سلاح “الحزب”… العقبة الأخيرة أمام الدولة

منذ عقود، يدفع لبنان الثمن الباهظ لصمتٍ سياسي طويل تجاه سلاحٍ خرج عن إطار الدولة، ليصبح أداة في يد محور إقليمي لا يعترف لا بحدود وطنية ولا بسيادة دستورية. حزب الله لم يعد “مقاومة” في نظر الكثيرين، بل مشروعاً عابراً للحدود، يتحكّم بمصير بلد كامل، ويمارس سياسة الأرض المحروقة عند كل مفترق. وفيما يشهد لبنان تصعيداً تستمر الدولة اللبنانية في دفع فواتير مغامرات “الحزب” دون أن تملك حق النقض أو حتى الرفض. فهل يعقل أن تبقى الجمهورية رهينة بندقية حزب، لا يعترف حتى بشرعية الدولة التي ينتمي إليها؟
لبنان في مواجهة التصعيد: الدولة تُستهدف… لا الحزب وحده
بحسب صحيفة ” الأنباء الكويتية”، فإن التصعيد الإسرائيلي الأخير، الذي شمل استهدافاً مباشراً لسيارات وشاحنات ومناطق سكنية جنوب البلاد، لم يكن محصوراً بحزب الله وحده. فقد سقط القيادي في “الجماعة الإسلامية” حسين عطوي في غارة قرب بعورتا، بينما استُهدفت شاحنة صغيرة عند أطراف بلدة الحنية، وتعرضت شبعا لقصف مدفعي، وتمت رمي قنبلة صوتية وسط بلدة عيتا الشعب.
بين التهدئة والتحدي: الدولة تحاول، لكن الحزب يقرّر
ٓكما أكدت مصادر مطلعة لصحيفة الأنباء أنّ الجانب اللبناني، ومنذ اتفاق وقف إطلاق النار، يبذل جهوداً حثيثة لمنع أي تحرك عسكري على الأرض. وتسير خطوات حصر السلاح بالأجهزة الشرعية “على قدم وساق”، رغم العوائق الإسرائيلية.
لكن الواقع أنّ هذه الخطوات تسير في مسار نظري فقط، إذ أنّ حزب الله لا يبدو مستعداً للتخلي عن سلاحه، إلا وفق شروطه الخاصة التي تبدأ من انسحاب إسرائيل من التلال الخمس، مروراً بتحرير الأسرى، وليس انتهاء بوقف الخروقات، وهو ما يجعل أي حوار حول السلاح غير ذي جدوى حقيقية.
رئاسة جديدة وطموحات كبيرة: لكن السلاح حجر عثرة
منذ انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية في 9 كانون الثاني، بدأت رحلة استعادة هيبة الدولة. ووفق ما كشفته “نداء الوطن”، فإن الرئيس اتخذ قراراً واضحاً بوضع ملف السلاح غير الشرعي، بما فيه سلاح “حماس”، على طاولة الحلّ، وسط دعم داخلي وخارجي.
ولكن في ما يخص “حزب الله”، تبدو المسألة أعقد. فالحزب يماطل، يراوغ، ويشترط، في انتظار نتائج المفاوضات الأميركية – الإيرانية، وكأن لبنان ورقة على طاولة مقايضات إقليمية.
من يقرّر الحرب والسلم؟ الحزب أم الدولة؟
تشير الوقائع إلى أن حزب الله يتعامل مع الدولة كغطاء لا كشريك. في كل مرة يحتدم الوضع، تُفتح الجبهات بقرار أحادي من “الحزب”، ويُزج بالبلد في أتون حرب لا يملك فيها اللبنانيون حق النقاش. هذا الواقع يكرّس مقولة أن لبنان رهينة قرار خارجي، وأن طهران هي من تملك مفتاح الحرب والسلم، وليس بعبدا ولا الحكومة.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الرئيس فتح قنوات حوار، يتراجع الحزب إلى مربّع الشروط المسبقة، ويرفع السقف في خطاباته، ويزيد من تعقيد الملف، مراهناً على تغيير في المعادلات الإقليمية.
حان وقت المواجهة السياسية
لم تعد المسألة تتعلق فقط بسلاح غير شرعي، بل بمستقبل وطن يختنق تحت وطأة دويلة داخل الدولة. وعلى الحكومة الجديدة أن تفتح هذا الملف بكل شجاعة، مستندة إلى دعم داخلي واسع ودولي ضاغط، وإلى الشارع الذي تعب من الحروب والمزايدات.
لبنان لا يُبنى بالسلاح… بل بالمؤسسات
في النهاية، لا يمكن بناء دولة على ركام الخوف، ولا يمكن ترميم الجمهورية ما دامت بندقيتها بأيدي غيرها. كل يوم تأخير في حسم ملف السلاح، هو خسارة جديدة تُضاف إلى سلسلة الخيبات الوطنية.
لبنان بحاجة إلى قرار، إلى موقف، إلى نخبة سياسية تقول الحقيقة، ولو مرة، دون تردد: لا سلاح خارج شرعية الدولة، لا مفاوضات تحت النار، ولا وطن إذا بقي القرار بيد حزب لا يثق حتى بالدولة التي ينتمي إليها بالهوية… ولا بالولاء!
مواضيع ذات صلة :
![]() الجيش الإسرائيلي: قضينا على 9 عناصر و40 بنية تحتية لـ”الحزب” | ![]() السفير الإيراني يبرّر عدم حضوره إلى الخارجية: نزع سلاح الحزب هو شأن داخلي! | ![]() “الكتائب”: خطاب المكابرة المعتمد من “الحزب” إنكار للواقع |