البابا فرنسيس… مَن صلّى لأجل العالم؛ فصلّى العالم معه في رحيله

جميعنا نتذكّر أنّ لبنان لم يكن بعيدًا عن البابا فرنسيس، فقلبه كان يُصلّي من أجل هذا الوطن، وفي الكثير من الأحيان دعا العالم أن يصلّي من أجله، وكان بدوره يصلّي بصمت أعمق من أجل شعب لبنان وأرضه. في وداع البابا فرنسيس، نرفع أنظارنا نحو السماء حيث صعدت روحه، لنهمس له كما كان يهمس لنا: “صلِّ من أجلنا”. صلِّ من أجل لبنان وكل رقعة من الأرض. صلِّ لكي تبقى المحبة أقوى من السلاح ولكي لا ينطفئ نور الضمير
كتبت ريتا بريدي لـ”هنا لبنان”:
ترك البابا فرنسيس بصمة قويّة في تاريخ الكنيسة والعالم. كان السلام رفيقه الدائم، وصوت الضمير الذي غاب في الكثير من الأوقات عن هذه الأرض. مضى البابا فرنسيس كما يمضي الأنقياء، بصمتٍ مهيب، حيث كان أكثر من مجرّد رأس الكنيسة الكاثوليكية؛ كان قلبًا نابضًا بالحكمة، ولسانًا لا يعرف الصمت في حضرة الظلم، ويدًا ممدودة للجميع.
وصل البابا فرنسيس إلى عرش الفاتيكان، لكن الألقاب لم تغره، ولم تُثنه البروتوكولات عن الانحناء للفقراء أو احتضان المنكسرين بعينين مليئتين بالحنان والتواضع. كان رسولًا للسلام في زمن أرهقته الحروب، ودعا إلى الرحمة في عالمٍ يعج بالقسوة.
واليوم، بين الوداع وأجراس القيامة، يبقى حضوره أعمق من الغياب. لا موت على مَن غرس المحبّة في أرض الله، ولا وداع لِمَن علّم الناس التواضع والرحمة والفرح والإيمان، البابا فرنسيس أيقظ فينا إنسانيتنا.
إختار قداسة البابا الراحل أن تكون رحلته الأخير الى كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري، حيث يُصلي مع مريم العذراء إلى الأبد، أراد أن يُدفن حيث أحَبّ أن يبكي، وأن ينصت، وأن يتأمّل، وأن يُصلّي قبل كل خطوة. في هذه الكاتدرائية المقدّسة، أوصى أن يكون مثواه الأخير.
لم يختر القصور ولا المدافن الفخمة، بل اختار بيتًا من بيوت الروح، يعرفه جيدًا ويعرفه الناس فيه.
لقد كان البابا فرنسيس نموذجًا للقيادة الحقيقية، حيث تجسّد في شخصه قوّة الرّحمة، كانت رسالة حياته تُلهم كل من يؤمن بأهميّة الإنسانيّة والتضامن بين الشعوب. من خلال أعماله، علّمنا أنّ الرّحمة ليست مجرّد كلمة، بل هي طريق نحو بناء عالمٍ أفضل. وهذا الإرث الذي تركه سيبقى مشعاً كلّما ذُكر إسمه، وسيبقى رناناً في عالمنا الذي يفتقر إلى السلام.
ورغم المسافات، جميعنا نتذكّر أنّ لبنان لم يكن بعيدًا عن البابا فرنسيس، فقلبه كان يُصلّي من أجل هذا الوطن، وفي الكثير من الأحيان دعا العالم أن يصلّي من أجله، وكان بدوره يصلّي بصمت أعمق من أجل شعب لبنان وأرضه.
في وداع البابا فرنسيس، نرفع أنظارنا نحو السماء حيث صعدت روحه، لنهمس له كما كان يهمس لنا: “صلِّ من أجلنا”.
يا من عرفت وجع الإنسان وضمير الأرض ونبض الشعوب، اجعل من مقامك السماوي منبرًا جديدًا للصلاة. صلِّ من أجل لبنان وكل رقعة من الأرض. صلِّ من أجل العائلة ولثباتها وعدم تفككها، صلِّ من أجل الشبيبة، من أجل القلوب المتعبة، من أجل من فقدوا الإيمان، ومن أجل الذين يبحثون عن الله في زحمة الأيام. صلِّ لكي تبقى المحبة أقوى من السلاح ولكي لا ينطفئ نور الضمير.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() في اليوم العالمي للشطرنج: فوائده تفوق التوقعات! | ![]() “أهذا حقاً في لبنان؟”.. الهايكينغ يكتسح البلدات اللبنانية ويكشف جمالها! | ![]() احتفالاً بأسبوع الأصمّ العربي.. ملتقى “أوتار الصمّ” في الشارقة |