ومتى تحترق هذه الدولة؟
لتحترق القبيات وعندقت وأكروم والقرى الجبلية التي تتلوى وتبكي على ألسنة النيران التي تأكل الأخضر واليابس على مساحة 11 كيلومتراً مربعاً، فليس في هذا البلد السائب أي مسؤول او دولة، لأن ليس في تاريخ هذا البلد، شعب سحب مسؤولاً من رقبته وحاسبه الحساب العسير. لتحترق القبيات وغيرها، فالدولة في هذا البلد المسخرة، لم تسمع بمواسم الحرائق ولم تتنبه الى ان هذا يتطلب الإستعداد. بلى طلب رئيس الجمهورية ، من وزير الداخلية قبل أسبوعين ان يستعد ويحضّر الإطفائيات، ولكن من اين يا حسرتي، يقول محمد فهمي الذي يكرر “ان الوضع على الأرض”، وان ليس في وسع هذه الدولة المنهوبة ان تؤمّن إطاراً لسيارة إطفاء هذا اذا تمكنت من تأمين المازوت لمحركاتها. لتحترق القبيات، فنحن مجرد بلد خلقنا الله لتأكلنا وحوش الحرائق، ووحوش النهب في المسؤولية والسياسة، وليس لنا ان نعرف يوماً شيئاً عن ثورة شعب ينتفض فيحرق هذه الجماعة السياسية القبيحة. لتحترق القبيات، فنحن غارقون في هموم تشكيل الحكومة، ولن يجد وزير الداخلية ولو خوذة يزوّد بها رجال الإطفاء والأهالي، ولن يتمكن من ان يرسل نربيشاً الى عكار لمكافحة النار، وإن ارسل فليس من ماء في الحنفيات، ونحن مجرد ناس فقدوا الغضب وفقدوا الحسّ، وإلاّ لكانت النار تندلع الآن في هيشة هذه الدولة كما تندلع في عكار. هل يتذكر احد من المسؤولين عام 2019 عندما اندلعت سلسلة من حرائق الغابات وأتت على مساحات كبيرة من لبنان؟ وهل يتذكر احد قصة طائرات السيكورسكي الثلاث التي قُدمت هبة للدولة الغبية عام 2009، ورغم انها قامت بمكافحة عدد من الحرائق تبين انها احيلت على التقاعد عام 2012، ثم بيعت كخردة لمجرد حاجتها الى خمسة ملايين دولار للصيانة؟ ومنذ جحيم حرائق 2019 ماذا تعلمنا، غير قول وزير الداخلية “ان الوضع على الأرض”، إذاً لتحترق القبيات وعندقت، وطبعاً لتحترق الدولة بالتالي بمن فيها، اذا كنا سنظل شحّادين للإطفاء كلما دهمتنا الحرائق. لا الدولة تعلمت إطفاء الحرائق ولا الشعب تعلم كيف يحرق هذه الدولة؟
المصدر: راجح خوري – صحيفة النهار