الرئيس القوي


خاص 11 تموز, 2021

كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:

هل اقتنع المسيحيون، والموارنة منهم بشكل خاص، أن الأقوى بينهم بالحجم التمثيلي الشعبي، ليس بالضرورة أن يتبوّأ الموقع الأوّل في تركيبة الحكم ما لم يتحلّ بصفات معيّنة تخوّله ان يكون الحكم العادل قبل أن يكون الحاكم العنيد المكابِر؟
هل اقتنع المسلمون، والسنّة منهم بشكل خاص، أن الأقوى بينهم في شارعه، بقدر ما قد ينجح في رئاسة مجلس الوزراء قد يفشل بإدارة الحكم إلى جانب الرئيس الماروني القوي؟ تفاهم الرئيس الأوّل والثالث يزيد رصيدهما في كل البيئات، ولنقارهما حول كل شأن وخيار، كديكين باكستانيين، تبعات قد تودي البلد إلى الهلاك المحتوم.
وهل اقتنع الشيعة، أن رئيس مجلس النواب القوي في طائفته، قد لا يكون كذلك على مستوى البلد متى جنح إلى مواقف غير ديمقراطية، كإقفال البرلمان في وجه زملائه النواب ، أو مقاطعته ( ونواب كتلته) جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، لمنع وصول مرشح الأكثرية إلى سدة الرئاسة؟
هل كان وجود عادل عسيران وصبري حماده وكامل الأسعد،في مجلس نواب واحد،كمتنافسين على الرئاسة الثانية أفضل؟ أو تفويض نبيه بري بالرئاسة الثانية مدى الحياة لعدم وجود “شيعي” قوي آخر؟
أخطأت بكركي، عندما تبنّت وشجعت على انتخاب الماروني الأقوى في طائفته رئيساً للبلاد، وحصرت الخيارات بأربعة: الرئيس أمين الجميل، العماد ميشال عون، الدكتور سمير جعجع ورئيس المردة سليمان فرنجيه.أخطأت عندما حددت ضمناً عناصر القوة، بالحجم الشعبي والتمثيلي لا بعناصر الإتزان والمعرفة والحنكة والحكمة والشجاعة ( لا التهوّر) وثقافة الحوار التي يمكن توافرها برئيس كفؤاد شهاب، الذي لم يكن رئيساً لكتلة نيابية يوم انتخابه. يُستشف من مغزى انتخاب رئيس قوي أمرٌ واحد: “ما بدنا المسلمين يطهبجوا علينا”
كل رئيس ماروني، جاء بعد الطائف “دبّج” أو بالأحرى “دُبّج” له خطاب قسم أقرب ما يكون إلى برنامج حكم، في ظاهره تمسّكٌ بالطائف وفي باطنه حنين إلى الصلاحيات المسبيّة، كل رئيس ضمّن تحفتَه الأدبية رؤيته الشاملة وبرنامجه للسنوات الست ( لا التسع). ما ينجح من عناوين البرنامج ينسبه الرئيس لشخصه الكريم أما الفشل في تحقيق أالأهداف فعائد لطبيعة النظام ( لا صلاحيات كافية لرئيس الجمهورية) ولتراكمات الثلاثين عاماً. وبعض الرؤساء يحملون الذهنية الطائفية كل الإخفاقات .وبعضهم يحملونها للطبقة السياسية.العونيون، كطبقة بشرية رسولية فوق الطبقات، يحملون الفشل للعوامل الأربعة.
في 31 تشرين الأول 2018أكد الجنرال في خطاب القسم على “ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني” الذي تحول دستوراً، الدستور نفسه وصفه ولي العهد بالـ “عفن” ،ويرجمه العونيون بمناسبة ومن غير مناسبة بأقذع الصفات.
حكى الرئيس في خطابه الأوّل عن المناصفة الفعلية وقد حوّلها إلى مسألة إشكالية عندما أريد للمناصفة أن تُطبق على مأموري الأحراج وكل التعيينات في نؤسسات الدولة.
ووضع الرئيس في أولوياته معالجة “سريعة” لملف النزوح السوري. وما تحقق في خلال خمسة أعوام إلاّ ربعا، بالفعل مذهل. لم يبقَ في لبنان من السوريين سوى عبد الكريم علي وطاقم السفارة!
وعد الرئيس في خطابه الإفتتاحي للعهد بقضايا كثيرة، تحقق منها قانون انتخاب عادل إلى حد ما، فقط لا غير. وفي قراءة متأخرة لفتني أمرين وردا في خطاب القسم البديع: إشارته عماد الوطن في مطلع خطابه إلى أن انتخابه صحح “الخلل السياسي” وقوله في الختام ” إن رئيس الجمهورية ضامن الأمان والإطمئنان.” وأنا اليوم، كمواطن مطمئن وشاعرٍ بأمان لم أعهده في العهود السابقة، بشوق لمعرفة ماذا سيقول الرئيس المقبل وبمَ سيعد مواطنيه وهو واقف على أشلاء الجمهورية؟
وأنا اليوم، وكل يوم أصلي، كي لا “يُنتخب” لنا ماروني قوي، كـ “جبل”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us