قبطان “تيتانيك” بين الرواية السينمائية والوقائع… انتحار أم بطولة؟

على مدى عقود، رسّخ فيلم “تيتانيك” (1997) للمخرج جيمس كاميرون صورة القبطان إدوارد جون سميث كقائد بطولي، واجه مصيره بشجاعة وهو على جسر القيادة، فيما كانت المياه تقتحم غرفة التحكّم. لكن تلك الصورة السينمائية تختلف جذرياً عمّا تداولته بعض الصحف بعد الكارثة مباشرة، والتي زعمت أن القبطان أطلق النار على نفسه فوق الجسر، في مشهد يتناقض مع ما تتطلّبه تقاليد الشرف البحري.
اليوم، وبعد أكثر من قرن على غرق “تيتانيك”، يأتي كتاب Titanic Legacy: The Captain, The Daughter and The Spy للكاتب دان إي. باركس ليعيد فتح الملف، مستنداً إلى شهادات وتحقيقات تؤكد أن سميث لم ينتحر، بل توفي غرقاً أو تجمّداً في مياه المحيط الأطلسي جنباً إلى جنب مع أكثر من 1490 شخصاً، رافضاً النجاة، ومتمسّكاً بواجبه حتى اللحظة الأخيرة.
وينفي الكتاب المزاعم القديمة عن إفراط القبطان في الشرب أو تعمّده الإبحار بسرعة مفرطة، معتبراً أن معظم الروايات السلبية استندت إلى شهادات غير موثوقة لناجين كانوا قد غادروا السفينة قبل لحظة الغرق.
وينقل المؤلف عن عدّة ناجين رؤيتهم لسميث يساعد في الإنقاذ، ومنهم من قال إنه حمل طفلاً فوق الماء وسلّمه إلى قارب نجاة، بينما رفض الصعود بنفسه. وأورد عن طبّاخ يُدعى إسحاق ماينارد قوله: “رأيت القبطان في الماء، لا يزال مرتدياً قبعته. حاول أحد الرجال على الطوافة مساعدته، لكنه رفض وقال: اعتنوا بأنفسكم، يا فتيان”.
ويسلّط باركس الضوء على الأثر العميق الذي تركته هذه الشائعات على عائلة سميث، ولا سيما زوجته إليانور وابنته الوحيدة ميل، مؤكداً أن الحملة التي نالت من سمعته كانت ظالمة.
وينقل الكتاب عن القبطان سميث قوله قبيل إبحار السفينة، ردّاً على تحذير من زوجة أحد الضباط حول قصة خيالية تتنبأ بغرق سفينة مشابهة: “إذا غرقت أكبر سفينة في العالم، فسأغرق معها”.