وللبطريرك أرانبه…
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
في حكومة الرئيس عمر كرامي الثانية ( تشرين الأول 2004) التي وُلدت بعد التمديد القسري للرئيس إميل لحّود، طُلب إلى البطريرك مار نصرالله بطرس صفير تسمية وزيرين، فاقترح، أو نُصِح بتسمية ابراهيم الضاهر ويوسف سلامة، وهما من ذوي السيرة الحسنة، فدخلا إلى الحكومة كـ”كمالة عدد” كوزيري دولة في حكومة جاء بها وكلاء سورية في لبنان وحلفاؤها واستقالت بعد اغتيال رفيق الحريري بموافقة الرئيس الأسد الشخصية على ما جاء في مذكرات الياس الفرزلي. وتسمية بكركي لوزيرين تدحض مقولة أن البطريركية المارونية لا تسمي وزراء! بالعكس فللصرح البطريركي رأيه بالوزراء والرؤساء، إذ أنه مع بدء الماراتون الرئاسي، بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود الممددة غصباً عن الجميع، طلب الرئيس نبيه بري من البطريرك صفير تقديم لائحة مرشحين توافقيين لرئاسة الجمهورية ففعل بناء على رغبة فاتيكانية. ضمّت لائحة صفير أسماء بطرس حرب ونسيب لحّود وميشال إده، وميشال خوري وغيرهم، على أن توافق الأقلية البرلمانية المعطّلة على واحد منه، وأشترط صفير قبل تقديم اللائحة لبري السير بواحد منها، كي لا تتكرر التجربة المخيّبة في العام 1988. في المحصّلة لم يؤخذ بأي اسم، بل استمر التعطيل والتصعيد إلى أن تمت تسوية الدوحة.
ما ابتعد البطريرك صفير، المعروف بزهده، يوماً عن القضايا الوطنية والسيادية في وقت كان راعي أبرشية جبيل للموارنة المطران بشارة الراعي فاعلاً ومتفاعلاً ومتابعاً للشأن السياسي اليومي كما الراعوي، ومع وصوله إلى السدّة البطريركية في العام، أدخل ديناميكية جديدة، واتخذ مواقف أغضبت نصف الموارنة مرة، والثنائي الشيعي مراراً.
لكن يُسجل للراعي أنه جمع الأقطاب الموارنة الأربعة وصالح المتخاصمين، ويُسجل البعض عليه، أن طرح الرئيس القوي، شجّع على تحقيق طموحات العماد ميشال عون الدهرية، وها هي نتائج “الماروني القوي” أو أقوى الموارنة واضحة للعيان انهياراً وشلل مؤسسات وعجزاً موصوفاً في إدارة البلاد.
مبادرات الراعي ومواقفه جعلت بكركي هدفاً للنيران العونية الصديقة متى ابتعد عن خيارات رئيس الجمهورية واقترب من سعد الحريري، وإن انتقد الراعي الحريري وحمّله ضمناً مسؤولية عدم المبادرة و”تحديث” تشكيلته، امتدح التيار العوني حكمة البطريرك.
وهناك من يقول، أن الراعي مع أن يسمي عون الحصة المسيحية، بعد اقتطاع حصة المردة والحزب السوري القومي الإجتماعي، في حكومة من 24 وزيراً، كوكيل عن المستقلين المسيحيين وعددهم 22 نائباً، وكوريث إفتراضي للمعترضين المسيحيين، أي نواب “الجمهورية القوية”.
دخل الراعي، من حيث يدري أو لا يدري، في زواريب التشكيل، كثّف تحركاته بين المتناحرين لرأب الصدوع كما كان يفعل الطيّب الذكر الأخضر الإبراهيمي وبات المراقبون ينتظرون منه أن يُخرج كل أسبوع أرنباً، كمثل طرح حكومة الأقطاب! إنه تصوّر يقارب الإعجاز، وهو يعني في حكومة سداسية، أن يقعد سعد الحريري وجبران باسيل وسمير جعجع ووليد جنبلاط ومحمد رعد وأورثوذكسي متوافق عليه على طاولة واحدة، ويعني أن في حكومة من ثمانية أقطاب، سيختلف الستة على هوية الوزير الكاثوليكي السابع ويتفقان على الأرمني، أما اقتراح حكومة من عشرة أقطاب فيعني حكماً أن حسان دياب باق باق باق.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |