هدفهم الجديد خطف الشارع والصوت الحرّ
بدأنا نشهد إضرابات ومطالب مشروعة، من العمال اللبنانيين ومن الشعب اللبناني، لكن المدهش أننا شاهدنا أيضاً إنخراط السياسيين والأحزاب في هذه الإحتجاجات الإجتماعية، حيث وقفوا (بفخر) إلى جانب الشعب والشارع المناهض لهم أصلاً، والمنتفض ضدّهم والمطالب بحقوقه الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية المحتجبة عنهم.
الأسئلة التي تطرح نفسها هي: مَن ضدّ مَن؟ ومَن مع مَن؟ وهل دخلت السياسة الشارع مجدداً؟ وهل إندست الأحزاب بدورها في المطالب الإقتصادية والإجتماعية المحقة؟ لسوء الحظ ما نشهده اليوم هو عيّنة صغيرة مما سنشهده في الأشهر المقبلة، وربما في السنوات المقبلة ايضاً.
أودُ التذكير، ولم يعد سراً على أحد، بأنّ ثورة 17 تشرين 2019، التي أشعلت الشارع، إفتُعلت في أول ليلة من بعض السياسيين والأحزاب تحت شعارات وأغراض ومطالب سياسية معينة، وضغوط بين بعضهم البعض. أما الثورة الحقيقية والمطالب الشفافة، بدأت في 18 تشرين، حيث الثورة التي بدأت سياسية، فلتت من أيادي الأحزاب والسياسيين، وفوجئوا للمرة الأولى بالمطالب الشعبية الحقيقية، ومن قوة الشعب الحرّ.
وبعد أن دُهش السياسيون والأحزاب بهذا التحرّك الشعبي الضخم، أُجبروا على التراجع والإختباء والإنتظار لإعادة التموضع، حيث إندسوا فيه، فدخلوه، وضربوه، وأفسدوه، وتعلّموا من هذه التجربة المُرة، حيث سيعملون ليل نهار كي لا يفلت الشارع من بين أيديهم السوداء وأهدافهم المشبوهة.
ما شهدناه أخيراً من بدء تحركات شعبية، هو عيّنة صغيرة وإختبار، حيث يندسّ السياسيون والأحزاب في التجمعات الشعبية المحقة، ويختبئون تحت الشعارات والمطالب الإقتصادية والإجتماعية، والأزمة الكارثية التي سببّهوها لأنفسهم.
علينا أن نكون مدركين بأنّ الأشهر المقبلة ستشهد إنخراطاً سياسياً وحسياً بين الشعب تحضيراً للإنتخابات النيابية.
والحقيقة المرّة، هي بعد أن حجبوا وكسّروا وأفلسوا الإقتصاد والشركات، هدفهم الجديد خطف الشعب والشارع والصوت الحرّ. هذا يعني أنّ كل السياسيين، والأحزاب، والأطراف، أعادوا النظر في رسم إستراتيجيات جديدة، وباتوا مهيّئين للنزول إلى الشارع، وإحتكاك الناس ببعضها، وإفتعال أي مشكلة، بهدف خطف الشارع، وحرفه عن الهدف المطلوب، والتهدئة تحت الشعارات المشروعة للحفاظ على هيمنتهم وسيطرتهم.
فلا يُفاجأ أحد من هذه العيّنة والتجربة الصغيرة، بأن تتكرّر مستقبلاً مع أي تحرّك شعبي جديد، وإنخراط السياسيين وأتباعهم في صفوف المواطنين الأحرار والجياع الحقيقيين، والإنخراط في الثورة الشفافة والمحقّة، لتحويلها من ثورة شرعية – شعبية وحقيقية، إلى ثورة سياسية، حزبية سوداء، تُحرّكها من وراء الستارة الأحزاب والجهات السياسية، كي يضعوا أياديهم على كل المؤسسات ومقدّرات الشعب والشارع، والشركات وكل المؤسسات.
ومثلما يتهيأ السياسيون والأحزاب لجولة جديدة، بغية القضاء على مقدّرات البلد، في المقابل، على المجتمع المدني، وهو سلطة الشعب الحقيقية، أن يتهيأ ويمنع أي إختراق لصوته الحرّ مهما كلّف الثمن. وعلى الجميع الحذر واللجوء الى مقولة الباحث الاميركي تيموتي تاكت في سنة 1793 الذي حذّر قائلاً: «الثورة تلتهم أبناءها».
مواضيع ذات صلة :
طليس: تأجيل اللقاء الحواري المقرر عقده الأربعاء | بعد “أزمة” فقدان الأدوية… طلبٌ من “الاتحاد العمالي العام” | هل يُصبح الحدّ الأدنى للأجور ٧ ملايين ليرة؟ |