من كان يخاطب حسان دياب؟
كتب جورج شاهين في “الجمهورية”:
مخطئ من كان يعتقد انّ خطاباً مماثلاً لخطاب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يمكن ان يمرّ على السلك الديبلوماسي، فهم مطلعون على كل شاردة وواردة يمكن ان تكون فاتته. فالخطاب الرسمي لأركان السلطة لم يعد له موقع مهم في الأوساط الديبلوماسية وأروقة المجتمع الدولي، الذي صُمّت آذانه على مضمون مذكراتهم وخطاباتهم، ما لم يُقدموا على ما هو مطلوب وما تعهّدوا به. فكيف يمكن تبرير ذلك؟
قد يقول قائل، انّ تحميل المسؤولية لدياب وحده في كل ما جرى، يحمل كثيراً من الظلم. فالمسؤولية نسبية، وهو أحد أركان السلطة التي لم تنجح في مواجهة اي أزمة من أزمات البلاد، وهي تتمادى في انكار الحقائق التي أدّت بالانهيار المحقق في بعض القطاعات نتيجة سياسات جعلت لبنان في عين العاصفة، وسمحت ان يكون مصطفاً في محور لا يجني منه اللبنانيون سوى أشكال العقوبات المختلفة والحصار المضروب والإهمال الدولي. فلبنان الذي كان مدعواً من المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان الى تجنّب الانخراط في حروب الآخرين والنأي بنفسه عن النزاعات الاقليمية والدولية الكبرى، انساق اهل الحكم عكس ما هو مطلوب منهم. فمنذ تشكيل الحكومة الاخيرة، انخرط الجميع في هذا المحور. ولم يكتفوا بذلك، فسلّموا امرهم أخيراً من اجل تشكيل الحكومة وتوفير الحصص المطلوبة من الحقائب إلى “حزب الله”، ليرتضوا بما يرتضيه امينه العام. كما من اجل توفير المخرج الذي يتجاوز ما قالت به المبادرة الفرنسية من المواصفات المطلوبة بالحكومة العتيدة، لتستعيد الثقة الخارجية والداخلية معاً، وبقي المعنيون من أهل السلطة اسرى البحث عن الحقائب التي تضمن مصالحهم والاحتفاظ بما تبقّى من المغانم المفقودة.
المجتمع الدولي ينتفض على دياب ويحاصره سياسياً
هجوم غير مسبوق.. أين “أخطأ” دياب في مخاطبته “رسل لبنان في العالم”؟
هذا غيض من فيض الآراء المتداولة في الصالونات الديبلوماسية. ولم يكن ينقص ليطفح الكيل بالديبلوماسيين المعتمدين في لبنان، وتحديداً ممثلي مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، أكثر مما حمله خطاب دياب امس الاول، من تجنٍ على المجتمع الدولي، وخصوصاً عندما تجاهل العون الدولي الذي ناله لبنان، تعويضاً عن العجز المتمادي في كل القطاعات الحيوية والحياتية، من طبية واستشفائية وبيئية وتربوية وصحية واجتماعية، والتي لم تكن لتتوافر للمنكوبين بعد مسلسل هزات إنفجار المرفأ وتداعيات جائحة كورونا والإنهيار المالي، في ظل الفشل الرسمي في إدارة المرحلة وتأمين الطريق المؤدي الى التعافي.
على كل حال، فقد كان الردّ الذي تولّته السفيرة الفرنسية آن غريو ونظيرتها الأميركية دوروثي شيا ومعهما مجموعة من السفراء العرب، بجرأة متناهية، ليتجاوز شخص رئيس الحكومة وليشكّل إدانة لأهل السلطة بكاملها بلا استثناء، بما فيها المؤسسات الدستورية التي قصّرت في تأدية واجباتها تجاه اللبنانيين، ومن أجل فك أسر التشكيلة الحكومية لترى النور.
وفي الخلاصة، لا يخفي اصدقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال عند الدفاع عنه، قلقهم من بعض الأخطاء المرتكبة، ومن بينها انّه كان عليه ان يعرف الى من يتوجّه في خطابه. فهو في الأمس كان يخاطب اللبنانيين العاجزين عن فهم ما يجري في لبنان، وليس السفراء الذين يعرفون “البئر وغطاه”، ولا يمكنهم السكوت على الفشل المتمادي في ادارة شؤون البلاد والعباد، ويعرفون الخفايا على حقيقتها من دون أي تلوينة يريد ان يعطيها البعض، او ابتداع اي سيناريو يخفي عوراتهم.
مواضيع ذات صلة :
مصير النازحين بلا أفق.. إلى أين سيتجهون بعد الحرب؟ | فيلم “الحزب” وهوكشتاين “الحبّوب” | جعجع: الممانعة تضعنا في الجحيم و”عم تغمقلنا”.. وربط لبنان بغزة “خطأ كبير” |