لبنان إلى الحضن العربي مجدّدًا… لقاءات وزيارات ترسم ملامح “مرحلة جديدة”!

في مشهدٍ يعكس حراكًا ديبلوماسيًا ناشطًا وتحوّلاتٍ لافتةً في العلاقات الإقليمية، شهدت الساحة اللبنانية سلسلةً من الزيارات الرسمية البارزة التي تحمل في طيّاتها رسائل سياسية وأمنية، وتفتح آفاقًا جديدة على مستوى التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف.
فمن زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى قطر بدعوةٍ من أمير البلاد، إلى المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة نوّاف سلام في دمشق، مرورًا بالحراك السعودي المكثّف في بيروت، تتقاطع هذه التحركات في إطارٍ واحدٍ: إعادة ترسيم معالم العلاقة بين لبنان وجواره العربي، وتهيئة الأرضية اللازمة لمرحلةٍ جديدةٍ عنوانها “الإصلاح، والاستقرار، وتعزيز الثقة”.
وفي التفاصيل، أعلنت رئاسة الجمهورية أنّ الرئيس العماد جوزاف عون غادر إلى الدوحة، في زيارةٍ رسميةٍ لقطر تلبيةً لدعوة أمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ويرافق رئيس الجمهورية، وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، وينضم في الدوحة إلى الوفد الرسمي، سفيرة لبنان في قطر، السيدة فرح بري.
وتستمر الزيارة حتى بعد ظهر غدٍ الأربعاء، ويتخلّلها لقاء ثنائي بين الرئيس عون وأمير قطر، ومحادثات موسّعة يشترك فيها الجانبان القطري واللبناني.
زيارة نواف سلام إلى سوريا: صفحة جديدة في مسار العلاقات
وكان رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، قد اختتم أمس زيارةً إلى العاصمة السورية دمشق على رأس وفدٍ وزاريّ ضم وزراء الخارجية يوسف رجّي، الدفاع ميشال منسّى والداخلية أحمد الحجّار، حيث التقى الوفد الرئيس السوري أحمد الشّرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني.
وأشار سلام إلى أن “هذه الزيارة من شأنها فتح صفحةٍ جديدةٍ في مسار العلاقات بين البلديْن على قاعدة الاحترام المتبادل واستعادة الثقة، وحسن الجوار، والحفاظ على سيادة بلديْنا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض، لأنّ قرار سوريا للسوريين وقرار لبنان للبنانيين”.
وقد جرى البحث مع الرئيس الشّرع والمسؤولين السوريين في ضبط الحدود والمعابر، ومنع التهريب، وصولًا إلى ترسيم الحدود برًّا وبحرًا، والذي كان قد انطلق في لقاء جدّة بين وزيريْ دفاع البلديْن برعاية مشكورة من المملكة العربية السعودية. وكان هناك تشديد من الطرفين على تعزيز التنسيق الأمني، بما يحفظ استقرار البلديْن.
موفد سعودي في بيروت: ضرورة تطبيق الإصلاح
تتعلق زيارة الأمير يزيد بن فرحان المفاجئة إلى لبنان، في شقٍّ كبيرٍ منها بالملف السوري، فقد عقد لقاءً مع الرئيس عون تناول الأوضاع العامة والوضع السوري بشكل خاص، حيث وضع الرئيس في أجواء الخطة السعودية للتحرك في سوريا وضرورة مساعدة لبنان في هذا الموضوع، عبْر ضبط حدوده ومعالجة الملفات الشائكة. وإضافةً إلى الملف السوري، تمّ بحث العلاقات اللبنانية السعودية ومتابعة زيارة عون إلى الرياض، وتمّ استعراض الوضع الداخلي، مع تشديد الموفد السعودي على الخطوات الإصلاحية وضرورة استكمالها وتطبيق لبنان لالتزاماته.
كما زار يزيد بن فرحان عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأفادت المعلومات بأنّ بن فرحان زار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، مساء أمس.
وجمع لقاء آخر بن فرحان وتكتل “الاعتدال الوطني”، حيث ركّز خلال اللقاء على الوضع السوري، وشرح للنواب أولوية هذا الملف.
وتطرق إلى الوضع الداخلي، حيث اعتبر أنّ الرئيس عون في مهمةٍ صعبةٍ، لكنه برهن عن أنه سينجح على الرَّغم من ثقل الملفات، وبالنسبة إلى زيارة الرئيس سلام إلى المملكة، فقد أكد أنّها رسالة إلى لبنان والطائفة السنّية بأن مكانتها محفوظة.
ولفت بن فرحان إلى أنّه متفائل حيال موضوع جمع السلاح غير الشرعي واستكمال الإصلاحات، وبالتالي اعتبر أنّه عندما يستكمل لبنان التزاماته سيحصل على الدعم. وأكد أنّه سيتم الاهتمام بوضع الشمال من أجل رفع الحرمان والقيام بتنمية المناطق المحرومة.
وهكذا، تعكس هذه التحركات الديبلوماسية المتسارعة إشاراتٍ واضحةً إلى انفتاح لبناني على محيطه العربي، وسعيًا جادًا لإعادة بناء الثقة وتعزيز الشراكات الثنائية، وسط تحدّيات داخلية وإقليمية دقيقة. فبيْن مساعي ضبط الحدود، وترسيم العلاقات، والبحث عن دعم للإصلاحات، يبدو أن لبنان يقف أمام فرصة حقيقية لإعادة التموضع.
مواضيع ذات صلة :
![]() قرارات ترامب تخفّض الأسعار وتحارب التضخم.. ماذا عن لبنان؟ | ![]() الأردن يحبط عملية تخريبية ويوقف المتورِّطين.. ولبنان يدخل على خط التحقيق | ![]() الجيش الاسرائيلي: “الحزب” يستخدم سكان لبنان دروعًا بشرية |