رياء باسيل الحكومي ومعادلة “حزب الله”
يميل معظم الوسط السياسي إلى ترجيح مواصلة الفريق الرئاسي وحليفه “حزب الله” المناورة نفسها التي جرى اتباعها حيال الرئيس المعتذر سعد الحريري، مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي.
منذ الأسبوعين الأولين لتكليف السفير مصطفى أديب، ثم بعد تكليف الحريري طُرح السؤال الجوهري: هل أن عون وباسيل و”حزب الله” سيقبلون بحكومة اختصاصيين مستقلين وغير حزبيين يتخذون القرارات من دون الرجوع الى مرجعية “الحزب”؟
فالثنائي المتحالف الذي قام بتشكيل السلطة منذ 2016 وفق مقتضيات انتمائه إلى محور الممانعة اعتاد على ان يحصر القرارات المهمة به. حتى تلك المتعلقة بالمنافع والقضايا المحلية التي لا تؤثر بالخيارات الإقليمية ولا تتأثر بها، كان “الحزب” يبدي تساهلاً لما يريده فريق عون-باسيل الحليف كجوائز ترضية.
وإذا كان يفترض أن تتغير هذه القاعدة بعد ثورة 17 تشرين، كما توهم الراعي الفرنسي ، فإن تجربة رفض “الحزب” و”التيار الوطني الحر” فكرة تولي شخصية مستقلة تتمتع بالكفاءة العالية مثل الدكتور نواف سلام، منذ طُرح اسمه ، كان الدليل الواضح على رفض التحالف المسيطر على مقاليد السلطة تغيير نهجه.
وما الحملة التي شنها “الحزب” على نواف سلام في حينها بهدف استبعاده، إلا لأنه كان أول من ابتدع شعار “النأي بالنفس”، عام 2011، والذي صار لازمة في البيانات الحكومية والدولية، ما دفع “الحزب” إلى اعتبارها “بدعة”. فنقضها “الحزب” بتدخلاته الإقليمية.
أما باسيل فخالفها كوزير للخارجية في تمثيله لبنان في المحافل العربية والدولية، التزاماً بإرادة “الحزب”، متسبباً بتدهور علاقاته العربية، لينال مقابلها الهدايا الداخلية من حليفه.
فالنأي بالنفس كان يقتضي في الوقت نفسه سياسة داخلية توقف مبادلة الجموح نحو الهيمنة على السلطة، لتحقيق المكاسب الفئوية، مقابل التزام الحليف العوني سياسة “الحزب” الخارجية.
وإذا كانت المناورة المكشوفة لباسيل قمة الرياء بادعائه تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، فإنها فقدت مفعولها منذ إطلاقها من جهة سعت على مدى السنة الماضية لتقويض مبدأ حكومة الاختصاصيين المستقلين، التي يرمز إليها سلام، بإصراره على تسمية الأحزاب لهؤلاء.
وأول من لم يغشهم طرح اسمه غطاء لأهداف تتعلق بممارسة ضغوط على الرئيس المكلف من أجل انتزاع مطالب توزيرية منه، هو سلام نفسه، إضافة إلى الجمهور اللبناني العريض. فهو رفض استخدامه مطية لأغراض تعاكس الرؤية الإنقاذية التي يطرحها.
من المستبعد أن تتغير المعادلة في التعاطي مع تكليف ميقاتي. وإذا كان “حزب الله” يؤيد تولي الأخير المهمة فإنه في المقابل، وحتى إشعار آخر، يترك لحليفه عون – باسيل أن يطرح شروطه الحكومية ليبقى التأليف، ومعه الخطة الإنقاذية معلقين على حبال العلاقة الأميركية الإيرانية التي تزداد تعقيداً.
المصدر: وليد شقير – نداء الوطن