الرئيس عون يسلّم الجيش مفاتيح الدعم القطري

في زمن تتراكم فيه الانهيارات وتُدفن فيه الدولة اللبنانية تحت ركام السلاح غير الشرعي، تطلّ زيارة الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون إلى قطر كخرق ديبلوماسي مدوٍّ في جدار الانسداد السياسي. وفي ظلّ محاولة إعادة الحياة للبنان يخرج رئيس الجمهورية من الدائرة اللبنانية إلى حضن عربي داعم، ليحمل في جعبته رسالة مزدوجة: تثبيت علاقات لبنان الخليجية من جهة، ووضع الجيش اللبناني في واجهة الحلّ من جهة أخرى، كحارس وحيد للسلم الأهلي، وممثل حصري للقوة الشرعية، في وجه كل تبرير يسوقه حزب الله للاستئثار بقرار الحرب والسلم.
هذه الزيارة التي شهدت ترحيبًا واسعًا من الجانب القطري، لم تكن مجرد خطوة بروتوكولية. بل شكّلت، بتوقيتها ومضمونها، تحوّلًا واضحًا في المقاربة الخليجية للبنان، ورسالة قوية باتجاه الداخل اللبناني، مفادها بأن هناك من يراهن مجدّدًا على مؤسسات الدولة، لا على منظومات الأمر الواقع.
عون في قطر: تحرّك في التوقيت الصعب
في زيارة وُصفت بـ”المثمرة والتاريخية”، لبّى الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون دعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث عُقدت محادثات رسمية رفيعة المستوى في الديوان الأميري في الدوحة، اختُتمت بخلوة ثنائية بين الزعيميْن، وغداء رسمي أقيم على شرف الرئيس اللبناني والوفد المرافق له، الذي ضمّ وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي.
وفي تصريح لافت نشره على منصة “إكس”، قال أمير قطر: “أجريت مباحثات مهمة مع الرئيس اللبناني… قطر حريصة على الوقوف مع لبنان وشعبه الشقيق ومؤازرته في تطلعاته للنهوض وتحقيق الازدهار والانماء المنشوديْن”.
كلمات وازنة، تكرّست لاحقًا في البيان المشترك الصادر عن العاصمتين بيروت والدوحة، الذي تضمّن بنودًا متقدّمة تمسّ جوهر الأزمة اللبنانية، أبرزها تجديد دعم قطر للجيش اللبناني ماليًا وعسكريًا، ودعوة واضحة لتطبيق القرار 1701 ولحصرية السلاح بيد الدولة.
بيان مشترك: قطر تدعم الجيش… لا الميليشيا
ووفق ما ورد في البيان الرسمي المشترك، فإن الرئيس جوزاف عون والشيخ تميم بن حمد آل ثاني شدّدا على “أهمية الدور الوطني للجيش اللبناني وأهمية دعمه، وضرورة تطبيق القرار 1701 بكامل بنوده”.
وقد أعلن سمو الأمير عن تجديد الهبة القطرية لدعم رواتب الجيش اللبناني بقيمة 60 مليون دولار، بالإضافة إلى 162 آلية عسكرية، وذلك بهدف تمكين الجيش من القيام بمهامه الوطنية في حفظ الأمن وضبط الحدود على كامل الأراضي اللبنانية.
كما أكد البيان أن قطر حريصة على “تعزيز سلطة الدولة اللبنانية” و”توطيد الشراكات” بما يساهم في النهوض بالبلاد، وهذا ما عبّر عنه الأمير تميم خلال اللقاء، قائلًا إن بلاده مستعدة لدعم لبنان في مجالات الكهرباء والطاقة، وكل القطاعات، شرط توافر “أجواء مواتية في الداخل والخارج”.
رسالة إلى الداخل اللبناني: لا شرعية إلا للدولة
اللّافت في هذه الزيارة ليس فقط الدعم المالي والعسكري المقدم من الدوحة، بل البعد السياسي الواضح الذي تجلّى في عبارات مثل “تعزيز سلطة الدولة” و”حصرية السلاح”.
وفي إحدى محادثاته في الدوحة، قال الرئيس عون إن “الجيش اللبناني يقوم بواجبه الكامل في جنوب لبنان تطبيقًا للقرار 1701، لكن استمرار التمركز الإسرائيلي في النقاط الخمس واستهدافاته اليومية يعيقان استكمال انتشاره”.
بهذا، دحض رئيس الجمهورية بشكل مباشر ذريعة حزب الله التي تستخدم منذ سنوات لتبرير استمرار وجود سلاحه خارج إطار الشرعية، بحجة أن الجيش “غير قادر”.