية الأمن الوطني التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني”، وهنا سيُطلب من حزب الله المعني بهذا الملفّ الإقدام على خطوةٍ تؤشر إلى تصميمه على الدخول في كنَف الدولة بشكلٍ فعلي، أمّا الحوار فمتروكٌ ترتيبه لرئيسِ البلاد.
وتَعتَبر هذه الأوساط أنّ وضع القادة في لبنان أمام خيار فسخ الشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية في حال تعذّر تحقيق نزع السلاح، سيرتّب أعباء لا يمكن للبنان أو اللبنانيين تحمّلها، وبالتالي فإنّ هذه الحقبة الجديدة تتطلّب قراراتٍ حازمةً ووضع المواقف المرتبطةِ بحصرية السلاح موضع التنفيذ، قائلةً أنّ المسؤولة الأميركية ستَبقى على تواصلٍ مع المسؤولين اللبنانيين في إطار التذكير بالعمل على تحقيق مطالب أساسية تعيد ثقة اللبنانيين ببلدهم، وهي من مسؤوليّة الدولة اللبنانية، ولن تكون الولايات المتحدة الأميركية وحدَها من تراقب عن كثب تطوّر الأوضاع في البلاد بل المجتمع الدولي أيضًا.
لن تكون زيارة أورتاغوس الأخيرة إلى لبنان، وِفق هذه الأوساط التي توضح أنّ من تابع حراكها أيقن تصميمها على الوصول إلى خلاصات مفيدة وعدم تضييع الوقت، فلبنان بحاجةٍ إلى دعمٍ ومساعدةٍ والى الاعتياد على المرحلة الجديدة حيث الكلمة الفصل للدولة بمؤسّساتها الشّرعية كافّة من دون هيْمنة فريق أو استقواء طرف بقوّة السلاح، معلنةً أنّ هناك الكثير من العمل أمام الحكومة والوزراء والجِهات التي تقع عليها عاتق تنفيذ كلّ ما يُسهم في نقل البلد إلى ضفّة الإنقاذ على أن تَرِدَ اقتراحات التفاوض في الوقت المناسب كما باقي الاقتراحات.
دفعت زيارة أورتاغوس السلطة السياسية إلى التركيز على مجموعة نقاط يرى البعض أنّها تتطلّب الرّوِيّة وفي الوقت نفسِه الحسم السليم قبل فوات الأوان.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() خمسون عاماً على ذكرى الحرب.. هل تزال المصالحة الوطنية حاجة؟ | ![]() إحراق لافتات “عهد جديد للبنان”.. رسالة من دون جدوى | ![]() تعيين حاكم مصرف لبنان… الكلمة الفصل لرئيس الجمهورية! |